كشفت مصادر برلمانية مطلعة، أن هناك صراعاً خفياً بين نقيب المحامين المصري سامح عاشور، والمستشار القانوني غير المعلن للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي محمد بهاء أبو شقة، على خلفية اعتزام الأخير الترشح لمنصب النقيب في انتخابات المحامين المقررة نهاية العام الجاري، ودفع الأول بتعديل تشريعي على قانون النقابة يسمح بإجراء انتخاباتها مبكراً، والسماح بترشحه مجدداً لأربع سنوات قادمة.
وأوضحت المصادر التي فضلت عدم نشر اسمها، في حديث خاص مع "العربي الجديد"، أن عاشور قضى في منصب النقيب مدتيه المحددتين بثماني سنوات في قانون النقابة، فلا يحق له الترشح مرة ثالثة، ما اضطره إلى تمرير مشروع قانون باسم مجلس النقابة عبر النائبين في البرلمان سليمان وهدان، وثروت بخيت، يُدخل تعديلات واسعة على قانون النقابة، تشمل إجراء الانتخابات قبل موعدها المحدد سلفاً في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
وأفادت المصادر بأن رئيس اللجنة التشريعية في البرلمان، بهاء الدين أبو شقة، يحاول التصدي بقوة لمشروع القانون، وعرقلته من خلال حشد مجموعة من أعضاء اللجنة ضده، بهدف إفساح الطريق لترشح نجله محمد لمنصب النقيب، وخصوصاً مع علمه بحظوظ عاشور الوافرة في الفوز بالمنصب، إذا ما سُمح بترشحه مرة أخرى، ولا سيما في ضوء علاقاته الواسعة مع جموع المحامين.
وتنحى أبو شقة عن رئاسة اللجنة، خلال نظرها التعديلات المقترحة على قانون نقابة المحامين، بحجة استشعاره الحرج، وما تردد حول إعداد مشروع القانون من أجل استمرار النقيب الحالي في منصبه، معلناً إحالة الموضوع إلى رئيس مجلس النواب، علي عبد العال، بعد أن شهدت اللجنة خلافات حادة على مدار ثلاثة أيام ما بين رأي المؤيدين والمعارضين لتعديل القانون.
وشدد النائب وهدان، الذي يشغل منصب وكيل البرلمان، على أهمية تمرير التعديلات المطروحة على قانون النقابة الحالي، بدعوى الارتقاء بأوضاع المهنة، معتبراً أن الاختلاف على مشروعات القوانين "سنة محمودة"، وفي النهاية يجب الوصول إلى صياغة تشريعية ترضي الأطراف كافة، ما أيده النائب كمال أحمد، مطالباً بضرورة فتح النقاش حول موادّ القانون، بدلاً من مناقشته من حيث المبدأ.
في المقابل، قال النائب ضياء الدين داوود، إن رئيس اللجنة لا يمكن أن يمرر تعديل القانون بهذه الصورة، لأنه مؤتمن على الشؤون التشريعية في البرلمان، وكذا على نقابة المحامين، ومهنة المحاماة، بوصفه محامياً في المقام الأول، مستطرداً: "من غير المقبول أن تخرج اللجنة بمثل مشروع القانون هذا، لأن الجميع يعلم أنه وضع من أجل مصلحة شخص واحد بعينه".
وأضاف داوود: "مشروع القانون ابتعد عن الأهداف والأطر المجردة المستهدفة من التشريع، وهو أمر لا يتصور أن يكون في تاريخ رئيس اللجنة أو أعضائها"؛ ما أيده النائب أحمد الشرقاوي، بالقول: "نحن ننقل نبض المحامين من أن مشروع القانون معدّ من أجل النقيب الحالي، وهذا أمر مرفوض"، ما رد عليه كمال المؤيد للتعديل، قائلاً: "ما يحدث من ضغوط وإرهاب من بعض النواب هو أمر مرفوض".
وعقب الشرقاوي على كمال، بالقول: "عيب كده، أنت من أقدم البرلمانيين في المجلس... حافظ على ما تبقى لك من تاريخ"، ليعقب عليه: "بس يا بني أنت وهو، مش أنتم اللي تقولوا لي كده... عيب ما يحدث معي من مراهقين برلمانيين"، ليقول داوود: "أنت موقع على مشروع القانون بخصوص التعديلات، ولا يجوز لك الدفاع عنه بهذه الطريقة".
ويعد محمد بهاء أبو شقة أحد المحسوبين على دائرة السيسي المقربة، لكونه شغل منصب المتحدث باسم حملته الانتخابية في عامي 2014 و2018؛ واشتهر بتولي الدفاع عن قضايا رجال أعمال نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، وهو من أعدّ مذكرة النقض على حكم إعدام رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى، ليقضي على إثرها أقل من سبع سنوات في السجن.
ونشر العضو السابق بحملة السيسي الانتخابية، حازم عبد العظيم (معتقل حالياً)، في يناير/ كانون الثاني 2016، شهادته عن كواليس تشكيل قوائم الانتخابات النيابية داخل أروقة جهاز الاستخبارات العامة، في حضور وكيل الجهاز الأمني، وأربعة من ضباط الاستخبارات، من بينهم نجل السيسي (محمود)، وأبو شقة (الابن)، الذي أدى دور الوسيط في هذه الاجتماعات.
وتضمنت تعديلات القانون تأكيد الحماية التي ينعم بها المحامي أثناء عمله بالمحاكم، وأمام جهات التحقيق والاستدلال، وأن يكون المنضم إلى جداول النقابة من الحاصلين على الثانوية العامة لوضع حد لأزمة التعليم المفتوح، مع وضع نصّ متعلق بأتعاب المحاماة لتحصل مقدماً أثناء قيد الدعوى، شأنها شأن كل رسومها، بما يضاعف من موارد النقابة.
ونصّت التعديلات على أن يُشكل مجلس النقابة من نقيب المحامين، وثمانية وعشرين عضواً، ويراعى في انتخابهم أن يكون نصف عدد الأعضاء على الأقل من المحامين المقبولين للمرافعة أمام محكمة النقض أو محاكم الاستئناف، وأن يمثل المحامون في دائرة كل محكمة استئناف، عدا محكمة استئناف القاهرة، بعضوين على الأكثر، وفي الهيئات العامة والوحدات الاقتصادية وشركات قطاع الأعمال بثلاثة أعضاء.
اقــرأ أيضاً
ونصّت كذلك على أن يُجرى الانتخاب لاختيار النقيب، وأعضاء مجلس النقابة العامة، بدار النقابة، وفي مقر النقابات الفرعية، أو أندية المحامين، وفقاً للقواعد والإجراءات التي يحددها النظام الداخلي للنقابة. ويكون الانتخاب بطريق الاقتراع السرّي المباشر، وبالأغلبية النسبية؛ فإذا تساوت الأصوات بين أكثر من مرشح للعضوية، يُعاد الاقتراع بين الحاصلين على الأصوات المتساوية تحت إشراف قضائي.