وجهت السلطات السعودية طعنة جديدة للحكومة اليمنية الشرعية المعترف بها دولياً، وذلك بعد سماحها برفع العلم الانفصالي الذي يتخذه المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً كشعار لدولتهم الجنوبية المفترضة في فعالية رسمية بالعاصمة الرياض.
وظهر رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزُبيدي، في فعالية رسمية استقبل خلالها قيادات الجاليات الجنوبية في السعودية ودول الخليج العربي، وللمرة الأولى منذ وصوله إلى الرياض، في 22 مايو/أيار الماضي، للمشاركة في المشاورات السياسية المتعثرة مع الحكومة الشرعية بناء على اتفاق الرياض، بينما كان العلم "الانفصالي" يرتفع بموازرة علم السعودية.
ودخل القيادي الانفصالي، إلى قاعة الاجتماع محاطاً بكوكبة من الضباط السعوديين الذين أحاطوه من كافة الجوانب، وأظهرت لقطات متلفزة أحد العسكريين السعوديين، يدعو الحضور للوقوف احتراماً أثناء وصول الزبيدي، باعتباره "الرئيس" حسب تعبيره.
دخول الرئيس / عيدروس الزبيدي بحراسه ملكيه سعودية ✌️✌️✌️
— خالد بن عاطف Khalid bin ATEF _ (@kbinatif) September 11, 2020
اثنا دخوله قاعة الاجتماع بالجالية الجنوبيه في المملكه العربيه السعوديه pic.twitter.com/rjrgBtjPjj
ووفقاً للبروتوكولات السعودية، لا يتم رفع "أعلام أجنبية" بموازاة العلم السعودي سوى في الزيارات الرئاسية، ويوحي رفع العلم الانفصالي للمجلس الانتقالي الجنوبي، باعتراف سعودي ضمني بأنّ الرياض تتعامل مع الزُبيدي باعتباره رئيساً لدولة، وليس زعيماً لمكون سياسي يسعى جاهداً للحصول على عدة مقاعد في الحكومة المرتقبة ضمن عدة مكونات سياسية يمنية.
وفي اللقاء الذي عقد في أحد فنادق الرياض، تقمّص عيدروس الزُبيدي شخصية رئيس دولة مستقلة، ودعا خلال لقائه الجاليات الجنوبية، إلى ضرورة عودة رأس المال المهاجر للاستثمار في مدن الجنوب واستغلال الفرص الاستثمارية المتاحة، فيما تحدث عضو وفد الانفصاليين المفاوض بمشاورات اتفاق الرياض، ناصر الخبّجي، عن أهمية "تعزيز العلاقة الاستراتيجية مع السعودية والإمارات"، وفقاً لبيان نشره الموقع الالكتروني للمجلس الانتقالي.
وفيما احتفى حلفاء المجلس الانتقالي الجنوبي بالموقف السعودي المتقدم المعترف بدولتهم المفترضة واعتبروه بمثابة "ورقة طلاق" للوحدة اليمنية التي تزعم الرياض أنها تقف إلى جانبها، سخر ناشطون موالون للحكومة الشرعية من التدليل السعودي للانفصاليين ومحاولة فرضه كشريك بالحكومة ثم التوجه للاعتراف به كسلطة رسمية.
ولم يصدر أي تعليق رسمي من الحكومة الشرعية التي ترفض الانفصال، حيال الموقف السعودي الجديد الداعم للتشطير، لكن مستشار وزير الإعلام، مختار الرحبي، وصف رئيس المجلس الانتقالي بـ"المتمرد"، وقال في تغريدة على "تويتر" "إنه لم يتبق سوى وصول عبدالملك الحوثي إلى الرياض، ورفع علم جماعة الحوثيين، بالإضافة إلى حراسة رسمية"، في موقف تهكمي من الاحتفاء السعودي بالخارجين عن الشرعية والدولة.
باقي عبدالملك الحوثي يصل الرياض ويتم رفع علم الحوثي وحراسة رسمية . pic.twitter.com/gItNkiWkhK
— مختار الرحبي (@alrahbi5) September 12, 2020
وتوّج الموقف الجديد تجاه علم الانفصال رسمياً بالرياض، سلسلة من المواقف السابقة التي أظهرت فيها السعودية دعماً كاملاً للمجلس الانتقالي الجنوبي على حساب "الشرعية" التي تزعم أنها تدعمها في مواجهة المد الإيراني.
وخلافاً لهندسة اتفاق الرياض الذي يضمن المجلس الانتقالي كشريك سياسي رغم تمرده على الدولة بالسلاح، أجبرت السعودية، الحكومة الشرعية على التنازل عن تنفيذ الشق العسكري في المقام الأول، والبدء بالشق السياسي الذي شرعن للانفصاليين سيطرتهم على عدن بتعيين محافظ لها من حصة الانتقالي، بمرسوم رئاسي.
وقالت مصادر حكومية، لـ"العربي الجديد"، إنّ مشاورات تشكيل الحكومة المرتقبة لاتزال متعثرة بعد رفض الرئيس عبدربه منصور هادي عقد أي لقاءات رسمية منذ عودته من رحلته العلاجية بالولايات المتحدة الأميركية، في موقف احتجاجي على التساهل السعودي مع المجلس الانتقالي، وعدم إجبارهم على تنفيذ الشق العسكري من اتفاق الرياض وسحب القوات من عدن وأبين.
وكان من المفترض أن يتم تنفيذ كافة بنود ما تسمى بـ"آلية تسريع اتفاق الرياض" بما فيها تشكيل الحكومة المرتقبة وإعادة تموضع القوات في عدن وأبين، بعد مرور 30 يوماً من صدور قرار تكليف معين عبدالملك بتشكيل الحكومة المرتقبة في 29 يوليو/ تموز الماضي.
ورفض المجلس الانتقالي رسمياً تنفيذ الشق العسكري من الاتفاق الذي كان من المفترض أن يتم خلال ذات الفترة، وأعلن رسمياً أنّ الأولوية لتشكيل الحكومة وإخراج الجيش الوطني من أبين إلى مأرب دون التطرق لوضع القوات الموالية له، وهو ما جعل "الشرعية" تخشى من مؤامرة هدفها اجتياح محافظة شبوة النفطية مجدداً.
وعلى الأرض، أكدت مصادر عسكرية، لـ"العربي الجديد"، أنّ جبهة أبين لا تزال تشهد خروقات متقطعة بشكل يومي، وسط استمرار التحشيدات من الجانبين، إلى تخوم زنجبار وشقرة، استعداداً لما يبدو أنها معركة كبرى خلال الأيام المقبلة.