تنشط في العاصمة العراقية بغداد عصابات الخطف بشكل لافت، مستغلة الفوضى الأمنية والصراعات السياسية في البلاد، ما يثير قلق البغداديين من غياب قدرة الحكومة على منع هذه الظاهرة، رغم الملاحقات الأمنية المستمرة لتلك العصابات.
وتركز العصابات على اختطاف الأشخاص من مختلف الأعمار، بما في ذلك الأطفال، ثم تطالب ذويهم بدفع فدية تصل إلى مبالغ كبيرة جداً، فضلاً عن دوافع أخرى طائفية للخطف، كما تشترك فيها النساء للإيقاع بالضحايا.
وأعلنت السلطات الأمنية العراقية، اليوم الأحد، عن اعتقال عصابة للخطف شرق بغداد مكونة من خمسة أشخاص، بينهم امرأتان.
وذكرت مصادر أمنية عراقية أن "قوة أمنية نصبت كميناً لإحدى عصابات الخطف، شرق بغداد، وتمكنت من إلقاء القبض عليها في منطقة البلديات ببغداد، وجرى تحرير طفل كانت العصابة قد اختطفته مسبقاً"، موضحة أن "الشرطة نقلت العصابة إلى أحد مراكز التحقيق الأمنية في بغداد، وسلمت الطفل المختطف إلى ذويه".
ولا يكاد يمر أسبوع إلا وتعلن فيه السلطات الأمنية العراقية عن اعتقال عصابة للخطف في العاصمة أو محيطها، أو عن تحرير مختطفين.
ويرى المراقبون أن عصابات الخطف نشطت في بغداد مؤخراً بشكل لافت نتيجة ضعف أجهزة الأمن العراقية وانشغالها بتأمين طرق العاصمة الداخلية، خلال التظاهرات التي تخرج بين آونة وأخرى للمطالبة بالإصلاح السياسي.
ويوضح المحلل الأمني فيصل الملا أن "تلك العصابات تستغل الفراغ الأمني وانشغال السلطات الأمنية والتدهور السياسي، فضلاً عن ضغوط المليشيات المسلحة على أجهزة الأمن، خاصة أنها تسيطر على كثير من مفاصل الدولة، ما سبب ضعف الأمن وتدهوره في البلاد".
ويضيف الملا لـ"العربي الجديد"، أن "عمليات الخطف تطاول رجال أعمال وميسورين، بهدف الحصول على فدية مالية، أو لأهداف طائفية على يد مليشيات مسلحة تجوب شوارع العاصمة وتسيطر على العديد من مناطقها، وحتى مفاصل مؤسساتها ودوائرها".
ويلجأ أهالي العاصمة بغداد إلى تغيير جداولهم اليومية وطرق سيرهم نحو أعمالهم أو عودتهم إلى منازلهم، خاصة في الليل، خشية التعرض للخطف.
ووجد رجال الأعمال وأصحاب شركات الصرافة ومحال الذهب أنفسهم مجبرين على تحصين أنفسهم بالأسلحة الشخصية في سياراتهم للدفاع عن أنفسهم، في حال تعرضهم لمحاولة خطف.
من جانب آخر، بدأ العديد من الشباب والشابات تعلم فنون الدفاع عن النفس في بعض المراكز الرياضية المتخصصة، خاصة فنون الكاراتيه لإنقاذ أنفسهم من محاولات الخطف التي قد يتعرضون لها.
ميسون الياسري (31 عاماً) من أسرة ميسورة الحال تقول: "فكرت في تعلم فنون الدفاع عن النفس بعد أن تعرضت صديقتي لمحاولة خطف نجت منها بأعجوبة، ثم تعرض شقيقها الأصغر للخطف على يد إحدى العصابات التي أفرجت عنه مقابل فدية مالية". وأوضحت لـ"العربي الجديد" أن "أجهزة الأمن تتابع تلك العصابات، لكنها غير قادرة على القضاء عليها تماماً، خاصةً في الآونة الأخير مع التدهور الأمني والسياسي الملحوظ وسيطرة المليشيات المسلحة".
وكان قائد عمليات بغداد، عبد الأمير الشمري، كشف في تصريحات سابقة أن عمليات الخطف في بغداد أشد ضرراً وخطورة من العمليات الإرهابية. واعتبر أن "عصابات الخطف تنشط لأهداف مالية وأخرى طائفية، مستغلة تدهور الوضع الأمني والسياسي في البلاد".
وكان رئيس الوزراء، حيدر العبادي، شكل خلية متخصصة لمتابعة حالات الخطف في بغداد وضواحيها بالاشتراك بين قيادة عمليات بغداد ومجلس القضاء الأعلى لمكافحة جرائم الخطف المتزايدة.