عبد القادر ياسين:شقاق"فتح"ومنظمة التحرير 2/2

أنس أزرق

avata
أنس أزرق
28 أكتوبر 2014
090917A9-A4D1-43C2-B769-DBD54EC7DD8F
+ الخط -
لم يكن حبل الود بينه وبين أبو عمار موصولاً، فأمر عرفات بحبسه في بيروت، ولكن أبو إياد أنقذه، وبقي ياسين ينتقد عرفات ويتهمه باتهامات خطيرة كموافقته الضمنية على اغتيال ناجي العلي وآخرين.
يرى أن عرفات الذي قابله أول مرة بدعوة من الطيب عبد الرحيم، مدير إذاعة فلسطين 1974 "يمارس التكتيك على حساب الاستراتيجية". ويقول "مآخذي عليه كثيرة، كدوره في تفتيت الفصائل الفلسطينية وإمساكه بكل الأمور، هو وطني لكنه مستبد". ويتهم عرفات أنه "قتل ناجي العلي لأنه رسم لوحة كاريكاتيرية 1987 فيها واحد يسأل الثاني، كيف صرت عضواً في الأمانة العامة لاتحاد الكتّاب، هل تعرف فلانة! وفلانة كانت سكرتيرة أبو عمار". ويقول "أبو الطيب مسؤول 17 قال لأبو عمار، إنه لا يجوز السكوت. فأومأ أبو عمار بإشارة القبول. أرسل أبو الطيب سلاحاً إلى لندن وطلب من عميلهم إخفاءها، وإذ بهذا الرجل عميل مزدوج، فأخبر الإسرائيليين، ولذلك حكمت المحكمة اللندنية بترحيل مندوب الـ 17 في مكتب المنظمة وحبس هذا العميل ورُحِّل الملحق العسكري الإسرائيلي في لندن".
* كنت على علاقة وطيدة بأحمد الشقيري، أول رئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية؟
زرت الشقيري في بيته في القاهرة 1968 ومعظم الكلام الذي كتبه في مذكراته لاحقاً كان يقوله لنا. كما دُعيت إلى حضور اجتماع في بيته للنظر في مستقبل منظمة التحرير الفلسطينية في ديسمبر ١٩٧١، بعد أن وُجهت ضربة قاصمة إلى المقاومة الفلسطينية في الأردن في يونيو 1971 وكان واضحاً، أن هناك توجّهاً لإنشاء منظمة جديدة بديلاً من منظمة التحرير، فاعترضنا، أنا ورئيس اتحاد العمال الفلسطينيين وقتها، حسني صالح الخفاش، ومدير إذاعة فلسطين حتى أخرجته فتح منها 1971 المرحوم، علي هاشم رشيد، والدكتور، كامل خلة، أستاذ التاريخ، وخيري حمّاد، رئيس اتحاد الكتاب آنذاك الذي اكتفى بالتحفّظ.
كلف سعيد السقا سكرتير المخابرات الحربية المصرية في قطاع غزّة مقابلة أبو إياد الذي أصرّ على أن يكون الاجتماع في مقر منظمة التحرير، بينما طلب السقا أن يكون الاجتماع في بيته فنُسفت المبادرة.
- سمعت أحمد الشقيري يقول، إن عبد الناصر رفض استقباله؟
ذكر لنا الشقيري "اضطررت إلى الاستقالة عندما أرسلت إلى عبد الناصر مرتين، أريد مقابلته، ولم يرد وجريدة الأهرام بدأت تنشر أخباراً مستفزة لي، فعرفت أنهم لا يريدونني". وبينما هو يكتب استقالته دخل عليه هارون هاشم رشيد مستنكراً وقال له "المنظمة ستقع"، فرد الشقيري "عبد الناصر أهم لفلسطين من الشقيري".
‫‬- لماذا ضحّى عبد الناصر بالشقيري واختار عرفات؟
كان عبد الناصر يعرف أن حركة فتح تابعة للحلف المركزي - بغداد سابقاً. ولكن بعد أن وقعت الهزيمة استقبل في يوليو 1967 بوساطة من هيكل ياسر عرفات وصلاح خلف وفاروق قدومي وخالد الحسن، وروى لي أبو إياد، لاحقاً، أن عبد الناصر قال لهم "أريد أن تحرقوا الأرض من تحت أقدام الإسرائيليين"، فقال عرفات "وماذا عن منظمة التحرير؟"، فرد عبد الناصر "هي لكم".
-علاقتك مميزة بأبو إياد؟
فعلاً كانت علاقتي به مميزة، حيث تعرفت عليه مطلع 1969 في إذاعة فلسطين في القاهرة وكنت أكتب في مجلة الطليعة وكان يقرأها، وأنا فوجئت بأنه إخواني بهذه الأفكار! فقد كان من الإخوان المسلمين، وكذلك الخمسة الذين أسسوا فتح، وهم عادل عبد الكريم ياسين، عبد الله الدنّان، خليل الوزير الذي كان مسؤول شباب الإخوان في قطاع غزة حتى 1957، يوسف عميرة ووفيق شديد، في حين أن ياسر عرفات لم يكن إخوانيّاً.
ثم كتبت مقالاً رداً على فهمي السلفيتي -الرجل الثاني في الحزب الشيوعي الأردني عندما ندّد بالعمل الفدائي الفلسطيني، فسألني أبو إياد: "هل معين بسيسو من طلب منك أن تكتب هذا المقال؟"، فقلت له:" لا، بل إنه قال للحزب الشيوعي الأردني إنه خاصمني بعد المقال".
أبو إياد أخبرني أن فتح وزعت المقال على قواعدها فقلت له: "إنني لم أكتب هذا المقال دفاعاً عن فتح، وإنما دفاعاً عن موقف الشيوعيين من العمل الفدائي". خصوصاً أن السلفيتي قال، إن موقفهم سيؤثر على كل الأحزاب الشيوعية.
ومرّة حبسني أبو عمار في بيروت 1978 ودخل أبو إياد عليه وضرب الطاولة وقال له "الآن سوف يخرج عبد القادر"، وسبب الحبس شقّة أعطاني إياها ناجي علّوش كي أقيم فيها في بيروت بعد أن طُردت من مصر، فاستولى عليها جماعة أبو إياد فذهبت إليه فأعطاني شقة ثانية، وإذا بالشقة لصحافي مصري "جلال كشك"، الذي كتب مقالاً في الحوادث بعنوان "هنيئاً لفتح بما استحلّت"، فسأل أبو عمار من أخذ الشقة. فقالوا له: عبد القادر ياسين يسكن فيها، وكان لا يحبني لأنّ لي موقفاً نقديّاً منه، فأمر بحبسي، ولكني خرجت في اليوم نفسه، بسبب موقف أبو إياد.
- طُرِدت من القاهرة؟
يوم 19/11/1977 وقبل أن تحط طائرة السادات في مطار اللد (بن جوريون)، تم اعتقالي مع ثلاثة من اتحاد الكتّاب والصحافيين الفلسطينيين، وسفرنا إلى بغداد وكنّا نريد الذهاب إلى سورية باستثناء الشاعر، هارون هاشم رشيد، تم تسفيره إلى دمشق حسب طلبه ولم يُحبس، عشت في بيروت وخرجت في آخر سفينة خرجت منها إلى طرطوس.
-يعني رجعت مع جماعة فتح الانتفاضة؟
لا، الانشقاق صار في 3/5/1983 ولكن علاقتي بمن قادوا الانشقاق مثل أبو خالد وأبو صالح وأبو موسى وقدري علاقة حميمة لأنهم كانوا من يسار فتح وقد كتبت مجموعة مقالات في مجلة الشراع البيروتية بعنوان "ما الذي جرى في فتح لتسويغ الانتفاضة على عرفات".
كيف حدث الانشقاق؟ هل تدخل النظام السوري؟
حدث تقاطع بين مجموعة من يسار فتح والنظام السوري، هذه المجموعة استاءت من عرفات لأنه أرخى قلوع مركبه للمبادرات الأميركية وبدأ بحركة تنقلات في القوات بحيث يفرغ لبنان ويضع قادة عليهم شبهات كثيرة. النظام السوري كان مستاءً منه لأن بعض قادة المقاومة، كأبو إياد وأبو صالح وجورج حبش، ألحّوا على عرفات حين يخرج من بيروت أن يذهب إلى سورية، لكنه خرج إلى اليونان ومنها إلى تونس، وبدأ يقترب أكثر فأكثر من المحور العراقي المصري فاستاء منه حافظ الأسد.
-ولكن العلاقة سيئة من الأصل بين عرفات والأسد؟
عندما استشهد مدير مكتب المنظمة في باريس برصاص مجموعة أبو نضال، ألقى عرفات في دمشق كلمة وأنهاها "قدنا في طريق صلاح الدين يا أبا سليمان"، والمقصود حافظ الأسد.
-ولكن هذه طريقة ياسر عرفات في المبالغة؟!
صحيح، ولكنه عندما خرج من بيروت قرر أن يرخي قلوعه للحلول الأميركية، والأمريكان استمروا معه من 1982 إلى 1987 وهم يعملون معه " دوخيني يا لمونة ".
- في دمشق عملت في مؤسسات فتح الانتفاضة؟
اشتغلت في مركز الدراسات التابع لفتح الانتفاضة، لكن حصل في ربيع 1985 أن تم خنق مجموعة من الفدائيين الفتحاويين في صيدا، فصرّح أبو موسى بأن من قتلهم سنشنقه، ثم تبين أن من قتلهم هو مسؤول الأمن بفتح الانتفاضة، حسن أبو شنار، فخرج أبو موسى يبرر أنهم جواسيس فكتبت مذكرة ونشرتها واستقلت من مركز الدراسات.
وتركت دمشق؟
لا، لم أترك دمشق، طلبوا اعتقالي من المخابرات السورية، والذي طلب اعتقالي هو زياد الصغير، أمين سر فتح الانتفاضة الآن، وزياد هذا كان قد عرف بالتحضير لفتح الانتفاضة، فذهب إلى أمين سر مالية فتح “أبو أسامة محمد” في دمشق وأبلغه ذلك، فأبلغ أبو أسامة عرفات في تونس وقد حلف، لاحقاً، أن عرفات لم يرفع رأسه عن الكتابة ولم يهتم للأمر لأنه كان يريدهم أن يخرجوا من فتح.
-أنت تقول هؤلاء يسار فتح، أغلبهم انتهوا إسلاميين؟
هم مع الرابح والذي يدفع. ربما دفعت لهم إيران فصاروا مع إيران. هم لم يعودوا يمثلون شيئاً الآن والذين كانوا يمثلون فيهم اليسار أبو صالح وقدري تم إخراجهم باكراً وبالاتفاق مع النظام السوري.
مثلا أبو خالد العملة كان عضواً في الحزب الشيوعي الأردني، وهو في الجيش الأردني ولكن كان على مبدأ "يلي تغلبّوا العبّوا".
‫‬- كيف كانت علاقتك بالنظام السوري خلال إقامتك في دمشق؟
وقعت على عريضة ضد التدخل السوري في الكويت، كنت ضد اجتياح العراق للكويت، لكن أن ترسل قواتك لتوفّر غطاء عربيّاً فلا، وكان معي جواز سفر سوري فسحبوه منّي، عدا ذلك لم يكن هناك مضايقات، وتركت سورية عام 1996 عندما سُمِح لي بدخول مصر.
عرفت الشيخ أحمد ياسين صغيراً؟
كان أحمد ياسين أشقى ولد في حارتنا قبل أن يقع على دماغه ويتم حمله بطريقة خاطئة إلى المشفى فيتقوّس ظهره ويُعاق. بعد أن أُعيق، كنّا في المدرسة نفسها، ولم يكن بيننا سوى سنتين ومن الحارة نفسها في الرمال.
تستكمل كتابة مذكراتك؟
كتبت مذكراتي مضطرّاً بعد إلحاح تلامذتي وتحفظت لأنني لم أتول منصباً مهمّاً ولأن من يكتب مذكراته يكون قد نوى مغادرة السياسة، وأنا لم أفعل، ولكنهم أحرجوني ضمن ورشة التحرير.
مستمر بورشة التحرير وننشر ما ننتجه فيها بمجلة "صامد الاقتصادي" التي يرأس تحريرها أحمد قريع، والمشرف الحقيقي عليها هو فاروق الوادي وأحمد قريع يقرأها مثلما نقرأها نحن.
وأذكر أنني كتبت مرةً دراسة عن الديمقراطية المنتظرة في الدولة الفلسطينية أيام أبو عمار، فقلت، إنه بعد أن عاد من في الخارج إلى فلسطين كان لسان حالنا في الداخل "وانتظرنا عروس البحر فإذا المولودة قردة " ونشر المقال.

ذات صلة

الصورة
(غسان كنفاني خلال مؤتمر صحافي في عمّان، 1970، تصوير: بول بوبر)

ثقافة

تواجهت مع أولى نصوص غسّان كنفاني أثناء المرحلة الثانوية. في نحو مئة صفحة فقط، صاغ لنا روايته "رجال في الشمس" بأربع شخصيات تمتلك ملامح حادّة، ولغة مكثّفة بحوارات ورسائل لا تُخطئ هدفها،
الصورة

سياسة

هاجم مشاركون بمسيرة لحركة "فتح" في مدينة رام الله، وسط الضفة الغربية، مساء اليوم الأحد، مسيرة أخرى على بعد عشرات الأمتار خرجت احتجاجاً على مقتل المعارض السياسي نزار بنات، كما أطلق الأسرى مبادرة للخروج من الأزمة الراهنة وحقن الدماء الفلسطينية.
الصورة
حاتم عبد القادر (العربي الجديد)

سياسة

دعا عضو المجلس الثوري لحركة "فتح" حاتم عبد القادر، في تصريح لـ"العربي الجديد" اليوم الأحد، الرئيس الفلسطيني محمود عباس لعدم الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، المزمع إجراؤها في الـ31 من شهر يوليو/تموز 2021.
الصورة
قوات الاحتلال الاسرائيلي-موسى الشاعر/فرانس برس

سياسة

أصيب ما لا يقل عن خمسة عشر فلسطينياً بالرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع خلال مواجهات عنيفة شهدتها قرية رافات شمال غربي القدس المحتلة، عقب قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي مهرجاناً لحركة "فتح".
المساهمون