عجلة المحادثات اليمنية تعود للدوران من بوابة الأسرى

17 سبتمبر 2020
لا يُعرف على وجه الدقة عدد الأسرى والمعتقلين اليمنيين لدى الجانبين (أحمد الباشا/فرانس برس)
+ الخط -

تقترب عملية السلام اليمنية المتعثرة من انفراج جزئي بعد إعلان قطبي الصراع المحتدم في البلاد منذ نحو 6 سنوات، عن استئناف المحادثات في ملف الأسرى والمعتقلين والمخفيين قسراً، الذي تم تهميشه في ذروة تفشي فيروس كورونا خلال الأشهر الماضية، رغم الدعوات الدولية المتكررة لإطلاق المحتجزين.

ومن المنتظر أن تشهد مدينة جنيف السويسرية، غداً الجمعة، بدء محادثات بين الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً وجماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، بشأن ملف تبادل الأسرى؛ أحد الملفات الرئيسية لاتفاق استوكهولم الموقع بين الجانبين، أواخر العام 2018.

ويأتي استئناف المحادثات في هذا الملف الذي ترعاه الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي، وسط تصعيد عسكري غير مسبوق تشهده محافظة مأرب النفطية، شرقي البلاد، والتي تستميت جماعة الحوثيين في سبيل الاستيلاء عليها.

وتطمح الأمم المتحدة التي عجزت عن كبح التصعيد العسكري، أن تُسهم أي خطوات متقدمة في ملف الأسرى الإنساني، ببناء ثقة معدومة بين الأطراف اليمنية، والدخول بتفاهمات جديدة ابتداء من الشق العسكري أو الاقتصادي، وصولاً إلى الحل الشامل.

وقالت مصادر حكومية لـ"العربي الجديد"، اشترطت عدم ذكر اسمها، إنّ استئناف محادثات ملف الأسرى، "جاء بعد ضغوط دولية كبيرة من الولايات المتحدة وبريطانيا، بالتزامن مع تحركات سعودية مكثفة أشركت فيها عدد من الدول الإقليمية وروسيا ضمن مسار يشبه خارطة طريق للحل السلمي".

تشهد مدينة جنيف السويسرية، غداً الجمعة، بدء محادثات بين الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً وجماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، بشأن ملف تبادل الأسرى

ولا يُعرف على وجه الدقة عدد الأسرى والمعتقلين اليمنيين لدى الجانبين، وعلى الرغم من تفاهمات بالعاصمة الأردنية عمّان، منتصف فبراير/ شباط الماضي، تم بموجبها الاتفاق على تبادل 1420 أسيراً من الجانبين، في أكبر عملية ترعاها الأمم المتحدة على الإطلاق منذ بدء الحرب، إلا أنّ توقعات بأنّ الرقم الإجمالي قد يتجاوز 20 ألف أسير ومعتقل ومخفي.

وتضم سجون الحوثيين العدد الأكبر من المعتقلين، ونظراً لكثرة الأطراف التي تقف على طاولة المحادثات بمقابل جماعة "أنصار الله"، يسعى كل فصيل بالحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، إلى استعادة عناصره بدرجة رئيسية، وعلى رأسهم السعودية والجيش الوطني فضلاً عن مكونات حزبية منضوية تحت لواء "الشرعية".

وخلافاً للجانب الحكومي المتشعب على قوات وفصائل متعددة القيادات لا تجمعها غرفة عمليات مشتركة، تمتلك جماعة الحوثيين قاعدة بيانات موّحدة لأسرى ومعتقلي الطرف الآخر، لكنها تواجه اتهامات باختطاف مئات المدنيين والناشطين الحقوقيين من المنازل وحواجز التفتيش ومقرات عملهم من أجل المقايضة بهم مع أسرى حرب حقيقيين كانوا بجبهات القتال.

إحياء اتفاق عمّان
وفقاً لمصادر "العربي الجديد" الحكومية فمن المقرر أن تشهد محادثات جنيف تنفيذ اتفاق عمّان العالق منذ 7 أشهر، مع تعديلات بسيطة بهوية الشخصيات الرفيعة المطالب بالإفراج عنها، فضلاً عن السعي للدخول في نقاشات حول مرحلة ثانية وثالثة.

وفي مشاورات عمّان، تم الاتفاق على تبادل 1420 بينهم إحدى الشخصيات البارزة في سجون الحوثيين، وهي اللواء ناصر منصور هادي، شقيق الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي.

ومع تعثر التبادل منذ 7 أشهر، كانت الأمم المتحدة قد اقترحت، منتصف مايو/ أيار الماضي، تجزئة اتفاق عمّان على مرحلتين، بحيث يتم في الأولى تبادل 1030 أسيراً من الطرفين، فيما تشمل المرحلة الثانية 390 أسيراً، لكن تلك الخطوة فشلت هي الأخرى بالتحقق على أرض الواقع.

وأعلن عضو الوفد الحكومي المفاوض في ملف الأسرى، ماجد فضائل، مساء أمس الأربعاء، أنّ الحكومة الشرعية ستطرح في محادثات جنيف عملية تبادل على أساس "الكل مقابل الكل"، وهي الخطوة التي قوبلت برفض من جانب الحوثيين بمحادثات عمّان.

ومن المتوقع أن تشمل عملية التبادل المرتقبة، ضباطاً سعوديين، وسط رفض للحوثيين إدراج طيارين تم أسرهما عقب إسقاط مقاتلة حربية سعودية بالجوف مطلع فبراير/ شباط الماضي، حيث تصر الجماعة على مقايضتهم بمعتقلين من حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بالسجون السعودية.

تفوق الوساطات القبلية
وعلى الرغم من الدعم الدولي الكبير في سبيل إنجاح هذا الملف، إلا أنّ الشكوك مازالت تحوم حول نجاحه بشكل كامل وتبادل كافة الأسرى، في ظل اتهام كل طرف للآخر بالتهويل في أرقام الأسرى والمحتجزين وتقديم كشوفات تعجيزية فيما يخص من قضوا خلال المعارك أو جراء ضربات جوية ولم تتم معرفة مصيرهم.

وتتهم جماعة الحوثي، المبعوث الأممي مارتن غريفيث وفريقه، بأنه السبب وراء الإخفاق في تحقيق أي تقدم بملف الأسرى منذ اتفاق عمّان، جراء ما سمته "الأداء الضعيف" للفريق الأممي، وسكوته عن تصرفات الطرف الآخر، في إشارة للحكومة الشرعية.

وكانت الوساطات القبلية التي يقودها شيوخ قبائل ووجهاء، تحقق تقدماً لافتاً على حساب المساعي الأممية بملف الأسرى، فمنذ توقيع اتفاق عمّان، أبرمت جماعة الحوثيين، عدة صفقات تبادل برعاية محلية تامة، كان أغلبها مع المقاومة الشعبية والجيش الوطني الموالي للشرعية بمحافظتي مأرب والجوف.

وقالت مصادر لـ"العربي الجديد"، اشترطت عدم كشف هويتها، إنّ جماعة الحوثيين "استعادت خلال الـ7 أشهر الفائتة التي تلت مشاورات عمّان، 121 أسيراً في عمليات تبادل مختلفة، أغلبها كانت في شهر أغسطس/ آب الماضي، حين استعادت 71 أسيراً من الجانب الحكومي".

المساهمون