طارق جبارين يستثمر في الموسيقى

02 سبتمبر 2015
طارق جبارين (العربي الجديد)
+ الخط -
لجأ الفلسطينيون كغيرهم من شعوب العالم إلى استخدام آلات موسيقية تصاحب الغناء الشعبي والرسمي في الأعراس والمناسبات الدينية والوطنية، وأصبحت جزءاً أصيلاً من تراثهم المتجذّر في أعماق التاريخ، كالطبلة والدف والربابة والعود والقانون، والأدوات النفخية كالمزمار واليرغول والناي، كما أن الموسيقى الفلسطينية معروفة لدى جميع أنحاء العالم العربي، خصوصاً الزجل والعتابا، لكن صناعة الموسيقى في فلسطين ما زالت مهنة بسيطة وفردية حيث لا تصل إلى حد الاستثمار لتثبت وجودها في الاقتصاد.

الشاب طارق جبارين، أصبح أول مستثمر فلسطيني في صناعة الموسيقى كونه درسها في فرنسا، فصنع آلة كلارينيت بتوقيع سعير بالإنجليزية "SAAER"، نسبة لبلدته سعير قضاء الخليل، جنوب الضفة الغربية.

جبارين ابن الحادية والعشرين ربيعاً خريج جامعة "لومو" الفرنسية بتخصص علوم صناعة آلات موسيقية، يقول لـ"العربي الجديد": "حصلت على معدل 86 بالتوجيهي في الفرع العملي، وتدربت على صيانة آلات موسيقية، وأعمل في مجال صناعة الآلات الموسيقية، الكلارينيت، الفلوت، ساكسفون، الآلات نحاسية، الآلات الشرقية النفخية والناي".

يعمل جبارين حالياً على تنفيذ مشروع صناعة 120 آلة كلارينيت لمعاهد موسيقية في لبنان، وهو أول مشروع بعد تخرجه بكلفة 120 ألف دولار. يضيف جبارين: "تحتاج صناعة الآلات الموسيقية إلى المهارات اليدوية إلى جانب اكتشاف طبيعة الأصوات والصفات المادية للأدوات التي تصدر أصواتاً، وأن تُسبر أغوار صناعة الآلة الموسيقية وأن يجري التعرّف إلى أصل خشبها النادر وأن تعاد تركيبة طلائها أو أصالة أشكالها أو التوازن الحساس لأصواتها، كل هذه مهام شيقة داخل ما تشمله قدرات ورشة الآلات الموسيقية التي أعمل بها".

صاحب الشركة العربية الفرنسية للصناعات والخدمات الموسيقية "ناي"، يرى أن هناك مستقبلاً لصناعة الآلات الموسيقية، ويقول: "أعتقد أنها في تطور دائم. الدول العربية في أوج الاستهلاك لهذه الآلات. الكوادر البشرية في صناعة الآلات قليلة جداً في الوطن العربي. معاهد الموسيقى في الوطن العربي في تطور مستمر، أكثرها في لبنان".

ويرى أن ثقافة الموسيقى بحاجة إلى نشر وتوزيع في الوطن العربي، من لبنان، الأردن، دول الخليج، ويخطط جبارين "لسد حاجة الوطن العربي من الآلات الموسيقية خلال العشر سنوات المقبلة من خلال تحضير خط إنتاج لكل آلة موسيقية".

ويقر طارق جبارين بضعف وجود هذه المهنة في السوق الفلسطينية: "رغم الحاجة إلا أن القوة الشرائية ضعيفة جداً، والثقافة الموسيقية ضئيلة بسبب الوضع الاقتصادي المتردي".

وعن تكاليف صناعة الآلات الموسيقية يقول جبارين: "كلفة الصناعة تعتمد على المادة المصنّعة منها الآلة (خشب، أو بوليمر)، وحسب طريقة الصناعة (يدوية أو باستخدام الآلات) وسعر الأيدي العاملة. بالنسبة للكلارينيت الفلسطيني كلفة صناعته تصل إلى 320 يورو تشمل المواد والأيدي العاملة".

ويرى جبارين أن لتسويق الآلات الموسيقية في فلسطين مستقبلاً جيداً، لكن البلد بحاجة لتأهيل وتدريب مكثف لكوادر بشرية على إنتاج الآلات وتصنيعها، "وهذا ما أعمل به بالتوازي مع عملي في صناعة الآلات الموسيقية. حالياً أعمل على تأهيل 7 أفراد، فلسطيني وأردني وأربعة لبنانيين"، يقول جبارين.

ويرفض جبارين فكرة البحث عن تمويل وممولين، فهو يعتبر أن أغلب الممولين في فلسطين هي مؤسسات غير حكومية تفرض شروطاً كبيرة وتشكل عبئاً على المهنة ذاتها. لكنه يسعى كما يقول إلى البحث عن مشاريع إنتاجية لهذه المهنة بعيداً عن الصبغة الاستهلاكية.

جبارين يؤكد: "سأقوم بجولة في فرنسا لشراء مواد لازمة لتصنيع الآلات الموسيقية وخشب وأكمل أوراق منحي الإقامة الفرنسية والتحضير لصناعة نوع جديد من آلة الأوبرا للتذوّق الموسيقي في فلسطين، خاصة أن النموذج المصمم لها جاهز لديّ". ويضيف: "كما سأزور لبنان لتقديم ورشات موسيقية مع فلسطينيين من مخيمات برج البراجنة وبرج الشمالي وشاتيلا والراشيدية وتأهيل فلسطينيين لصيانة الآلات الموسيقية وتعليمهم أساسيات صناعة الآلات بحصص نظرية (تاريخ الموسيقى، علوم الآلة الموسيقية، ميكانيك، وكيمياء إضافة للصوت) وحصص أخرى عملية".
المساهمون