ويستشهد المؤرخون بقول إدريس الثاني مؤسس مدينة فاس "سأرحل من مدينة صفرو إلى قرية فاس"، للإشارة إلى قدمِها.
وتُعرف مدينة صفرو باحتضانها عبر التاريخ للعديد من اليهود، منهم حاخامات عاشوا قسطاً من الدهر في المدينة ودفنوا في مقبرتها اليهودية، منهم الحاخام أجياني الذي كان يترأس الطائفة اليهودية بصفرو، قبل أن يتم نقل جثمانه إلى القدس المحتلة سنة 2011.
ولا تزال أحياء "الملاح" شاهدة على حضور الطائفة اليهودية بمدينة صفرو، كما في مدن فاس والرباط وسلا وغيرها من مدن المملكة الأخرى، وتوجد في أرجاء "المدينة القديمة" المعروفة بعمرانها التقليدي والبسيط، غير أن أعداد اليهود بصفرو تناقصت بشكل لافت بعد أن غادروها صوب الأراضي الفلسطينية المحتلة.
يقول إدريس الوردي، الضابط المتقاعد وابن مدينة صفرو: "إن اليهود كانوا أغلبية سكان المدينة، وكانوا يسكنون في حي يسمى حي الملاح".
ويتابع قائلا: "اشتهروا بالتجارة بعد قدومهم من الأندلس هرباً من الاضطهاد، ثم هاجر أغلبهم إلى أوروبا والشام في سبعينيات القرن الماضي، ومنهم من اعتنق الإسلام وانتقل إلى مدن مغربية أخرى، ولا تزال آثار بيوتهم ومنازلهم في هذا الحي، إلا أنها أصبحت خرائب مهدمة لا يسكنها أحد".
وتضم مدينة صفرو مقبرة كبيرة لليهود الذين عاشوا فيها قديماً، إذ يأتي أقاربهم وذووهم لزيارتهم كل عام.
وكانت تشتهر أحياء الملاح بمدينة صفرو بتواجد طاغ لليهود الذين كان أغلبهم يتخذ التجارة مهنة سواء بيع الملابس والزرابي في "السويقة" للمدينة العتيقة، أو إصلاح الساعات والعطارة وحتى الحلاقة، الشيء الذي أرسى وفق المطلعين على تاريخ المدية جسورا من التعايش بين المغاربة واليهود داخل صفرو.
ويوضح أحمد الإدريسي، حارس المقبرة، أن الآلاف من اليهود يأتون لزيارة المقابر وإضاءة الشموع، كما ينظمون احتفالاً سنوياً لأحد الحاخامات ويُدعى "رابي رفاييل موشي الباز"، وهو احتفال يُسمى "الحيلولة"، في ذكرى وفاة الحاخام المذكور.
وبكلمات عبرية يردد عبارات الترحيب والتبريك، ويقول عند باب المقبرة "أهلا بكم في بيت الحياة". ويقرأ أسماء يهود دفنوا في المقبرة.