عرب يسقون دماءهم بدماء الآخرين

02 اغسطس 2015
عرس عربي في الدنمارك(العربي الجديد)
+ الخط -
في هذا العدد من "ملحق جاليات/العربي الجديد" نفرد ملف "الزواج المختلط"، العربي -الغربي، بعيدا عن أوهام وأساطير تلك العلاقات الإنسانية التي أريد في السنوات الأخيرة تغليفها بطابع مختلف عن مقاصدها. وتصويرها كزواج منفعة.
قصة هذا التزاوج لم تبدأ حديثا، بل هي ممتدة إلى القرن التاسع عشر، وبعض الدراسات تعيدنا إلى الزمن العربي في الأندلس حيث انتشر تمازج دم عربي وأمازيغي بدم إسباني. كان للبعثات نحو فرنسا وغيرها دور في انتشار العلاقات بين الوافدين، من جيل الشباب الدارسين، ومواطنات تلك البلدان. ولنا في قصة زواج طه حسين مثلا على ما نعنيه بذلك التلاقح الثقافي والحضاري.
يعتبر الخبراء والباحثون في هذا المجال بأن النظرة المجتمعية لقضية الحب عبر عقود الهجرة الأولى لشباب راح يدرس أو يعمل في الغرب، أسهمت في ارتباطات وجد فيها هؤلاء التعبير عن مشاعرهم ممكنا على عكس البيئة التي كانت تمنعها.
حيث ينتشر الملايين من العالم العربي في دول غير عربية، وبعضهم منذ أكثر من مئة وخمسون سنة في اللاتينية، يصعب ألا تواجه الزيجات المختلطة. لكن هل تلك الزيجات هي "إرثا مأسويا" بالمطلق؟
الأحكام المسبقة على حالات الفشل الذريع الذي منيت به تلك الزيجات، ومساهمة البعض في جعلها الظاهرة وليس حالة الفشل، شكلت منطلقا لخيال اعتبار كل التجربة فاشلة.
في عددنا هذا يتحدث بصراحة هؤلاء الذين انخرطوا في زيجات مختلطة، وبعض من ينحدر منها له رأيه وهو يتحدث عن "النجاح والفشل". ومما لاشك فيه فإن إحصائية تقول بزواج 70 إلى 75 ألف مصري من غربيات وتصويره على أنه بالمجمل "زواج صوري" أمر يقتل محاولة فهم الظاهرة كما هي. التعميم بحالات محددة، يمكن أن تحدث في أكثر المجتمعات العربية محافظة، لتصبح "تعميما" مسقطا انطلاقا من نظرة اجتماعية تحمل الكثير من الموروثات الشاكة في كل ما هو غير مشابه لـ"العرف". وما ينطبق أيضا على تقديرات بمليون ونصف حالة زيجة مغاربية مع غربيات وتصوير الرقم هكذا كـ"زواج أبيض" لأجل الحصول على الإقامات، أيضا لا يمنحنا صورة حقيقية.
الفشل الذي يودي بأب لاختطاف أبناء إلى بلده الأم، والعكس أيضا، كان الطاغي على صورة الفشل، لتنازع القوانين والأحوال الشخصية بين الدول. بينما الاستناد إلى قضية "الحلال" و "الحرام" والأعراف الاجتماعية والنفسية صد الكثيرين عن الإقدام على تلك الزيجات.
نفسيا واجتماعيا فإن الفشل يؤثر على الأطفال، سواء كان الزواج "نقيا" من ذات البيئة أم مختلط، بحسب ما يقوله الخبراء في هذا المجال. لكن إبراز نسب "الطلاق" في المختلط يجعله يبدو أكثر سلبية مما هو عليه في نسب مئوية كبيرة حتى لو كان الزواج من ذات العائلة والريف أو المدنية.
المساهمون