لطالما كان المهاجرون العرب والمسلمون الأوائل إلى دول اسكندنافيا يجهدون في إرسال موتاهم إلى دولهم الأصلية. وكان يرافق هذا الأمر تعقيدات مادية وبيروقراطية عديدة، بخاصة لجهة استصدار الأوراق من دوائر الدول المستضيفة، ومن ممثليات الدول الأصلية.
لكن، وفي أواخر ثمانينيات القرن الماضي، ومع تكاثر الوجود العربي والمسلم هناك، وهجرة ولجوء عائلات بكامل أفرادها، توافرت بدائل، من خلال مقابر خاصة بالمهاجرين.
وبالرغم من أنّ هذه المقابر لا تعتبر إسلامية بالمعنى المتعارف عليه في البلاد العربية، فإنّ مقابر المدن الكبرى التي تتواجد فيها جاليات كبيرة يجري تخصيص أماكن فيها للمسلمين. ولا يفصلها عن المدافن الأخرى سوى سياج من الشجيرات. وتعتبر "المقبرة الإسلامية" في منطقة برونبي القريبة من العاصمة الدنماركية، كوبنهاغن، والتي تشرف عليها 23 جمعية ثقافية وإسلامية وشبابية، الأولى من نوعها تحت هذا المسمى. لكنّها تشكل جزءاً من المقبرة العامة في المدينة. وقد تم شراء مساحة 50 ألف متر مربع ملاصقة للمقبرة العامة، خصص منها 32 ألف متر مربع كمدافن. وافتتحت المقبرة رسمياً عام 2006، بمشاركة وزير الكنائس الدنماركي، بارتيل هاردر، ووزيرة الدمج، ريكا فيلسهوي.
ويتطلب الدفن في هذه الدول نقل الميت إذا كان في بيته أو المأوى، إلى المستشفى، وانتظار الموافقة على الدفن التي قد تتأخر لأيام.
من جهتهم، يتجنب مسلمو تلك البلدان تشريح جثث أقاربهم، إلاّ في الحالات التي يوصي الميت نفسه بتشريحه لمعرفة السبب الحقيقي لوفاته. أما من يموتون بسن دون الثامنة عشرة فتطلب المستشفى من أهلهم الإذن بالتشريح في الحالات التي يكون فيها الموت فجائياً.
وعلى الرغم من محاولات تجنب التشريح، الذي يؤدي أحياناً إلى اصطدام بين أقارب الميت وبعض المستشفيات، فالقانون هو الذي يبتّ الأمر غالباً، وخصوصا في الحالات التي يشك فيها بأسباب الموت.
لم تنتشر بعد مكاتب دفن المسلمين كما لليهود في الدول الإسكندنافية، رغم محاولات تركية حثيثة في هذا الشأن. وكل ميت في الدنمارك مثلاً، يجب أن تمر عملية دفنه، من خلال مكاتب دفن متخصصة ومعترف بها، بمن في ذلك المسلمون. وفي حال وفاة شخص مقيم في الدنمارك أو السويد أو النرويج، وبغض النظر عن جنسيته الأصلية وديانته، ورغب أهله في نقله من بلد آخر توفي فيه، فإنّ الدولة والتأمين الصحي يتكفلان بنقله إلى أحد البلدان الثلاثة.
كما تسمح السلطات للمسلمين بغسل موتاهم وفق شريعتهم. وتخصص أماكن خاصة في مشارح المستشفيات يقوم المسلمون أنفسهم عليها. وفي العادة، يخرج الموتى من هذه المشارح في سيارات دفن الموتى باتجاه المقابر التي تخصص فيها مساحات للعرب والمسلمين. أما في قوانين الدفن، فلا يمكن للعرب والمسلمين دفن موتاهم من دون تابوت تتولى إحضاره وتجهيز الميت فيه مكاتب دفن الموتى، التي يرافقها رجل دين مسلم في العملية.
وفي معظم الحالات، لا يصلى على الموتى المسلمين في المساجد إلا بموافقات واستثناءات محددة، فيما تقام معظم الصلوات على الموتى في المقابر المحددة.
أما بخصوص القبر، فيتم شراؤه لمدة 20 عاماً. ويجري تجديد عملية الشراء قبل انقضاء المدة المحددة.
بدورهم، أسس المهاجرون الأتراك، منذ عدة عقود، جمعيات مخصصة لنقل الموتى إلى تركيا. ويشترك معظم المنضوين إلى تلك الجمعيات بمبلغ سنوي زهيد تتحمل من خلاله تكاليف نقل الموتى إلى مدنهم وقراهم الأصلية. فعملية نقل الجثامين في الطائرات تتطلب معاملة خاصة وموافقة الطب الشرعي.
وكانت السفارتان المغربية والتركية، بسبب وجود أغلبية عمال من البلدين في الفترات الأولى للهجرة، تتكفلان بالقيام بالعمليات المطلوبة لنقل الموتى إلى البلدين.
يشار إلى أنّ نسبة المسلمين اليوم في الدنمارك تصل إلى 4.2 في المائة، ويتوقع وصولهم إلى 6 بالمائة عام 2030.، فيما يذهب المتخوفون إلى أنّ نسبة المسلمين ستصل إلى 30 في المائة في ذلك التاريخ مع زيادة اللاجئين والمهاجرين. أما في النرويج، فتصل نسبة المسلمين إلى 3 بالمائة. مع توقعات بأن تصل عام 2030 إلى 6.5 بالمائة، بينما يؤكد المتخوفون أنّ النسبة ستتراوح ما بين 15 بالمائة و20 بالمائة. وفي السويد تقدر نسبة المسلمين اليوم بحوالى 8 بالمائة، وفي دراسات أخرى 9 بالمائة. وكذلك يتخوف البعض من وصولهم إلى 30 في المائة بعد عشرين عاماً.