06 نوفمبر 2024
عروض سوريالية برسم الناخب العراقي
يكاد السباق الانتخابي الماثل في العراق أن يشبه مهرجانا سورياليا، يضم عروضا مستحدثة مختلفاً ألوانها، في محاولةٍ لخداع الناخب، والإيحاء له أنه مقبلٌ على تغيير جذري في المشهد السياسي الراهن الذي سئمه إلى درجة القرف، ولم يعد في وارد التعاطي معه. وفي التفاصيل أن واحدا من هذه العروض الملفتة إعلان عدد من أبناء سياسيي الخط الأول عن ترشيح أنفسهم لنيل مقاعد في البرلمان المقبل، أسوة بما يحصل في لبنان، من هؤلاء من لم يقدّر له أن يقيم في العراق سوى بضع سنوات، وربما شهور. ولا اعتراض من حيث المبدأ على ترشّحهم، أو حتى وصولهم إلى البرلمان، وهو وصول مؤكدٌ، بحكم نفوذ آبائهم وسيطرتهم على مقدّرات البلاد، فهم مواطنون قبل أو بعد كل شيء، وقد يكون آباؤهم قد سئموا هم أيضا من الحال، ففوّضوا الأمر لأبنائهم، والأبناء على أسرار آبائهم. ومن قبيل المناكفة نقول إن سوء حظ العراق قد يتواصل عقودا أخرى، إذا ما فكر الأبناء أن يستخلصوا من ماكنة السلطة والثروة، ما لم يستطع آباؤهم استخلاصه لأنفسهم!
وفي التفاصيل أيضا دخول عناصر من الجنس اللطيف إلى السباق الانتخابي بعدد أكبر مما جرى عليه الحال في الدورات السابقة، وبعضهن قدمن من عواصم جنسياتهن الثانية، بعد عقود من مغادرة البلد، وقيل همسا، وعسى أن لا يكون الهمس صحيحا، أنهن مدعوماتٌ من جهاتٍ معلومةٍ تريد الحصول على نفوذٍ وتأثير، وقد وعدن بالفوز تحت أي ظرف، لكن ما يبدو مرحّبا به في هذا المجال، خصوصا عند بعض مرتادي مواقع التواصل، أن أغلب من قدمن يتفوقن بفائض جمال ظاهر على نساء الدورات السابقة، وهي نقطة تحسب لصالحهن.
وعلى هامش ما يتردد في أوساط المواطنين المغلوب على أمرهم، فإن مشروع القانون الخاص بالمواقع السيادية والأمنية، ومن بينها عضوية البرلمان التي يمنع فيها ازدواج الجنسية، طبقا للمادة الثامنة عشرة من الدستور النافذ، والذي جرت العادة على ترحيل مناقشته من دورة برلمانية إلى أخرى، سوف يظل مرحلا إلى دوراتٍ لاحقة، تطمينا لرغبة بعض الذين رشحوا أنفسهم، ويرفضون التخلي عن جنسياتهم الثانية التي تنفعهم عندما يقرّرون الإياب، بعد أن يكونوا قد حصلوا على ما يقيم أودهم وأود أسرهم لعقود مقبلة.
وبعيدا عن حكايات توريث الأبناء، ومزدوجي الجنسية، والمرشحات الجميلات، ثمّة مفارقاتٌ
أخرى تطفو على السطح، من بينها توقع أحد المتابعين لمواقع التواصل أن ينشط "سوق مريدي"، وهو السوق المعروف في بغداد بتزويد من يريد بوثائق وشهادات مزوّرة، تعينه على الوصول إلى مواقع السلطة من دون عناء، خصوصا وقد شهدت الدورات البرلمانية السابقة وصول عدد من حاملي شهادات جامعية مزوّرة، وعلى الرغم من الاعتراضات التي وردت على شهاداتهم من بعض الحسّاد ظلوا ملتصقين بمقاعدهم حتى النهاية.
وثمة توقعات لا تخطئ، مفادها بأن عددا معتبرا من نواب الدورة الحالية سوف يظلون محتفظين بمقاعدهم بقدرة قادر، ومنهم من تحوّط لذلك، فأقدم على نقل ولائه من هذا الفريق إلى ذاك، أو عقد تحالفا مع تكتل جديد كان يمحضه العداء، وهدفه البحث عن صيد أسمن وأغنى.
ومن هوامش السيرك الانتخابي الماثل أيضا أن جموع النازحين الذين ظلوا مركونين في زاوية الإهمال طوال السنوات الماضية حظوا بمقادير من الاهتمام الزائف من مرشحين أغدقوا وعودا عليهم بأن مشكلاتهم سوف تحل، و"قدّموا لهم معونات غذائية بسيطة بطريقة مهينة"، كما حظي جرحى حرب الموصل بزيارات من مرشحين وعدوهم بتوفير العلاج لهم بعد فوزهم، بحسب المرصد العراقي لحقوق الإنسان الذي رصد أيضا محاولات مرشحي أحزاب معينة شراء ذمم الناخبين، بمنحهم قطع أراض وهمية، أو دفع مائة دولار مقابل البطاقة الانتخابية، أو توزيع بطاقات شحن الهواتف النقالة، أو ملابس رياضية على الشباب.
الحال هكذا، شئنا أم أبينا، عروض سوريالية في الفضاء الانتخابي على مدى السمع والبصر. وفي الأيام الباقية التي تفصلنا عن يوم التصويت الموعود، سوف نرى ونسمع عن عروض أخرى، ربما تكون أكثر مرارةً، وأكثر إثارة للضحك أيضا، لكنه الضحك الذي يشبه البكاء، وعندما تبدأ الدورة البرلمانية الجديدة سيكتشف المواطن المغلوب على أمره أن جديدا لم يحدث، ومكتوبٌ عليه أن يظل ينتظر غودو الذي يجيء ولا يجيء.
وفي التفاصيل أيضا دخول عناصر من الجنس اللطيف إلى السباق الانتخابي بعدد أكبر مما جرى عليه الحال في الدورات السابقة، وبعضهن قدمن من عواصم جنسياتهن الثانية، بعد عقود من مغادرة البلد، وقيل همسا، وعسى أن لا يكون الهمس صحيحا، أنهن مدعوماتٌ من جهاتٍ معلومةٍ تريد الحصول على نفوذٍ وتأثير، وقد وعدن بالفوز تحت أي ظرف، لكن ما يبدو مرحّبا به في هذا المجال، خصوصا عند بعض مرتادي مواقع التواصل، أن أغلب من قدمن يتفوقن بفائض جمال ظاهر على نساء الدورات السابقة، وهي نقطة تحسب لصالحهن.
وعلى هامش ما يتردد في أوساط المواطنين المغلوب على أمرهم، فإن مشروع القانون الخاص بالمواقع السيادية والأمنية، ومن بينها عضوية البرلمان التي يمنع فيها ازدواج الجنسية، طبقا للمادة الثامنة عشرة من الدستور النافذ، والذي جرت العادة على ترحيل مناقشته من دورة برلمانية إلى أخرى، سوف يظل مرحلا إلى دوراتٍ لاحقة، تطمينا لرغبة بعض الذين رشحوا أنفسهم، ويرفضون التخلي عن جنسياتهم الثانية التي تنفعهم عندما يقرّرون الإياب، بعد أن يكونوا قد حصلوا على ما يقيم أودهم وأود أسرهم لعقود مقبلة.
وبعيدا عن حكايات توريث الأبناء، ومزدوجي الجنسية، والمرشحات الجميلات، ثمّة مفارقاتٌ
وثمة توقعات لا تخطئ، مفادها بأن عددا معتبرا من نواب الدورة الحالية سوف يظلون محتفظين بمقاعدهم بقدرة قادر، ومنهم من تحوّط لذلك، فأقدم على نقل ولائه من هذا الفريق إلى ذاك، أو عقد تحالفا مع تكتل جديد كان يمحضه العداء، وهدفه البحث عن صيد أسمن وأغنى.
ومن هوامش السيرك الانتخابي الماثل أيضا أن جموع النازحين الذين ظلوا مركونين في زاوية الإهمال طوال السنوات الماضية حظوا بمقادير من الاهتمام الزائف من مرشحين أغدقوا وعودا عليهم بأن مشكلاتهم سوف تحل، و"قدّموا لهم معونات غذائية بسيطة بطريقة مهينة"، كما حظي جرحى حرب الموصل بزيارات من مرشحين وعدوهم بتوفير العلاج لهم بعد فوزهم، بحسب المرصد العراقي لحقوق الإنسان الذي رصد أيضا محاولات مرشحي أحزاب معينة شراء ذمم الناخبين، بمنحهم قطع أراض وهمية، أو دفع مائة دولار مقابل البطاقة الانتخابية، أو توزيع بطاقات شحن الهواتف النقالة، أو ملابس رياضية على الشباب.
الحال هكذا، شئنا أم أبينا، عروض سوريالية في الفضاء الانتخابي على مدى السمع والبصر. وفي الأيام الباقية التي تفصلنا عن يوم التصويت الموعود، سوف نرى ونسمع عن عروض أخرى، ربما تكون أكثر مرارةً، وأكثر إثارة للضحك أيضا، لكنه الضحك الذي يشبه البكاء، وعندما تبدأ الدورة البرلمانية الجديدة سيكتشف المواطن المغلوب على أمره أن جديدا لم يحدث، ومكتوبٌ عليه أن يظل ينتظر غودو الذي يجيء ولا يجيء.