تختلف الأحلام من شخص لآخر. في لبنان، الأحلام هي الحقوق التي لم توفرها الدولة لمواطنيها. يرغب أحمد (28 عاماً) بالزواج. يتمنى أن يلتقي بفتاة "غير متطلبة". فلا يشترط أهلها حفل زفاف ضخم وامتلاك شقة. يُضيف ساخراً: "أتمنى ألا أضطر لبيع نفسي لتأمين المال والزواج، وأن ينخفض سعر العقارات". يرى أن الحل لمشاكله يكمن في "ربح ورقة اللوتو، وهذا ما يتمناه".
في أحد شوارع بيروت، كانت امرأة عجوز تتنقل من سيارة إلى أخرى، تطلب من أصحابها الحصول على المال لشراء أدوية، فهي تعاني من مرض السكري. تحملُ في يدها كيساً أسود بداخله علب أدوية فارغة تصر على إظهارها للمارة لتأكيد حاجتها للدواء. تقول: "لا أولاد لي وآكل من سلال المهملات". فقدت هذه العجوز حبها للحياة. لا تنتظر شيئاً من العام الجديد. تلفت إلى أنها "لم تعد متفائلة. فليقروا لنا ضمان الشيخوخة حتى نسترجع كرامتنا".
في المقابل، لم تفقد أم سامر الأمل بالحياة علماً أنها أصيبت بمرض السرطان في معدتها، وكلفة علاجها كبيرة. ترفض مناشدة الدولة لخفض كلفة العلاج والاستشفاء. تقول: "في لبنان، إذا كان المريض فقيراً، يلفظ أنفاسه الأخيرة على أبواب المستشفيات. هذا ظلم. لا أتمنى سوى الشفاء من أجل البقاء إلى جانب أولادي ورؤية أحفادي". أما عاطف (61 عاماً)، الذي يشاهد نشرات الأخبار يومياً لمتابعة مستجدات قانون الإيجارات، فيعيش حالة من القلق والتوتر خشية أن يجد نفسه فجأة مرمياً في الشارع من دون أية تعويض. يقول لـ "العربي الجديد": "خلال الحرب الأهلية، استأجرت منزلاً. كان بدل الإيجار لا يتعدى الـ 300 دولار في السنة. ما زال يقطنه حتى اليوم، إلا أنه قد يضطر للخروج منه. لا يستطيع شراء منزل في بيروت بسبب ارتفاع أسعار العقارات". يتابع: "أريد أن يكون العام الجديد عادلاً، ويراعي احتياجات الفقراء، وأتمكن من شراء منزل متواضع. فلأصحاب الأملاك الحق في استرجاع عقاراتهم".
أما محمد (45 عاماً)، فيتمنى ألا يمضي سهرة رأس السنة على ضوء الشمعة، وتشعر الدولة بمسؤوليتها تجاه المواطنين الذين كرهوا حياتهم بسبب الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي. يقول إنه "يعاني من مرض القلب، ويقع بيته في الطابق الـ 11، ما يضطره إلى دفع أموال كثيرة لأصحاب المولدات الكهربائية". يتابع "لا غنى عن المولدات أو أخسر حياتي".
لمروى الشابة تمنيات مختلفة. خلال عامها الدراسي، عانت كثيراً من الطائفية في جامعتها. التعبير عن الرأي كان السبب في تغيير مسار حياتها إلى الأسوأ. حوربت من قبل الأحزاب التي لم تلتق مع أفكارهم ومبادئهم، وتخلى عنها أقرب أصدقائها. عائلتها أيضاً تعرضت لاعتداءات متكررة، ما دفع والدها إلى إقفال متجره ومصدر رزقه. تقول إن "بعض جامعات لبنان تغزوها الأعلام الحزبية وصور الزعماء السياسيين". تتمنى أن تتمكن من متابعة تحصيلها العلمي خارج لبنان. تضيف: "بسبب كل هذه المشاكل، نقلت ملف دراستي إلى جامعة أخرى". تأمل أن يجلب لها العام الجديد "الحظ، وينقذنا من التعصب الديني والمذهبي".
لعلي قصة أخرى. ظن أن اجتياز المرحلة الأولى من الامتحان للحصول على وظيفة في الخارج، يعني أنه انتهى من عبئ التفتيش عن عمل. اصطدم برفض إعطائه فيزا. وجد نفسه مضطراً إلى استئناف البحث. لم يعد يهتم إن كان بعيداً عن اختصاصه. أكثر ما يضايقه أنه دفع مالاً كثيراً للحصول على شهادة وضعها في درج خزانته. يقول: "لم يبق أحد في البلد. نحو 25 في المائة من الشباب في المهجر، و25 في المائة آخرون ينتظرون تأشيرات للسفر. مللت من الأحلام وانتظار مستقبل مجهول لا هوية له في بلد لا يوفّر لمواطنيه المشاريع الاستثمارية". يضيف: "اليوم، أستقبل عام 2015 وأنا على يقين أن أصحاب الأموال والرؤساء لن يكترثوا لنا. لا أريد من العام الجديد سوى فتح أبواب العمل أمامي لأساعد أهلي، وأتخلص من الكآبة التي لا تفارقني".
من جهته، لم يكن محمد يتخيّل أنه قد يتعرض للسرقة والتهديد بالقتل في الشارع. لطالما ظن أن هذه الأمور تحدث فقط في الأفلام، وليس في بلد نظامه ديموقراطي". يقول إن "اللص سرق راتبه من المحفظة تحت تهديد السلاح. كدت أقتل لولا قدوم أحدهم لجدتي". يُحمل الدولة المسؤولية لأنها "ليست حاسمة في قضية حمل السلاح. كما أنه لا قيمة للقانون". يضيف "يجب سحب السلاح من الجميع، وبسط أمن الدولة في جميع المناطق لإعادة ثقة المواطن بحكومته". يتابع: "ليكون العام الجديد عاماً أمنياً بامتياز".