ويمتنع "العربي الجديد" عن عرض جميع هذه الصور والمقاطع المصورة، لما تحتويه من مشاهد صادمة ومؤذية.
ولقيت هذه الجرائم استنكاراً واستهجاناً واسعين على الصعيد المحلي والدولي، اضطرت حفتر إلى إصدار أوامر بالقبض على مرتكبي هذه الجرائم وتقديمهم للمحاكمة العسكرية. مجرمون لم يتوانوا عن التقاط صور "سيلفي" إلى جانب جثث ضحاياهم بعد التنكيل بها، كما تظهر هذه الصور.
وبعيدا عن التساؤلات حول صدقية قرار حفتر، ولا سيما أن القائم على ارتكاب هذه الجرائم قائد بارز في قواته، وهو النقيب محمود الورفلي، أبرز قيادات التيار المدخلي السلفي، الذي بات يتخوف حفتر من إزعاجه، مخافة انقلابه عليه، لتضخم نفوذه في أوساط قواته، فإن اللافت للنظر، أن هذه الجرائم لم تكن وحدها، بل صاحبتها تعديات صارخة أخرى.
وانصب اهتمام الرأي العام على مشهد استخراج جثة القيادي بمجلس شورى بنغازي جلال المخزوم من قبره، ووضعها على سيارة والتجول بها في طرقات بنغازي، وسط إطلاق نيران كثيفة وعبارات بذيئة، قبل أن تشنق الجثة في أحد معسكرات الصاعقة، حيث يؤكد شهود عيان أنها لا تزال هناك معروضة للمتفرجين.
لكن الحادث واكبته مجزرة، تمثلت في قتل أسرى مدنيين كانوا محاصرين طيلة أكثر من شهر داخل عمارات 12 بحي قنفودة، الذي تمكنت قوات حفتر من اقتحامه قبل أيام.
أحد مقاطع الفيديو التي صورها بشكل واضح مقاتلو حفتر، أظهرت جريمة حرق عدد من المدنيين، وعلى ما يبدو من مشاهد جثثهم المحروقة أنهم كانوا أحياء وقتها، يصاحب المشهد سباب وشتائم وعبارات تشفٍّ.
صور ولقطات أخرى أظهرت مدنيين آخرين تم قتلهم بواسطة الرصاص، ضمن جثث أخرى يبدو أنها استخرجت من قبورها، ومما يردّ على ادعاءات قادة قوات حفتر، بأن جميع القتلى سقطوا أثناء اشتباك، ظهور جثة امرأة من بين القتلى، بالإضافة لرجل لحيته بيضاء، مما يشير إلى تقدمه في السن.
مقطع آخر عرضته صفحات موالية لحفتر، أظهر فتاتين كان يحاورهما أحد جنود حفتر، والذي لم يستطع منع الفتاة من القول إنها كانت تُضرب وأمها من قبل زملائه، وربما أكثر من ذلك، ورغم انتشار التسجيل وما لقي من استهجان شديدين، إلا أن مصير الفتاتين لا يزال مجهولا حتى الآن.
ورغم إعلان قيادة قوات حفتر أنها تمكنت من إجلاء سبع أسر من العمارات، إلا أن موقع المنارة للإعلام الليبي قال إن سبع أسر تمت تصفيتها، ويتبين أن من بين هذه الأسر 20 امرأة، وطفلاً عمره عام ونصف العام.
وأثبتت تسجيلات وصور أخرى أن الحادث جزء من سلوك إجرامي، بات على ما يبدو نهجاً طبيعياً في أوساط مقاتلي قوات حفتر. وحصلت "العربي الجديد" على صورة لأحد مقاتلي حفتر يقف مزهواً على جثة شخص لا يرتدي ملابس عسكرية، دُهس بواسطة دبابة، وهي صورة يعتقد أنها كانت أثناء الاقتحام الأخير لمنطقة الهلال النفطي، من قبل قوات حفتر التي نفذت خلالها حملات اعتقال واسعة بحق أهالي المنطقة المعارضين لحراك حفتر العسكري.
ويبدو أن تصريحات الملازم فرج قعيم، أحد قادة حفتر في بنغازي، في يونيو/حزيران من العام الماضي، والتي فجر من خلالها حقائق بوجود تصفيات داخل بنغازي على يد قادة آخرين، لم تعد هذه التصريحات مفاجئة الآن؛ فالقائد البارز في قوات حفتر النقيب محمود الورفلي، والذي برز نجمه خلال حادثة التمثيل بالجثث الأخيرة، يبدو أنه أحد المقصودين بتصريحات قعيم.
والنقيب الورفلي، أحد أفراد القوات الخاصة التي يترأسها العميد ادريس بوخمادة، كلف قبل نحو عام ونصف العام بإمرة محاور القوات الخاصة في بنغازي، وعرف عنه تشدده الديني ومجاهرته بانتمائه للمذهب المدخلي، الذي يرى وجوب قتل خصومه الموسومين بـ"الخوارج".
وفي يونيو/ حزيران من العام الماضي، نشر الورفلي على حسابه الخاص على "فيسبوك"، تسجيلا مصوراً يظهر فيه رفقة زملائه بجانب سيارة تحمل شعاراً عسكرياً تحت اسم "القوات الخاصة الليبية، الصاعقة والمظلات" وهو يردد نصوصاً دينية توجب قتل "الخوارج" قبل أن يطلق الرصاص على أسير كان يقف رافعاً يديه أمامه.
الفيديو ذيّله الورفلي بعبارات نابية، يتحفظ "العربي الجديد" عن نشرها. فيما ظهر الورفلي في تسجيل آخر، وهو يقوم بتصفية ثلاثة شباب وسط حي سكني، من دون أن تتضح هوية المقتولين وأسباب تصفيتهم.
صفحة الورفلي كانت مشاركة في الشهر ذاته لمنشورين آخرين لأحد زملائه من مقاتلي الصاعقة، على صفحته على فيسبوك، يبلغه فيهما بأنه رفقة زملائه في الصاعقة عادوا من جولة للتصفيات والقتل، ويحدد أكثر بأنهما كانا في شارع عشرين وشارع بيروت في بنغازي، اللذين كانا في قبضة قوات حفتر في ذلك التاريخ.