يعتبر طايع بن سالم الصيعري، والذي قُتل في عملية أمنية يوم أمس السبت في مدينة الرياض، أحد أخطر المطلوبين للجهات الأمنية في السعودية.
ويبلغ الصيعري من العمر ثلاثين عاماً، وسبق أن درس الهندسة في نيوزيلندا، إلا أنه لم يكمل تعليمه، وغادر في 2014 إلى سورية للمشاركة في القتال الدائر هناك، ثم غادر إلى السودان، حيث التقى بعقاب العتيبي أحد أبرز المطلوبين الذين قتلوا مؤخراً في السعودية، ومنها ذهب إلى اليمن، ثم دخل إلى السعودية بطريقة غير نظامية.
وظهرت بصمات الصيعري على أكثر من عملية شهدتها السعودية خلال العامين الماضيين، بسبب علاقته مع عقاب العتيبي، أحد المطلوبين الرئيسيين والذي سقط في عملية أمنية قبل أشهر، إضافة إلى خبرته في صناعة الأحزمة الناسفة، وجهوده في التجنيد لعميات إرهابية
ولم تقطع السلطات الأمنية في صلة الصيعري بتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) على الرغم من أن السياق يدل على علاقته في التنظيم، خاصة ذهابه إلى سورية للقتال هناك، وعلاقته بعقاب العتيبي، ومساهمته في عمليات أعلن تنظيم "داعش" مسؤوليته عنها.
ويُعتقد أن الصيعري هو من صنّع الأحزمة الناسفة المستخدمة في الهجمات التي شهدتها المملكة خلال 2015 و2016، خاصة استهداف قوات الطوارئ في عسير، جنوبي المملكة، واستهداف المسجد النبوي.
وظهر اسم طايع الصيعري أول مرة إثر التحقيقات في استهداف مسجد قوات الطوارئ في عسير، أغسطس/آب 2015، وهي العملية الانتحارية التي أسفرت عن مقتل 15 شخصاً بين أفراد في قوات الطوارئ ومتدربين وعمّال، وأعلن "داعش" مسؤوليته عنها.
ووصف المتحدث الأمني في وزارة الداخلية، اللواء منصور التركي، الطايع الصيعري بأنه "خبير في تصنيع السّتر التي تستخدم في العمليات الإرهابية وتجهيز المواد المتفجرة وأيضا تجهيز من يتم تجنيدهم ومن ينفذ العمليات الانتحارية وتدريبهم عليها" بحسب ما نلقته وكالة الأنباء السعودية.
ويُعتقد أن الصيعري تمكن من المشاركة في عمليات بعد إعلان اسمه ضمن المطلوبين للجهات الأمنية، خاصة الهجوم على المسجد النبوي في المدينة المنورة 4 يوليو/تموز الماضي، والذي أدى إلى مقتل أربعة من عناصر قوات الطوارئ، وجرح 8 آخرين، إضافة إلى مقتل الانتحاري منفذ الهجوم.
العملية المذكورة تمت بحزام ناسف، يُعتقد أن الصيعري قام بصناعته، إضافة إلى تورطه في التخطيط، فلم يكن طايع الصيعري مجرد "تقني" بحسب معلومات وزارة الداخلية السعودية، إذ أكد اللواء بسام العطية أن الصيعري لعب "دورا عمليا في ما يتعلق بصناعة الأحزمة الناسفة ولدية دور نفسي وتعبوي وتدريبي على العمل الانتحاري وترسيخ التفجير".
وأكد اللواء منصور التركي في المؤتمر الصحافي يوم أمس، أن الصيعري "يعد أخطر المطلوبين للجهات الأمنية وبعد الإعلان عن أسمه تمكن من تصنيع حزامين ناسفين تم استخدامهما في المسجد النبوي الشريف خلال شهر رمضان الماضي، وكذلك العملية الفاشلة التي استهدفت مواقف السيارات في مستشفى فقيه بمحافظة جدة".
وما يعزز هذه الشكوك تأكيد التركي على أنه "ضبط بحوزة المطلوبين حزامين ناسفين وسلاحي رشاش إضافة إلى قنبلة يدوية صناعة محلية، كما ضبط حوضين صغيرين بهما مواد يشتبه أن تكون كيميائية الصنع تستخدم في تصنيع المواد المتفجرة".
وأكد اللواء بسام العطية أن الصيعري "كان موجوداً في نيوزيلندا يدرس الهندسة (حتى) تدهور مستواه التعليمي وانقطع عن الدراسة، وذلك في عام 1435 هـ (2014)، ومن نيوزيلندا مباشرة توجه إلى مناطق الصراع وبالتحديد في سورية".
وأضاف: "شارك في أعمال القتال وخرج من سورية إلى تركيا وبعدها إلى السودان بجواز سفر مزور، وفي السودان التقى بالموقوف عقاب العتيبي وهو أحد الأسماء التي ظهرت وتكررت في الأعمال الإرهابية مؤخراً، وهو أحد الفاعلين في هذه الأعمال، والذي تم إسقاطه بمداهمة ببيشة، ومن السودان توجه الصيعري إلى اليمن بطريقة غير مشروعة وبعد ذلك تم الدخول إلى المملكة العربية السعودية بطريقة غير مشروعة كذلك".
وقتل في العملية مطلوب أمني آخر، هو طلال الصيعري، والذي شارك في القتال في العراق في 2004، ثم تم إيقافه وإطلاق سراحة في 2011 بعد دخوله برنامج المناصحة.
وأكد اللواء العطية أن طلال الصيعري أوقف "في محاولته للخروج إلى مناطق الصراع مرة أخرى، وكان متنكرا بزي نسائي وكان متوجهاً إلى سورية عبر الأردن، وتم وضعه تحت المراقبة والمتابعة منذ عام 1437 هـ (2015)".
وحول عودة طلال الصيعري إلى المشاركة في عمليات إرهابية بعد خضوعه لبرنامج المناصحة، علق اللواء التركي "كل شخص يتم القبض عليه ويحكم عليه يخضع لبرنامج المناصحة، لكن للأسف هناك نسبة تصل إلى 15 في المئة أو أقل من ذلك لا ينفع معها لا برنامج مناصحة ولا غيره".
وأضاف: "85 في المائة ممن يتم التعامل معهم في برنامج المناصحة كلهم يعودون إلى مجتمعاتهم ويعيشون حياة مستقرة.. وكثير منهم يساهمون أيضا في تزويد رجال الأمن بكل ما يتوفر لديهم من معلومات عن أي شخص يحاول التواصل معهم".
وكان طائع الصيعري وطلال الصيعري قد حاولا الهروب يوم أمس أثناء مداهمة الحي الذي يقطنون فيه بحي الياسمين في الرياض، في العملية الأمنية التي تمت يوم أمس السبت وأدت إلى مقتلهما. وكانا يرتديان "حزامين ناسفين ويحملان رشاشين". وأدت العملية إلى مقتل المطلوبين، وإصابة رجل أمن إصابة غير خطيرة.
وتناقل سعوديون في وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو قصير للعملية، يظهر محاولة طايع وطلال الصيعري الهروب أثناء المداهمة، وسرقة سيارة شرطة، إلا أن القوات الأمنية باغتتهما بإطلاق النار، وتصدى لهما الجندي جبران جابر عواجي، الذي قتل أحد المطلوبين بمسدسه الشخصي، رغم حمل المطلوب حزاماً ناسفاً ورشاشاً آلياً.