بالتزامن مع الحراك الشعبي في العراق، بدأت الجاليات العراقية في أوروبا تحركاً مسانداً لتلك المطالب، بمشاركة مختلف التيارات العراقية وجمعيات تعبر عن التعدد العراقي، من خلال اعتصامات وندوات تشارك فيها المنظمات والمؤسسات والشخصيات الأكاديمية والفنية والثقافية المقيمة في الدول الإسكندنافية.
ويأمل عدد من أبناء الجالية العراقية في الدنمارك أن يكون الحراك الشعبي في بلدهم "بداية لحراك أوسع، وبسقف مطالب متصاعدة تنهي الفساد المستشري في مؤسسات الدولة العراقية والطائفية السياسية".
وقال سامي لافي الهلالي، من التيار الديمقراطي العراقي، لـ"العربي الجديد": "هذه المشاركات في الخارج مهمة لمساندة التظاهرات التي تحدث في البلد. فليس من المعقول أن دولة لديها دخل قدره 140 مليار دولار سنوياً تقف عاجزة عن توفير أهم مستلزمات الحياة لمواطنيها على مدار 12 سنة، قبل 2003 كانت الكهرباء والمياه متوفرة، فلماذا ساءت إلى هذه الدرجة؟".
ويشير الهلالي إلى أن "الدولة تسرق المليارات وتقدم آلاف المشاريع الوهمية ثم ينهبون الموازنات إلى جزر في الخارج".
ويقول رئيس الجمعية المندائية، ورئيس تحرير مجلة "المعرفة"، عبد الرزاق شمخي، إن "الصوت العراقي في الخارج مؤثر في تواصله مع المجتمع الدولي والحكومات المختلفة حول العالم لتوضيح ما يجري في العراق من فساد مستشر".
اقرأ أيضاً: الجوع يهدد مليوني نازح في العراق
ولا يتوقف غضب العراقيين في الخارج على حكومة العراق بسبب "الإهمال في تقديم مستلزمات أساسية لمواطنيها"، كما يقول الصحافي هاشم مطر، بل يتعدى ذلك إلى اعتقاد كثيرين أن النظام السياسي العراقي القائم حالياً يستند "إلى محاصصات طائفية وارتهان تيارات دينية للخارج".
ويضيف شمخي: "المطالب ستتصاعد في العراق طالما هناك حشد جماهيري يرفض السياسات القائمة منذ 12 سنة، وهذا تذكير لهؤلاء أن من ساهم في إسقاط صدام هم عراقيو الخارج، وعلى سياسيي وبرلمانيي العراق اليوم أن يدركوا ذلك، فهناك تناغم ما بين الداخل والخارج".
ومثلما يتوقع عبد الرزاق شمخي أن "يتصاعد الوضع في العراق نحو عصيان مستقبلي" فإن غيره ممن أدلوا برأيهم لـ"العربي الجديد" يذهبون باتجاه تشبيه الحالة العراقية للمغتربين بما كانت عليه سنوات الحصار.
وتقول غيمان: "كان يمكننا أثناء الحصار أن نرسل مساعدات لأهلنا، لكن الواقع الحالي أصعب. في الحقيقة الناس مهددة اليوم بالقتل، وبالفعل القتل والاستهداف يجري في الشوارع".
ويشير أحد المشاركين، والذي فضّل عدم ذكر اسمه، إلى أن "الناشطين منذ 2011 يجري استهدافهم، فقد جرت تصفيات جسدية واعتقالات لكثير من رفاقنا في سياق تكميم الأفواه، وما تمارسه مليشيات، بينها الحشد الشعبي، من قتل على الهوية لم يعد مقبولاً. هوية العراق العربية في مدن الجنوب جرى استلابها ولهذا سنرى المزيد من التحركات لإعادة العراق لأهله بعيدا عن هيمنة المؤسسات الدينية التي تحاول ركوب موجة التحركات".
وفي السياق ذاته تضيف إيمان من التيار الديمقراطي العراقي: "للأسف جرى تحويل الجيش العراقي إلى جيش طائفي، وبالتالي الحشد الشعبي ينمّ عن عقلية التحول الطائفي التي تشكل خطراً على المجتمع العراقي".
من جهته يقول المعماري العراقي خالد السلطاني: "الأمور في العراق سوف تتعقد أكثر بفعل وجود مشاكل كثيرة متراكمة، و"الأنكى" من ذلك أن المسؤولين في الحكومة لا يشعرون بالمسؤوليات الملقاة عليهم. أستغرب ادعاء أقطاب الحكومة أنهم مؤمنون ونزيهون، بينما في الوقت ذاته يقومون بكل الموبقات. نريد أن نشارك في إنقاذ البلد ونساهم في نهضته ونموه كعراقيين أينما كنا".
التشكيلية العراقية أمل مطر، المقيمة في كوبنهاغن، ترى أن "الوقت مناسب للعراقيين أينما كانوا لإسقاط هذا الحكم الفاسد في العراق" على حد قولها. في حين يقول الشاعر العراقي عبد القادر البصري: "العراق يستحق الأفضل، فقد ضحى شعبه طيلة سنوات لأجل أن يبني وطناً خالياً من الفساد".
ويرى زيد أحمد في كوبنهاغن أن "التحرك الجماهيري سوف يتصاعد، وبالأصل القضية ليست فقط مطالب مشروعة وحياتية، فلو لم تكن هذه الانقسامات بين التيارات والأحزاب والحرب مع داعش لكنا شهدنا نهضة جماهيرية متصاعدة بشكل أكبر في العراق، خصوصاً للإجهاز على الفساد. الانقسام في العراق ينعكس بالتأكيد على الجاليات في الخارج".
من جهته أصدر التيار الديمقراطي العراقي في الخارج مذكرة باسم جمعيات عدة لجاليات عراقية تنضوي تحت مظلته، تتهم تيارات سياسية حكومية بترسيخ "المحاصصة الطائفية وبيع مناصب حكومية لأشخاص غير أكفاء بما فيها الوزارات". وعددت المذكرة كيف أن "الحكومات المتعاقبة ارتبطت بأحزابها طائفياً وسياسياً دونما مراعاة لأية قيمة وطنية عراقية".
وقال علي البصري المغترب في السويد منذ 20 سنة: "كل المحاولات التي تجري مؤخراً نرجو ألا تصبح ترقيعية، فالفساد مستشر حتى النخاع، ومن المؤسف القول إن المشهد سوريالي جداً، فصور قادة إيران تنتشر في مدن مثل البصرة وغيرها، وتذهب الأحزاب الدينية لإقناع الناس بأنها لا تملك أجندات سوى الوطنية العراقية، وذلك ليس في الحقيقة سوى عملية نصب وركوب لموجة الحراك الشعبي".
اقرأ أيضاً: عدد النازحين العراقيين يتجاوز ثلاثة ملايين شخص