أصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، اليوم الأربعاء، تقريرًا بعنوان "مع إيقاف التنفيذ! عام على لجنة توفيق (تقنين) أوضاع الكنائس"، غطى الفترة الممتدة من انتهاء مهلة تقديم الكنائس طلبات توفيق الأوضاع في 28 سبتمبر/أيلول 2017 وحتى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2018.
وتناول التقرير بالتوثيق والتحليل عمل اللجنة خلال العام الماضي، مستعرضاً قراراتها، وموثقاً الاعتداءات الطائفية والانتهاكات الأمنية المرتبطة بإقامة مواطنين مسيحيين شعائرهم داخل كنائس مقامة بالفعل، وتقدمت بالأوراق اللازمة إلى لجنة توفيق أوضاع الكنائس.
ووثّق تقرير المبادرة المصرية 15 حالة توتر واعتداء طائفي خلال العام الماضي بشأن توفيق أوضاع 15 كنيسة تقام فيها الصلوات الدينية قبل عدة سنوات بمعرفة أجهزة الدولة والأهالي. وبإضافة هذا العدد إلى حوادث العام الماضي، يرتفع العدد إلى 35 حالة منذ صدور قانون بناء وتوفيق أوضاع الكنائس.
من بين الحالات الخمس عشرة، أغلقت تسع كنائس نهائياً ولم تفتح مجددًا، وأعيد فتح كنيستين بعد غلقهما، إحداهما بعد أسبوع من إغلاقها بمنطقة شبرا الخيمة، والثانية بعد شهرين ونصف الشهر بمحافظة المنيا، في حين أجبر أهالي قرية زاوية سلطان بالمنيا على العودة إلى الصلاة في مبنى الكنيسة القديم والمتهالك، وغلْق المبنى الجديد المجاور له والذي قدمت أوراق تقنينه إلى لجنة توفيق أوضاع الكنائس. أما في قرية دمشاو هاشم بالمنيا، فكان الاعتراض تحسبًا لاستخدام أحد المنازل ككنيسة وتم غلق المكان، بينما استمرت ممارسة الشعائر الدينية في كنيستين بدون توقف.
ووفقًا للتقرير، إن اعتداءات العام الماضي اندلعت عبر نمطين رئيسين، الأول بقيام أجهزة الدولة بغلق الكنيسة بالرغم من عدم وجود اعتراضات من السكان المحليين، ومعرفة المسؤولين بوجود الكنيسة وإقامة المسيحيين الشعائر الدينية فيها. أما النمط الثاني من الاعتداءات، فينتج من احتجاجات بعض الأهالي المسلمين الرافضين توفيق أوضاع كنيسة بعينها أو مبنى خدمي، فترضخ إثرها أجهزة الأمن أو الحكم المحلي وتغلق الكنيسة.
وأشار التقرير إلى 7 حالات تعاملت معها النيابة العامة بالتحقيق وإصدار قرارات بالحبس للمتهمين، خمس حالات منها تم إخلاء سبيل المتهمين فيها بعد فترة من الحبس بكفالات مالية مختلفة وبعضها بدون كفالات. ووجهت النيابة العامة قائمة اتهامات موحدة إلى الطرفين المسلم والمسيحي.
تناول التقرير أيضًا قرارات توفيق أوضاع الكنائس، إذ أصدر مجلس الوزراء قرارات مشروطة بتقنين أوضاع 340 كنيسة ومبنًى من إجمالي 3730 طلبًا قدمتها الكنائس الثلاث إلى لجنة توفيق الأوضاع، مشيرًا إلى أنه بهذا المعدل تحتاج اللجنة إلى نحو 12 عامًا للانتهاء من جميع الطلبات.
ووفقًا لقرار مجلس الوزراء، فإن هذه الموافقات غير نهائية ومشروطة باستيفاء إجراءات أخرى من بينها استيفاء شروط الحماية المدنية. كما انتقد التقرير التعنت في شروط الحماية المدنية والتي تعد مثار انتقاد من جانب مسؤولي الكنائس الذين أكدوا أن هذه الشروط لا تطبق على كل المؤسسات الموجودة بجوار الكنائس، كما تحتاج مبالغ مالية كبيرة تفوق قدرتهم.
وخلصت المبادرة المصرية إلى أن الوضع العام لحق ممارسة الشعائر الدينية وبناء دور العبادة يتجه إلى مزيد من التدهور، وأن قانون بناء الكنائس فقد الهدف المعلن لصدوره من توفيق لأوضاع الكنائس القائمة وتسهيل عملية بناء الكنائس الجديدة، إذ أغلقت كنائس قائمة، سواء نتيجة ضغوط اجتماعية، أو بمبادرات من جانب مسؤولي الأجهزة الأمنية والحكم المحلي.
ودعت المبادرة في توصياتها إلى صدور قرار واحد من جانب مجلس الوزراء بتوفيق وضع كل الكنائس التي قدمت أوراقها إلى لجنة التوفيق، بغض النظر عن توفر الشروط الواردة في قانون بناء الكنائس من عدمه، وبدون إجراء أية معاينات أو وجود دور للأجهزة الأمنية والمحلية.
ورأت المبادرة أن مثل هذا القرار هو التطبيق الأكثر التزامًا بنصوص قانون بناء الكنائس المعيب نفسه، وأنه في حال صدوره، سيقطع الطريق على جانب من أسباب العنف الطائفي الذي يجد جذوره في التعطيل البيروقراطي والتعنت الأمني الواضحين.
كما شددت المبادرة المصرية على مطلبها الأساسي بإعادة النظر في قانون بناء الكنائس الحالي برمته، والذي يقوم على منطق تمييزي وطائفي، وضرورة استبداله بتشريع موحد ينظم بناء دور العبادة بلا تمييز، ويكفل الحق الدستوري في ممارسة الشعائر الدينية لجميع المواطنين.