ليس بمقدور جميع الطلاب في تونس الاستمتاع بالعطلة الصيفية. يحظى بذلك، غالباً، أولئك الذين ينتمون إلى الطبقات الميسورة، فيما يضطر البعض من الطبقة المتوسطة أو الفقيرة إلى البحث عن عمل مؤقت لمساعدة عائلاتهم، وتأمين مصاريف سنتهم الدراسية المقبلة.
مراكز النداء
في إحدى شوارع مدينة باردو في العاصمة تونس، كان الطالب في المعهد العالي للفنون كريم المجرصي يرسم على واجهة أحد محال بيع الهواتف الخلوية. يقول إنه "يستغل مهارته في الرسم للعمل خلال العطلة الصيفية بهدف كسب المال وتأمين مصاريف دراسته للعام المقبل". ويشير إلى أنه "يعمل على رسم لوحات تُجسّد المدن التونسية الجميلة، كسيدي بوسعيد وحلق الواد، أو أحياء المدينة العتيقة، ويعرضها للبيع في عدد من المحال في الشارع. وأحياناً، يرسم على جدران واجهاتها". ويؤكد أنه "يستمتع بهذا العمل لأنه ينمي موهبة الرسم لديه، ويمكنه أيضاً من ادخار بعض المال".
بدورها، تقول مفيدة (23 عاماً)، وهي طالبة في كلية الحقوق، إنّها "تضطر للعمل في محل لخياطة الملابس الجاهزة في الصيف، وأحياناً خلال عطلة نصف السنة الدراسية، بسبب حاجتها للمال"، لافتة إلى أن "عدداً كبيراً من أصدقائها يرفضون ذلك تماماً، ويصرون على أخذ قسط من الراحة". وتشير إلى أنها "باتت تتقن أعمال الخياطة جيداً، وقد تتخذ منها مهنة مستقبلية لأنها تدرك مدى صعوبة الحصول على عمل في اختصاصها بعد التخرّج".
وغالباً ما يلجأ الشباب إلى البحث عن عمل في مراكز النداء (مراكز اتصالات تتلقى وترسل طلبات عبر الهاتف، وتقدم معلومات للمستهلكين) نظراً لوفرة عروض العمل فيها، ورواتبها الجيدة، عدا عن أنها لا تشترط في المرشح سوى إتقان إحدى اللّغات الأجنبية، وخصوصاً الفرنسية.
فلّ وياسمين
ولا يغيب الأطفال، أيضاً، عن سوق العمل خلال فصل الصيف. هؤلاء ليسوا بمتسرّبين، لكن ظروفهم المعيشية أجبرتهم على تحمّل المسؤولية باكراً. يختار بعضهم بيع عقود الفل والياسمين، أو المناديل الورقية. يختارون صيد زبائنهم على الطرق الرئيسية داخل المدن. آخرون يقصدون الشاطئ لبيع الآيس كريم وبعض المأكولات الخفيفة.
قد يكون بعضهم أكثر حظاً، فيحصل على عمل داخل إحدى المقاهي والمطاعم، أو الحرف اليدوية كالحدادة والنجارة. وهؤلاء لا تخونهم أجسادهم الصغيرة، ولا يتوقف غالبيتهم عن العمل إلا قبل يوم واحد من بداية السنة الدراسية الجديدة.
يقول محمد الذي يستغل الصيف لبيع عقود الياسمين والفل في المقاهي والمطاعم، إن "ليس لديه يوم للراحة، وخصوصاً أن الشباب يقبلون على شراء هذه العقود لإهدائها للفتيات". كذلك، يلجأ آخرون إلى بيع الأكياس البلاستيكية في الأسواق، أو يجرون عربات صغيرة لبيع الحلوى أو المياه الباردة أو الخبز.