عندما وُلد في مدينة أصيلة، شمال المغرب، قرر والده أن تنتقل العائلة إلى مدينة القصر الكبير، حيث حصل والده على وظيفة هناك وأنشأ عائلته وربّى أطفاله. من بينهم عبد السلام المريني (1952)، الذي أصبح في ما بعد رسّام كاريكاتور، له نفس كاريكاتوريّ صاحب بصمة يميّزها الالتزام بقضاياه المحلية والعربية.
كان فنان الكاريكاتور الفلسطيني ناجي العلي أساس الرجوع والتأثر بالنسبة للمريني، يقول "تأثرت كثيراً برسومات ناجي العلي التي كانت تصلنا عبر الجرائد المحلية. كنت أشعر بأنه ينوب عنّا جميعا في التعبير، ويثأر لغضبنا تجاه الظلم الذي يعيشه الفلسطينيون"، مردفاً: "لطالما كانت القضية الفلسطينية قضية روحية. لقد كان أسلوب ناجي العلي قويّا ولافتا ومؤثرا".
استمرّ المريني بالبحث والتنقيب من أجل تطوير أدائه، ووجد مساحات خارجية للنشر بعدما أهملته الصحف المحلية والوطنية، فكانت تجربته الأولى مع مجلة "روز اليوسف"، وقد أتاحت له الفرصة التلاقي والتواصل مع رسامي كاريكاتور من العالم العربي. يقول "لم تعط الصحافة المحلية قيمة لرسوماتي. كانت الجرائد عبارة عن أبواق للأحزاب السياسية في البلد ولم تولِ اهتماما للكاريكاتوريين وتفتقر لثقافة الكاريكاتور ومُقيدة للإبداع. كان الكاريكاتوريين حينها يعدون على الأصابع، أمثال محمد العربي الصبّان والمهادي وحمودة". الالتفات للخارج ظلّ المحطة الأولى التي تستوعب أعمال المريني حتى نشوء جريدة "الخضراء الجديدة"، التي جاءت بمضمون وشكل نوعييّن، صغيرة الحجم ومضمونها زاخر ومباشر وأسبوعية الصدور، وشاعت بين الناس كالنار في الهشيم. حينذاك وضع المريني قدمه على أرضية محلية صلبة، عمل في "الخضراء الجديدة" متنقلاً في عمله بين 13 جريدة محلية وجهوية، منها جريدة "لسان البحر" التي كانت تهتم بشأن البحّارة المغاربة، وأتبعها بمعرض للوحاته التي تحدثت عن هذه الفئة. كما عمل سكرتير التحرير في جريدة "آفاق مغربية"، إضافة إلى "عمله تحت الطلب"، كما قال، وكان يُنجز فيه لوحات تشكيلية زيتية.
في تلك الفترة بدأ المريني يفكر بإصدار جريدته الخاصة، وفعلاً استمر في ذلك عدة مرات وعدة محاولات، فكانت جريدته الأولى بعنوان "كاريكلام"، وتبعتها جريدة "الشمال الضاحك"، ثم تلتها "الوشاية الساخرة"، ولكن لأسباب مادية توقفت جميعها عن الصدور.
كذلك، استمّر المريني في إقامة معارضه الفنية حتى بعدما تعرّض بيته لـ"حريق مقصود" أتى على 800 لوحة، لكن رماد ليال طوال لم يثنه عن دق المسامير من أجل لوحاته التي خصص بعضا منها للأطفال، يقول: "أعددت ثمانين لوحة عن الطفولة بأحجام وألوان مختلفة، وكانت قضية أطفال الحجارة الفلسطينيين أكثر ما سيطر على لوحاتي".
ورغم عمله على صعيدين محلي ودولي، لم يجد المريني صعوبة في العمل على قضاياه المحلية والعربية واختزالها في كاريكاتور يعبّر عنها، وانتهج أسلوباً خاصا به، يقول: "ابتعدت عن رسم الشخصيات المتحاورة، وأختزل فكرتي في رسم إيحائي واحد، وأحاول الحفاظ على البساطة في رسوماتي كي يتلقاها الجميع".
ويرى المريني أن واقع الكاريكاتور في المغرب حالياً "يشهد انفتاحاً وحرية أكبر وطاقات شابة فذّة تنافس كاريكاتوريين عالميين، إضافة إلى العنصر النسوي، ورغم أنه عنصر ينطوي على نفسه لكنه عنصر فعّال ومبدع، وتحتاج هذه الطاقات للتشجيع المستمر". وعن انشغال الكاريكاتور المغربي بقضاياه المحلية، يعلّق المريني "إنها الثورة على المعاناة والقضايا المحلية الشائكة"، مضيفاً: "وقعت لي مضايقات عدة في عهد الملك الراحل الحسن الثاني نتيجة بعض الرسومات الساخرة. لقد كانت الرقابة مفروضة آنذاك. اليوم يمكننا أن نطمئن على مسار الكاريكاتور في المغرب". مضيفا: "لقد تمكنّا من تأسيس ملتقى سنوي للرسامين الكاريكاتوريين، فرصة للتلاقي والتعارف".
اقــرأ أيضاً
كان فنان الكاريكاتور الفلسطيني ناجي العلي أساس الرجوع والتأثر بالنسبة للمريني، يقول "تأثرت كثيراً برسومات ناجي العلي التي كانت تصلنا عبر الجرائد المحلية. كنت أشعر بأنه ينوب عنّا جميعا في التعبير، ويثأر لغضبنا تجاه الظلم الذي يعيشه الفلسطينيون"، مردفاً: "لطالما كانت القضية الفلسطينية قضية روحية. لقد كان أسلوب ناجي العلي قويّا ولافتا ومؤثرا".
استمرّ المريني بالبحث والتنقيب من أجل تطوير أدائه، ووجد مساحات خارجية للنشر بعدما أهملته الصحف المحلية والوطنية، فكانت تجربته الأولى مع مجلة "روز اليوسف"، وقد أتاحت له الفرصة التلاقي والتواصل مع رسامي كاريكاتور من العالم العربي. يقول "لم تعط الصحافة المحلية قيمة لرسوماتي. كانت الجرائد عبارة عن أبواق للأحزاب السياسية في البلد ولم تولِ اهتماما للكاريكاتوريين وتفتقر لثقافة الكاريكاتور ومُقيدة للإبداع. كان الكاريكاتوريين حينها يعدون على الأصابع، أمثال محمد العربي الصبّان والمهادي وحمودة". الالتفات للخارج ظلّ المحطة الأولى التي تستوعب أعمال المريني حتى نشوء جريدة "الخضراء الجديدة"، التي جاءت بمضمون وشكل نوعييّن، صغيرة الحجم ومضمونها زاخر ومباشر وأسبوعية الصدور، وشاعت بين الناس كالنار في الهشيم. حينذاك وضع المريني قدمه على أرضية محلية صلبة، عمل في "الخضراء الجديدة" متنقلاً في عمله بين 13 جريدة محلية وجهوية، منها جريدة "لسان البحر" التي كانت تهتم بشأن البحّارة المغاربة، وأتبعها بمعرض للوحاته التي تحدثت عن هذه الفئة. كما عمل سكرتير التحرير في جريدة "آفاق مغربية"، إضافة إلى "عمله تحت الطلب"، كما قال، وكان يُنجز فيه لوحات تشكيلية زيتية.
في تلك الفترة بدأ المريني يفكر بإصدار جريدته الخاصة، وفعلاً استمر في ذلك عدة مرات وعدة محاولات، فكانت جريدته الأولى بعنوان "كاريكلام"، وتبعتها جريدة "الشمال الضاحك"، ثم تلتها "الوشاية الساخرة"، ولكن لأسباب مادية توقفت جميعها عن الصدور.
كذلك، استمّر المريني في إقامة معارضه الفنية حتى بعدما تعرّض بيته لـ"حريق مقصود" أتى على 800 لوحة، لكن رماد ليال طوال لم يثنه عن دق المسامير من أجل لوحاته التي خصص بعضا منها للأطفال، يقول: "أعددت ثمانين لوحة عن الطفولة بأحجام وألوان مختلفة، وكانت قضية أطفال الحجارة الفلسطينيين أكثر ما سيطر على لوحاتي".
ورغم عمله على صعيدين محلي ودولي، لم يجد المريني صعوبة في العمل على قضاياه المحلية والعربية واختزالها في كاريكاتور يعبّر عنها، وانتهج أسلوباً خاصا به، يقول: "ابتعدت عن رسم الشخصيات المتحاورة، وأختزل فكرتي في رسم إيحائي واحد، وأحاول الحفاظ على البساطة في رسوماتي كي يتلقاها الجميع".
ويرى المريني أن واقع الكاريكاتور في المغرب حالياً "يشهد انفتاحاً وحرية أكبر وطاقات شابة فذّة تنافس كاريكاتوريين عالميين، إضافة إلى العنصر النسوي، ورغم أنه عنصر ينطوي على نفسه لكنه عنصر فعّال ومبدع، وتحتاج هذه الطاقات للتشجيع المستمر". وعن انشغال الكاريكاتور المغربي بقضاياه المحلية، يعلّق المريني "إنها الثورة على المعاناة والقضايا المحلية الشائكة"، مضيفاً: "وقعت لي مضايقات عدة في عهد الملك الراحل الحسن الثاني نتيجة بعض الرسومات الساخرة. لقد كانت الرقابة مفروضة آنذاك. اليوم يمكننا أن نطمئن على مسار الكاريكاتور في المغرب". مضيفا: "لقد تمكنّا من تأسيس ملتقى سنوي للرسامين الكاريكاتوريين، فرصة للتلاقي والتعارف".