للسنة السادسة على التوالي يستعد شباب عراقيون من بغداد لإحياء الكرنفال الثقافي الأكبر على مستوى البلاد، "أنا عراقي أنا أقرأ" الهادف لتطوير الوعي ونبذ الأحقاد التي خلفتها الأحزاب السياسية بينهم، من خلال توزيع الكتب العلمية والأدبية مجاناً في شارع "أبو نواس"، بالقرب من نهر دجلة.
ونظم الشباب المهرجان الثقافي "أنا عراقي أنا أقراً" خلال السنوات الخمس الماضية، في بغداد فقط، ثم التحقت محافظة ميسان بالمشروع عام 2013، لكنها لم تستمر، وعادت هذه السنة لتعلن مشاركتها، بالإضافة إلى مشاركة مدينة الموصل المحررة أخيراً من سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي.
ويسعى القائمون على المهرجان في بغداد، إلى جمع أكثر من 40 ألف كتاب، لكسر معدل الكتب التي وزعت خلال العام الماضي، والتي قُدرت بـ16 ألف كتاب.
وقال رئيس اللجنة الإدارية في مبادرة "أنا عراقي أنا أقرأ"، بهاء كامل لـ"العربي الجديد"، إن "الموسم في هذه السنة سيكون مختلفاً عن السنين الماضية، لأن محافظتين عراقيتين دخلتا على خط إقامة المهرجان، فالعراق على موعد في الأول من سبتمبر/ أيلول المقبل مع أكبر مهرجان للكتب، في بغداد وميسان والموصل".
وأضاف إن "الفريق التطوعي استطاع خلال الأسابيع الماضية توفير الكثير من الأمور اللوجستية في ميسان والموصل، لكن هناك صعوبات تواجهنا بسبب الضعف المالي، لذلك توجهنا إلى شركات تجارية كي ترعى المهرجان وتوفر أشياء نحتاجها، وكانت تلك الأخيرة متخوفة من دفع المال بسبب الأوضاع الأخيرة التي حصلت في بغداد وأبرزها المظاهرات"، لافتاً إلى "عدم التوجه إلى أي جهة حكومية طلباً للتمويل".
وتابع "الجهود الحالية هي فردية خالصة بدون أي دعم، وهناك تبرعات بالكتب وبعضهم يتبرع بالأموال. ونسعى عبر المهرجان إلى توجيه الشباب نحو القراءة، وتحديداً شباب الموصل الذين حُرموا من التواصل الثقافي بسبب احتلال داعش لمناطقهم، وإشاعة ثقافة القراءة وإعادة الحياة للكتب والمكتبات".
وقال الناشط من بغداد حسين هادي، إن "مهرجان أنا عراقي أنا أقرأ، من المبادرات المهمة التي تهدف إلى زيادة الوعي لدى الشباب، وهي دعوة إلى تثقيف المجتمع والتنحي عن التعصب الفكري، وذلك لأن المجتمع العراقي بات يعاني من الجهل والتعصب بسبب الحروب وعدم الاهتمام بالقراءة، في ظل لامبالاة الجهات الحكومية والمختصة"، مبيناً أن "بغداد تستحق أن تستعيد جمالها بهذه المبادرة، وخصوصاً أن العاصمة عانت من الحروب والتشدد الطائفي وتضييق الحريات عليها من قبل الأحزاب".
وفقدت بغداد بعد الاحتلال الأميركي عام 2003 الكثير من المراجع وأمهات الكتب من المكتبات العامة والجامعية، ولم يتمّ تعويض أغلبها، كما ضعف مستوى النشر والإخراج والتصميم كمّاً ونوعاً، وقلّ استيراد المطبوعات من الخارج لأسباب عدّة ساهمت في ارتفاع أسعارها أضعافاً، ولم يسلم الكتاب المدرسي الذي لا يصل إلى ملايين الطلبة نتيجة عدم قدرة الحكومة على تأمينه.
وبيَّن الصحافي حمزة الحسيني، إن مبادرة "أنا عراقي أنا أقراً، تعد من أبرز المبادرات الثقافية في العراق، وعلى مدى العام، تمر أكثر من مبادرة هدفها إشاعة ثقافة القراءة، إلا أن مبادرة أنا أقرأ هي الأبرز".
وقال لـ"العربي الجديد"، "ما يميز هذه المبادرة أنها تعتمد على ملاحظات واقتراحات ومساهمات الجمهور من خلال التواصل معه، فوفق ما تتلقاه من أفكار عبر مواقع التواصل الاجتماعي تشرع بالتنفيذ، وحاول كثير من السياسيين في بغداد الاستيلاء عليها عبر تمويلها، إلا أن القائمين عليها لم يسمحوا بذلك".
كذلك قال عضو المجلس المحلي في بغداد، محمد الربيعي، لـ"العربي الجديد"، إن "دور الحكومة المحلية في بغداد، يقتصر على ترتيب ما يحتاجونه من اللوجستيات، إذا ما أرادوا مساعدة، فضلاً عن تأمين مكان المهرجان، وهو شارع أبو نواس، وتحديداً في حديقة شهريار وشهرزاد"، لافتاً إلى أن "الحكومة في العاصمة تشجع هذه المبادرة وغيرها من المهرجانات التي تبث الحياة، ومن خلالها نرسل رسالة إلى العالم، بأن المواطن العراقي والبغدادي تحديداً ما يزال يقرأ ويهتم بتثقيف نفسه، فضلاً عن إسكات من يصف بغداد بأنها أسوأ مدينة للعيش وأخطر منطقة في العالم، فالحياة طبيعية في العاصمة".