مع استمرار الحملة العسكرية التي يشنها النظام السوري على مناطق ريف درعا الغربي، واستمرار المفاوضات بين أهالي بلدات فيه مع الجانب الروسي، يطالب نازحون من درعا بتأمين وصولهم إلى مناطق الشمال السوري، رغم اختلاف دوافعهم، فمنهم من ينزح هرباً من مصير مجهول تحت حكم قوات النظام، أو للنجاة من الاعتقال والخطف على أيدي المليشيات المساندة له.
ويتحدث سعد البيدر (54 عاماً) عن دوافع خروجه إلى الشمال السوري قائلاً: "ابني ضابط منشق عن جيش النظام، وعند اقتحام قوات النظام والمليشيات الأجنبية منطقتنا حرقوا بيتنا المقصوف بالأصل انتقاماً من ابني، فعودتنا إلى البلدة شبه مستحيلة مع هذا الكم من الحقد والكراهية، فضلاً عن رفضي الحياة بين مرتزقة ساقهم النظام من شتى أصقاع الأرض، سيقاسموننا في المستقبل كل شيء يخصنا".
ويتابع البيدر قائلاً لـ"العربي الجديد": "صحيح أن التهجير معاناة ومرارة صعبة علينا لكن مع ذلك أنا أفضله على البقاء، فلم يعد لدي بيت أو شيء في البلدة أحزن عليه، بيتي هنا بريف القنيطرة هو خيمة وبعض الأخشاب والدعائم تبقيها قائمة، ولم يعد مهماً إن كانت هنا أو في شمالي حلب، أو إدلب، فأرض الله واسعة".
أما الناشط فارس زين، فيوضح لـ"العربي الجديد" أنه "من غير الممكن لي البقاء ومصالحة من قتل الأطفال واغتصب النساء، ولا يملك أخلاقا أو دينا يردعه عن الإجرام، فأنا لا أثق مطلقا بأن للنظام عهوداً ومواثيق وكذلك دولة ترعاه وتبارك إجرامه مثل روسيا".
ويقول زين "خيارنا الأفضل بعد تهجيرنا ومحاصرتنا هو الذهاب إلى الشمال السوري نحو المناطق الخاضعة للحماية التركية، فمهما حصل لنا هناك أهون من البقاء هنا، أو عودة مصالحة النظام وتسوية أوضاعنا. وأنا بالفعل أرفض فكرة المصالحة لأنها بالنسبة إلي خيانة لرفاق دربي من الإعلاميين الذين عملوا جاهدين على نقل صورة الإجرام والترهيب التي مارسها نظام الأسد والمليشيات الموالية له بحق الناس والمتظاهرين ضده".
ويتابع "عملنا منذ انطلاقة الثورة على الوقوف ضد الظلم فلا مبرر لدينا اليوم للعودة تحت جنح الظالم". ويردف "تعاهدت مع بعض الأخوة النشطاء على ألا أخذلهم، منهم من فارقنا وقتل في سبيل الثورة ولا يهون عليّ نكث هذا العهد، سأذهب للشمال وأتابع مسيرتي وأحفظ عهدي".
أما الشاب حسن حمداوي (26 عاماً) فيقول: "أنا مطلوب للخدمة الإلزامية في صفوف قوات النظام، ولم يعد بإمكاني الالتحاق بالجامعة، كون العديد من مذكرات البحث قد صدرت باسمي من الشرطة العسكرية بسبب هذا الأمر، وأفكر ملياً بيني وبين نفسي في حال عدت وسويت وضعي، كما يدعونا القائمون على المصالحات والداعون لها، هل سيتركني النظام وشأني، وهل ستُزال مذكرات البحث وسأعود للجامعة كما في السابق؟ أنا لا أعتقد هذا مطلقاً".