تفصل البريطانيين أيام قليلة عن موعد الانتخابات العامة في السابع من الشهر المقبل، ولا يكاد حدث أو حديث يطغى على وسائل الإعلام إلا المنافسة بين الأحزاب السياسية ومرشحيها وبرامجها الانتخابية، وسباق الأيام الأخيرة للفوز بقلوب الناخبين وعقولهم، وربما النجاح في قلب كل التوقعات.
لكن هذه الأجواء الحافلة بالإثارة والمنافسة لا يبدو أنها جاذبة بما يكفي لحث الناخبين من الأقليات الإثنية في جدوى المشاركة بالعملية الانتخابية، أو إقناعهم بقيمة الصوت الناخب عندما تشتد المنافسة بين المرشحين.
ورغم أن بيانات الإحصاء السكاني الذي أجري في العام 2011 أظهرت أن 12.9 في المائة من مجموع سكان بريطانيا ينحدرون من أصول إثنية، إلا أن هؤلاء غير ممثلين في البرلمان إلا بـ 27 نائباً (4.2 من مجموع أعضاء البرلمان الـ 650)، منهم 16 من اليهود. ويعود السبب في هذه النسبة المتدنية إلى إحجام الغالبية الساحقة من هذه الأقليات عن المشاركة في العملية الانتخابية، أو عدم دعم المرشحين المنحدرين من أصول إثنية.
اقرأ أيضاً (الانتخابات البريطانية: لوبي إسرائيل يحشد للمحافظين)
وحتى عام 2010، كان معظم النواب المنتخبين من الأقليات يصوتون لصالح حزب "العمال"، لكن الصورة تغيرت لاحقاً، إذ ارتفع عدد النواب المحافظين المنحدرين من الأقليات الإثنية في الانتخابات الماضية من نائبين إلى 11 في عام 2010. فيما تمثيل المرأة ذات الأصول لا يزال ضعيفاً، إذ لم يضم مجلس العموم قبل عام 2010، إلا نائبتين فقط من أصول، ولم يكن هناك أي نائبة عن الأقليات الآسيوية، إلى أن شهدت انتخابات العام 2010 وصول أول امرأة إلى مجلس العموم. وارتفع بذلك عدد النائبات من الأقليات العرقية الآن إلى 10 نائبات.
ويُرجع المتابعون للشؤون البرلمانية البريطانية ضعف تمثيل الأقليات الإثنية في مجلس العموم البريطاني إلى سبب رئيسي، يتمثل في عدم مشاركة الناخبين من الأقليات في العملية الانتخابية بشكل فاعل، يدعم انتخاب المزيد من النواب الممثلين للمجتمعات الإثنية. وفي حين تظهر الأرقام الرسمية أن 8 في المائة فقط من البريطانيين غير مسجلين في جداول الناخبين، تصل هذه النسبة إلى 24 في المائة في أوساط الأقليات الإثنية، وترتفع إلى 50 في المائة في أوساط الناخبين المنحدرين من أصول أفريقية.
وتوضح أبحاث مسحية حول اتجاهات الناخبين البريطانيين من أصول إثنية أن ضعف إقبال هؤلاء الناخبين على الإدلاء بأصواتهم، يرجع أيضاً إلى تشكك هذه الأقليات في مدى اهتمام المؤسسات السياسية بهموم الأقليات ومطالبهم. كما يشكك البعض في جدوى العملية الانتخابية أساساً في التأثير بالسياسات العامة، وربما يعود هذا إلى إسقاط التجارب غير الديمقراطية التي عايشوها في بلادهم الأصلية على الواقع البريطاني، مما يدفعهم إلى عدم المشاركة في الانتخابات.
إضافة إلى ذلك، فإن هناك شريحة من البريطانيين من ذوي الأصول لا يعتقدون بالمساواة في التمثيل داخل المؤسسات السياسية، ويعتقدون أن المجتمع البريطاني عنصري، لا سيما تجاه السود من الأصول الأفريقية، وكذلك القادمين من منطقة الكاريبي.
أما عن أسباب ميل الناخبين من الأقليات لحزب "العمال"، كما تبين نتائج الانتخابات السابقة (في انتخابات عام 2010، 68 في المائة من أصوات الأقليات جاءت لصالح "العمال" مقابل 16 في المائة فقط لصالح المحافظين)، فتظهر الدراسات المسحية أن الأقليات تؤيد تاريخياً حزب "العمال"، لأن برامجه وسياسات حكوماته تحمي حقوق الأقليات العرقية، في مقابل اليمين الذي غالباً ما يفرض التشريعات المعادية للمهاجرين.
اقرأ أيضاً (أوروبا العقدة الأصعب في الانتخابات البريطانية)