عصابات متطرفة في عدن

06 اغسطس 2019
سقط أكثر من 50 قتيلاً في اعتداءات الخميس الماضي(الأناضول)
+ الخط -

يوم الخميس الماضي، كانت عدن جنوبي اليمن، على موعد مع أحداث دامية، نتيجة قصف صاروخي للحوثيين استهدف عرضاً عسكرياً، بالإضافة إلى العملية الانتحارية التي تبنّاها تنظيم "داعش". وكلها نالت تعاطف اليمنيين مع الضحايا بصرف النظر عن الانتماءات، لكن ما حدث بعد ذلك كان مروعاً، بتدشين القوات الأمنية الموالية للإمارات حملة مسعورة لطرد المنحدرين من المحافظات الشمالية بعدن. وقد أوقع هجوما الخميس الماضي نحو 50 قتيلاً بالإضافة إلى أعداد من الجرحى أغلبهم من قوات الحزام الأمني، وكان لافتاً أن يأتي هجوم الحوثيين و"داعش"، بوقت متزامن، بعد أشهر طويلة لم تشهد فيها المدينة أية هجمات من هذا النوع.

وعلى نحوٍ مؤسفٍ، فإن ما أعقب الهجومين، هو أن "الحزام الأمني" وما قيل عنها من قوى أمنية في عدن تضامن معها الناس ضد الإرهاب، لكنها تحولت إلى عصابات تطلق النار في الشوارع وتلاحق المواطنين في عدن على الهوية، بحثاً عمن تسميهم الشماليين، ليتم تخريب العديد من الممتلكات والاعتداء على عدد غير قليل من المواطنين، في مشاهد مؤسفة، وثّقتها عدسات الكاميرا، لتعكس حجم المأساة التي تعيشها المدن الجنوبية اليمنية ومدينة عدن، العاصمة المؤقتة، على نحوٍ خاص.

اعتباراً من ستينيات القرن الماضي، في المرحلة التي أعقبت الثورة ضد المستعمر البريطاني، دفعت عدن وما حولها أثماناً باهظة للتطرف والتعبئة المناطقية، وشهدت جولات دامية قُتل فيها الآلاف على الهوية، وما إلى ذلك، مما لا يحبذ أي من اليمنيين استذكاره، سوى لأخذ العبرة والتذكير بحصاد التطرف والتعبئة المناطقية الخاطئة.

تقع المسؤولية عما حدث في عدن على الشرعية بوصفها المسؤولة عن أمن واستقرار المواطنين، كما أنه ليس خافياً على أحد، أن القوات التي مارست العنف على الهوية في عدن، هي قوات تابعة للإمارات وتتلقى تعليماتها من الضباط الإماراتيين في التحالف، وينبغي التذكير أن هذه الممارسات المتطرفة لن تصنع أي دولة جنوبية لمن يقولون إنهم يسعون إلى إنشائها، إذ إن التطرف والخطاب الشعبوي في الجنوب اليمني، لم ينتج إلا المآسي في الماضي، والمسؤولية الأخلاقية تقتضي على الجميع الحيولة دون العودة إلى هذا المربع المآساوي.

المساهمون