صناعة الخوص واحدة من أقدم المهن الشعبية في العراق، وتكاد تكون الأولى التي عرفها العراقيون منذ القدم. لا تزال قائمة في بغداد حتى اليوم، ولها زبائنها من مختلف الأعمار والطبقات الاجتماعية، وتعتمد على أدوات بسيطة بعيداً عن المعدات والمكائن الصناعية. مهنة توارثها الأبناء من الآباء والأجداد وصارت مصدرا للمعيشة ولها خصوصية تراثية.
يطلق على صاحب هذه المهنة "الخواص" نسبة إلى سعف النخيل التي تسمى في العراق "الخوص".
يقول حسن السعدي (35 عاماً) وهو أحد أصحاب هذه المهنة: "نصنع من سعف النخيل الكراسي والكنبات والأسرّة وكذلك أقفاص الطيور والمراوح اليدوية والشبابيك الداخلية والديكورات المختلفة وأموراً أخرى حسب الطلب".
ويضيف السعدي "قلَّ إنتاجنا لعدّة أسباب أولها الإهمال الذي تعاني منه النخلة التي هي المصدر الوحيد لعملنا، ويصل إلينا سعف لا يصلح للعمل لعدم تلقيح النخيل ومشاكل أخرى، بعكس الاهتمام الذي كانت تلاقيه النخلة قبل عام 2003".
ويشير السعدي إلى أن الوقت المستغرق في صناعة الكرسي بمقعد واحد يتسع لشخص يصل إلى ساعتين، أما المعقد لشخصين فتصل مدة إنجازه إلى ثلاث أو أربع ساعات وهكذا".
ويتابع "يرتكز عملنا اليوم على صناعة أقفاص الطيور غالباً"، مضيفا "مهنتنا اليوم تعاني من الاندثار، ولم يبقَ في مهنتنا سوى خمس محال في سوق الملحاني، الذي يقع في منطقة الكاظمية".
ويقول كمال الجميلي (73عاماً) "انتهى زمن هذه المهنة مع انتهاء إكرام عمتنا النخلة، لقد مرت على النخلة سنون عجاف بعدما كانت عروس العراق ورمزه".
وأضاف الجميلي "للحفاظ على البيئة كان لزاماً على الحكومةِ الاهتمام بالنخلة، وهذه الحرفة المهمة في تاريخنا الممتد إلى أكثر من 7000 آلاف عام".