اقرأ أيضاً: هل يطيح التدخّل في سورية بكوربين من رئاسة "العمال"؟
وكان الحزب قد أصدر بياناً، الإثنين الماضي، قال فيه إن حكومة الظل العمالية "وافقت على دعم توصية زعيم الحزب بالتصويت الحر على اقتراح الحكومة بمنح سلاح الجو البريطاني تفويضاً لتنفيذ غارات في سورية". واستبق حوالي 130 نائباً عمالياً، وعدد من وزراء حكومة الظل، قرار الحزب وأعلنوا عزمهم التصويت لصالح الاقتراح الحكومي.
ودافع رئيس الوزراء البريطاني، الأسبوع الماضي، عن موقفه الداعي إلى شنّ ضربات جوية ضدّ تنظيم "داعش" في سورية، مُعتبراً في كلمة أمام مجلس النواب أن ضرب تنظيم "داعش" في سورية، من شأنه أن يوقف الإرهاب في بريطانيا. وأضاف أنه "على بريطانيا المخاطرة بشنّ الغارات الجوية على داعش في عقر داره للتقليل من خطره".
وفي محاولة لإقناع أعضاء مجلس العموم بمنحه التفويض المطلوب لتوسيع العمليات الجوية البريطانية إلى الأجواء السورية، حذّر رئيس الحكومة البريطانية من التهديد الذي يشكله "داعش" للمملكة المتحدة، مطالباً بعدم "ترك مهمة حماية أمن بريطانيا للآخرين".
ولا تعني عودته إلى مجلس العموم أن الأجواء السياسية الداخلية باتت صافية تماماً أمام رئيس الوزراء البريطاني، إذ لا يزال عليه الإجابة اليوم على كثير من الأسئلة لإقناع المُترددين من حزبه والأحزاب الأخرى بسلامة قرار الانضمام للحملة الجوية ضد تنظيم "داعش" في سورية، وتقديم المزيد من الضمانات للرأي العام الذي لا يبدو متحمساً للمشاركة في حرب جديدة.
ويُحاول كاميرون منذ سبتمبر/ أيلول 2014، توسيع نطاق مهمة الطائرات البريطانية التي تقصف "داعش" في العراق لتشمل مواقع التنظيم في سورية، لكنه كان يواجه دائماً بمعارضة من داخل حزبه وأحزاب المعارضة الأخرى التي تخشى فشل إلحاق هزيمة بـ"داعش"، وبدلاً من ذلك مساعدة نظام بشار الأسد على البقاء، كما قالت افتتاحية صحيفة "ذا غارديان" أمس. وقد حاول كاميرون تبديد هذه المخاوف بالقول صراحة إن "بريطانيا تعمل من أجل إيجاد حكومة توافقية في سورية بدون الأسد، مؤكدا في الوقت ذاته أنه لا بد للأسد أن يرحل".
كما يخشى بعض معارضي توسيع التدخل البريطاني من تورط المملكة في حرب أخرى في الشرق الأوسط، وقد تجلت هذه الخشية في تذكير المتحدث باسم الشؤون المالية لحزب "العمال" البريطاني، جون مكدونيل، بحرب العراق عام 2003، وضرورة الاستفادة من دروسها. وقد رد كاميرون على هذه المخاوف بالقول إنّ "بريطانيا لن تنشر قوات برّية، وقد تعلّمت من تجارب ماضية أن ذلك قد ينطوي على نتائج عكسية، إذ إن مهمة القتال على الأرض سيقوم بها حوالي 70 ألف من القوات السورية المعتدلة".
وحرّضت افتتاحية صحيفة "ذا غارديان"، أمس، النواب على عدم التصويت لصالح اقتراح كاميرون ما لم يقدم الأخير استراتيجية متكاملة لا تقوم فقط على توسيع الغارات الجوية التي ينفذها سلاح الطيران البريطاني في العراق إلى الأجواء السورية، ذلك أن التدخل الجوي لا يكفي لهزيمة "داعش" ويحتاج لمساندة برية من قوات حقيقية تعمل على أرض الواقع، وليست قوات وهمية مثل الـ70 ألف مقاتل معتدل الذين تحدث عنهم كاميرون في خطاب الأسبوع الماضي.
وقالت الصحيفة في هذا السياق "ما لم يأتِ كاميرون باستراتيجية شاملة لهزيمة "داعش" بشكل تام، مالياً وعسكرياً وثقافياً، مع تصورات لليوم التالي بعد دحر "داعش"، وما لم يقدّم إجابات مقنعة لكل الأسئلة التي يطرحها جمهور المتشككين، فإن النواب مُطالبين بالتصويت بـ"لا"، حتى لا تتكرر تجارب العراق وليبيا".
إلى ذلك، أشار الإعلامي والكاتب جيرمي باكسمان، في صحيفة "ديلي تليغراف"، إلى أن قرار الذهاب إلى محاربة "داعش" قد يكون صائباً، ولكنه ينطوي على مخاطر لا يجب تجاهلها. فيما رأت افتتاحية الصحيفة نفسها، أن تصويت نواب من حزب "العمل" لصالح الاقتراح الحكومي قد يكون أزال عائقاً أمام التدخل، ولكنه لا يضمن نجاح المهمة، ذلك أن الاختبار الحقيقي لكاميرون لا يقتصر على الانتصار في المعركة السياسية مع زعيم حزب (العمال) المُعارض، إنما في كسب الحرب مع "داعش".
اقرأ أيضاً: كاميرون... خطوة أخرى للأمام نحو سورية