وأضاف أبو بكر، في الحلقة الأولى من شهادته ضمن برنامج "وفي رواية أخرى"، التي بثها "التلفزيون العربي"، اليوم السبت، أنه تعرف حينذاك على كارل ماركس وفريدريك إنغلز من خلال كتاباتهما والنقاشات داخل أسرته، مشيرا إلى أن أولى محطات رحلة البحث عن "أقرب الخنادق إلى القدس" كانت انضمامه لـ"حركة القوميين العرب".
وفي الخامسة عشرة، تعرف أبو فرح على الشهيد أبو علي مصطفى وصالح رأفت، وأصبح الثلاثة من قياديي التنظيم في المنطقة. كانوا أقرب لجمال عبد الناصر من "حزب البعث العربي الاشتراكي" المؤسس في دمشق، لكن المخابرات الأردنية لاحقت أبو فرح، فاضطر للهروب من الضفة الغربية عام 1966 بموجب نصيحة أرسلها له أبو علي من المعتقل.
ويضيف أبو بكر، خلال حواره مع مقدم البرنامج بدر الدين الصائغ، أن وجهته الاضطرارية كانت القاهرة، حيث كان له شقيقان يدرسان في الجامعات المصرية. هناك سمع القيادي الفلسطيني السابق باسم حركة "فتح" لأول مرة، ليبدأ فصل جديد من رحلة البحث عن خندق غير "حركة القوميين العرب" يكون فيه "أقرب إلى القدس"، على حد قوله.
ولأن مركز العمل المسلح لـ"فتح" حينها كان في دمشق، قرر أبو فرح مغادرة الجامعة الأميركية في القاهرة. كما قرر ترك "حركة القوميين العرب". ورغم أن الأخيرة عرضت عليه منحة دراسية في الجزائر، فقد فضّل الذهاب إلى العاصمة السورية والانخراط في الكفاح المسلح.
وفي دمشق، التقى أبو فرح، لأول مرة، ياسر عرفات (أبو عمار)، وخليل الوزير (أبو جهاد)، ووليد أحمد نمر (بو علي إياد) وممدوح صيدم (أبو صبري).
واضطر للعيش مع أبو عمار وأبو علي وأبو صبري في شقة واحدة، لكنه قال بحرقة إن تلك الأيام "كانت أفضل من أيامنا هذه"؛ فرغم ضيق الحال كانت هناك حماسة منقطعة النظير لتحرير الأرض من المغتصب.
ويذكر أبو فرح أن العمليات المسلحة ضد أهداف إسرائيلية كانت متاحة فقط من الجبهة السورية لوجود قرار سياسي سوري بالسماح لهم بالتسلل عبر الجولان باتجاه الأراضي المحتلة. أما جبهتا لبنان والأردن، فكان من المحظور على الفدائيين العبور منهما نحو فلسطين.
لكن نكسة 1967 محت هذا الخط الأحمر، ذلك أن شعار ما قبل النكسة كان "الوحدة العربية هي طريق العودة"؛ أما بعدها فأصبح الشعار "العودة هي طريق الوحدة". تفككت حينها الضاغطة العربية، وبدأت السلطات في دول الطوق تغض الطرف عن تسلل المقاتلين باتجاه فلسطين، وكان أبرزهم أبو عمار الذي دخل القدس وأشرف على عملية تفجير "سينما صهيون".
كما عاد أبو فرح إلى واقعة "أيلول الأسود"، حيث رأى أن النظام الأردني كان له دور وظيفي في عزل فلسطين عن محيطها العربي، على حد قوله. لكن في ذات الوقت، يقر أبو فرح بارتكاب الفصائل المسلحة أخطاء "طفولية"، على حد وصفه، وفي مقدمتها رفع شعارات يسارية وأعلام حمراء على مآذن الجوامع.
وعن نتائج واقعة "أيلول الأسود"، شبه أبو فرح خروج المقاتل الفلسطيني من الساحة الأردنية بخروج السمك من الماء، معتبرا أن الأنسب كان إما تغيير النظام الأردني، أو تحجيمه مثلما يفعل "حزب الله" بالدولة اللبنانية في هذه الأيام.