تخطّط الشابة جفنيها بخطّ أسود رفيع. تسعى جاجايرا أريستا إلى إقناع نفسها بأن الماكياج الجيّد يمكن أن يساعدها في تحمّل ما حصل معها في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حين خرجت إلى شوارع كيتو للتظاهر من خلال الضرب على الطناجر.
إلّا أن صوتها تقطع عندما سألتها صحافية وكالة "فرانس برس" عمّا إذا كانت تشعر بأنها أقل جمالاً الآن. فترد بنفس عميق: "نعم".
وتتابع جاجايرا وهي تبكي: "كنت عارضة أزياء محترفة، لا بل أستاذة في عرض الأزياء. أمّا الآن فلم يعد الأمر مشابهاً. في سن السابعة والعشرين فقدت أجنحتي الكثير من الريش".
أدت الأزمة الاجتماعية في الإكوادور إلى العديد من التظاهرات، فيما سبّب القمع الممارس من قبل السلطات مقتل عشرات المدنيين، وإصابة 1340 جريحاً وفقاً للهيئة العامة للدفاع عن الحقوق.
لقد ترك العنف الممارس بحق المتظاهرين "ثقباً" لدى جاجايرا، بحسب وصفها، ولا يمكن أيَّ عضو اصطناعي أن يحلّ مكانه.
يتبيّن من الجفن شبه الثابت وحركة العين الاصطناعية البطيئة أن مقلة العين غير موجودة، وتؤكّد العارضة السابقة اضطرار الأطباء إلى إفراغها بسبب الضرر الناجم عن القنبلة التي رمتها الشرطة عليها.
لقد باتت صباحات جاجايرا صعبة، وتقول الشابة: "إنه أمر فظيع. لم أتأقلم بعد مع هذا الوضع... أنسى أنني فقدت عيناً، ولا أفهم لماذا لا أستطيع الرؤية من جهة اليسار".
كانت جاجايرا تشارك في "كاسيرولازو" (الضرب على الطناجر) في خضم سريان قرار حظر التجوّل عندما أصيبت. تتذكّر جاجايرا تلك الحادثة التي أتبعتها بشكوى ضد الدولة لاستخدامها العنف المفرط وتقول: "لقد كان الأمر شبيهاً بوجود أحشاء دجاجة على وجهي فيما عيني متدلية".
تحتفظ الشابة بالتيجان التي فازت فيها بمسابقات الجمال وبصورها في فساتين السهرة، وتضع إلى جانبها خرطوشة القنبلة المسيّلة للدموع التي التقطها والدها من المكان الذي كانت فيه عندما أصيبت.
Facebook Post |
تبتسم بحنين عندما تتذكّر مسابقات الجمال التي شاركت فيها منذ كانت في الخامسة من العمر. وتتابع الشابة ممازحة: "اليوم، لن يلاحظ أحد ذلك، وأنا أمشي بسرعة"، مشيرة إلى عينها الاصطناعية.
في الليلة التي فقدت فيها عينها، تؤكّد جاجايرا أنها كانت تشارك في تظاهرة سلمية مع جيرانها في حي دو لا تولا في وسط كيتو ضد النقص الناجم عن إغلاق الطرق، وتقول: "لم نكن نريد إلّا السلام والغذاء".
منحتها القنبلة المسيّلة للدموع لقباً جديداً، خصوصاً بعد ظهورها في الوسائل الإعلامية المحلية وهي معصوبة العين.
لقد أثارت فضول الناس والمارة في الشارع، إذ باتوا ينظرون إليها ويهمسون قائلين: "إنها امرأة الانفجار". تقول جاجايرا: "لقد أصبح لدي لقب. خلال تقديم الشكوى، كان الشرطيون يشيرون إليّ بأنني القنبلة".
Facebook Post |
مع ذلك، لم تعد جاجايرا المرأة المكسورة نفسها بعد أيام قليلة من وقوع تلك المأساة. فبعد تركيب العين الاصطناعية استعادت ابتسامتها. وتقول: "من الرائع أن أكون كاملة مجدّداً، من دون وجود ثقب في وجهي".
وتتابع: "لا يعلمون كيف شوّهوا أرواحنا. لا أدري إن كانت تلك هي طريقتهم لتمييزنا وتحديد هويتنا، ووسيلة لقمعنا وإخافتنا".
(فرانس برس)