وتعد التظاهرة، أول نشاط وحدوي يجمع كافة الأحزاب والحركات السياسية وأبناء المجتمع العربي في أراضي 48 منذ الهبة الحالية، انتصارا للقدس والأقصى.
وبات العرب هدفا لمعتدين إسرائيليين، إذ تعرض عدد كبير منهم لاعتداءات وعمليات طعن في الأيام الأخيرة، لمجرد كونهم عربا تواجدوا في محيط يهوديّ.
وكان من بين الحوادث أن تعرضت سيدة عربية وابناها، من مدينة الطيبة، لاعتداء في مدينة نتانيا صباح الثلاثاء، كما تعرض شاب من كفر برا اليوم أيضا لاعتداء في رعنانا، ليضافوا إلى ضحايا اعتداءات الإسرائيليين والمؤسسة الإسرائيلية التي تمنحهم غطاء، وسبق أن صدر عنها أكثر من دعوة لليهود إلى حمل السلاح.
وتصدّر الشباب المشهد في التظاهرة الوحدوية في سخنين، وذلك رداً على تهديدات المسؤولين الإسرائيليين وحملة الاعتقالات المسعورة التي تستهدفهم بها الشرطة الاسرائيلية منذ أيام، لترهيبهم من المشاركة في الاحتجاجات والمظاهرات، فضلا عن الاعتداءات الوحشية عليهم، بحسب ما أكده محامو دفاع لـ"العربي الجديد".
ورفع المتظاهرون شعارات، أكدوا من خلالها على تمسكهم بثوابتهم الوطنية والدفاع عن المقدسات الفلسطينية، وتلاحمهم مع الشعب الفلسطيني في القدس والضفة المحتلتين وقطاع غزة وكل مكان، محملين رئيس وزراء الاحتلال مسؤولية الأحداث الجارية. واختتمت المظاهرة بمهرجان خطابي لممثلي الأحزاب ولجنة المتابعة.
في غضون ذلك، لقي الإضراب العام والشامل، الذي دعت إليه لجنة المتابعة اليوم الثلاثاء، نجاحاً غير مسبوق في البلدات العربية من الشمال إلى الجنوب، كما شهدت العديد من البلدات مسيرات محلية، بهدف الحشد والتعبئة للمظاهرة المركزية.
وأكد عدد من المسؤولين المحليين في عدة بلدات عربية، لـ"العربي الجديد"، أن إضراب اليوم كان الأنجح في بلداتهم منذ سنوات طويلة، معللين ذلك بالتفاعل الكبير من قبل الناس مع الأحداث الجارية، وشعورهم بأنهم مستهدفون وأن الخطر يحيط بهم من كل جانب، وتأكيداً على أن المقدسات الإسلامية والمسيحية خط أحمر، وأن مضي الاحتلال في اعتقال الشباب والاعتداء عليهم، يرص الصفوف أكثر ويجلب عليه المزيد من الغضب.
الشاب أحمد خلايلة، الذي شارك في تظاهرة سخنين، أكد لـ"العربي الجديد"، أن "شبابنا واعون سياسيا ووطنيا، وإذا كنا نحن سنقف على الحياد في ظل ما نرى، فمن ذا الذي سيدافع عن حقوقنا ومقدساتنا ووطننا. كل ممارسات المؤسسة الإسرائيلية مهما بلغت وحشيتها لن تثنينا عن طريق النضال، ونحن مسالمون بطبيعتنا".
من جانبه، قال مازن غنايم، رئيس اللجنة القطرية، لرؤساء السلطات المحلية العربية ورئيس لجنة المتابعة بالوكالة، في حديث لـ "العربي الجديد"، إنه "آن الأوان للمؤسسة الإسرائيلية، أن تفهم أن مقدساتنا الإسلامية والمسيحية خط أحمر، وأننا لن نقف مكتوفي الأيدي أمام الانتهاكات المستمرة ولن نقبل بتقسيم الأقصى وفرض واقع جديد".
وأضاف: "في الأحداث الأخيرة هنالك اعتداءات تطاولنا في الداخل وتطاول شعبنا في القدس المحتلة والضفة الغربية. كنا نعتقد أن المؤسسة الإسرائيلية استخلصت العبر بعد هبة القدس والأقصى في العام 2000، لكن الوقائع تفنّد ذلك. اليوم الاحتلال يعيد الكرّة، وبدل محاسبة النفس يلقي باللوم على قيادات الداخل الفلسطيني ويتهمها بالتحريض. الذي يسمح للمستوطنين باقتحام الأقصى يوميا هو من يتحمل مسؤولية الأحداث. على المؤسسة الإسرائيلية الاحتكام إلى العقل، وإبداء نوايا حقيقية للسلام العادل والشامل، بدل أن نبقى غارقين في الدماء".
اقرأ أيضاً:إضراب عام في أراضي 48 وانتشار مكثف لشرطة الاحتلال
من جهته، قال رئيس الكتلة البرلمانية للقائمة المشتركة في الكنيست الإسرائيلي، النائب مسعود غنايم، لـ"العربي الجديد": إن "هذه التظاهرة رسالة لنؤكد أن القدس والأقصى حق للعرب والمسلمين ولا حق لإسرائيل هناك، كما نؤكد أنه لا يمكن الحديث عن حرية العبادة في ظل الاحتلال. ونحن ندين التحريض الأرعن الذي يقوم به بنيامين نتنياهو وحكومته على القيادات العربية وعلى الحركة الإسلامية والجماهير العربية قاطبة، هو السبب المباشر لحملة الاعتداءات على المواطنين العرب واستباحة دمائهم وإهدار حياتهم وتحوّلهم إلى هدف أمنيّ".
وأضاف أن "الجماهير العربية تناضل من أجل العيش الحر والكريم والمحترم على أرضنا في بلادنا، وسلاحنا هو قوة حقنا، وكفاحنا نقي ونظيف، فلسنا من سفاكي الدماء ولا نحن دعاة القتل. أما نتنياهو فيتصرف بشكل هستيري وليست لديه بوصلة، ويريد ضحية معيّنة ومتهم يلقى باللوم عليه، وهو يرى أن الجماهير العربية وقياداتها هما العدو الذي يريد التركيز عليه ليتهرب من المسؤولية، لكنه في الواقع المتهم الأول، والمسؤولية الأولى عما يحدث تقع عليه. أما القيادات العربية في الداخل الفلسطيني، فتتصرف بحكمة في هذه الظروف، وتدعو إلى كفاح منظم ومسؤول ووحدوي، كما تدعو إلى وقف سفك الدماء، على عكس ما يدّعيه نتنياهو بأنها مسؤولة عن التحريض".
أما رئيس التجمع الوطني الديمقراطي، واصل طه، فقد أكد خلال كلمته في المهرجان الخطابي الذي أعقب المسيرة، أن "الأقصى والقدس خط أحمر، ولا نبخل على الأقصى بدمنا. التحريض الذي يقوده قادة المؤسسة الإسرائيلية، يدفع نحو الانفلات، فأصبح الأمن الفردي للفلسطيني في الداخل في خطر. ونحن نتحدى المؤسسة الإسرائيلية وقادتها، أن يأتوا بتصريح واحد لقادتنا ونوابنا بأنهم يدعون إلى العنف، ولكن المؤسسة هي من تحرض على العنف وعلى قتل العرب، أما نحن فشعب صامد ونفَسُه طويل. الكثيرون مروا على هذا الوطن وبقينا نحن هنا وهذا ما سيكون".
وبعث طه بثلاث رسائل رئيسية للمؤسسة الإسرائيلية، طالب من خلالها بوقف كل الإجراءات ضد الحركة الإسلامية، التي تسعى المؤسسة الإسرائيلية لإخراجها عن القانون، كما طالب برفع اليد عن الأقصى ووقف كل الإجراءات ضد الحرم القدسي الشريف، ووقف التحريض على النواب العرب في الكنيست.
اقرأ أيضاً:الاحتلال يستهدف مقوّمات انتفاضة الداخل... والسلطة تشاركه جهود "التهدئة"