21 فبراير 2018
عفواً.. أخطأتم العنوان
يمضي الصحافي الفرنسي، إيريك لوران، وزميلته كاترين غراسييه، أسوأ أيامهما، وهما المشهوران بتحقيقاتهما وكتبهما عن المغرب وتونس والجزائر والسعودية وبلدان عربية أخرى. وقعا، الأسبوع الماضي، في فضيحة من العيار الثقيل، وهما الآن متهمان رسمياً بابتزاز ملك المغرب، محمد السادس.
بدأت فصول القصة التي سرقت اهتمام الرأي العام المغربي بحملة انتخابية ساخنة، تسبق اقتراع الرابع من سبتمبر/أيلول الجاري، لاختيار 30 ألف مستشار لإدارة البلديات. بدأت يوم 23 يوليو/ تموز، عندما اتصل الصحافي المخضرم إيريك لوران بالديوان الملكي في الرباط، يطلب لقاء السكرتير الخاص للملك، منير الماجدي، من أجل مقابلة صحافية لتدقيق معطيات ومعلومات حساسة حول الملك ومحيطه، قبل صدور كتاب سيثير ضجة، حسب زعم الصحافي الفرنسي. ولهذا، هو يعطي القصر الملكي فرصة الرد أو حق التعليق على ما في حوزته، وهو الذي سبق أن نشر كتابه (الملك المفترس) عن محمد السادس.
لم يكن غرض لوران الذي يعرف المغرب جيداً، منذ كتب مذكرات الملك الراحل الحسن الثاني، من طلب اللقاء استكمال المعلومات لتحقيقه عن ثروة الملك محمد السادس، بل الاتفاق على صفقة يحصل، وزميلته غراسييه، فيها على ثلاثة ملايين يورو في مقابل الامتناع عن نشر الكتاب، والالتزام بعدم التعليق على أي حادث يخص شؤون المملكة المغربية، الأمر الذي يسمى، في القانون الجنائي الفرنسي، ابتزازاً.
لم يبتلع القصر الملكي الإهانة، بل قرر أن يعطي الصحفييْن (وغيرهما) درساً لن ينسوه. تظاهر محامي القصر الذي كلّف بالتفاوض مع لوران وغراسييه بقبول العرض، فيما هو أودع شكاية لدى النائب العام الفرنسي الذي وضع الاثنين تحت المراقبة والتنصت. وهكذا، بدأت اللقاءات في فنادق باريس ومطاعمها الراقية، ومعها كانت آلات التسجيل والتصوير توثّق كل صغيرة وكبيرة. وفي آخر لقاء، حمل المحامي 80 ألف يورو للصحفييْن، كعربون على اتفاق يقضي بأن يتسلم الاثنان مليوني يورو في مقابل نسيان أمر الكتاب والكتابة عن الملك. ولأن الثقة غائبة في صفقات كهذه بين السلطة والصحافة، وضع محامي القصر مسودة اتفاق مكتوب على الطاولة، لم يتردد الصحفيان المشهوران في توقيعه على مائدة الطعام، وحملا ظرفاً فيه 80 ألف يورو، في انتظار تحويل باقي المبلغ على حسابات سرية لهما. وقبل أن يركبا في سيارتهما، ألقي عليهما القبض، وأحيلا على القضاء، متلبسين بتهمة ابتزاز حاكم عربي، وتهديده بنشر معلومات مسيئة له، إن لم يدفع (الجزية الغربية).
أصيب الإعلام الفرنسي برجّة كبيرة، وشكّكت أقلام في الوقائع، حتى اعترف إيريك لوران بالجرم المشهود، وصرّح لجريدة لوموند أنه كان محتاجاً للمال، لأن زوجته مريضة، وأنه في سن متقدم. وبكت زميلته غراسييه أمام وسائل الإعلام، وقالت إنها ضعفت أمام مليوني يورو.
...في هذه القصة وجهان. الأول إيجابي، هو أن القصر الملكي المغربي امتلك الجرأة لكي يفضح إيريك لوران وصديقته، ورفض الخضوع للابتزاز الذي تعرّض له، وكان في وسعه أن يدفع ثلاثة ملايين يورو، ويحصل على صمت قلميْن مزعجيْن في باريس، لكنه فضل المواجهة، ووضع الملف أمام القضاء، وفضح جزءاً من الصحافة الفرنسية التي تبيع وتشتري مع النخبة المتغربة في المغرب. الجانب السلبي في القصة، السبب الذي يدفع صحفييْن غربييْن إلى ابتزاز المغرب وقصره وأجهزته؟ إنه الخوف المرضي من الإعلام الأجنبي، وغياب سياسة تواصلية مع الرأي العام في الداخل والخارج، والقبول باللعب غير النظيف مع الأوساط القذرة في الإعلام الغربي الذي لا يعزف اللحن المهني والاحترافي نفسه الذي نعرف عن الصحافة في أوروبا وأميركا. هل كان في مقدور لوران وغراسييه أن يتصلا بالقصر الملكي في بريطانيا أو إسبانيا أو بلجيكا أو هولندا، ويقولا لمخاطبهما إن لديهما كتباً مزعجة عن الجالس أو الجالسة على العرش عندكم، ونريد ثلاثة ملايين يورو لتوقيف النشر؟ حتماً كان موظفو هذه القصور سيردون على هذا الابتزاز: عفواً أخطأتم العنوان.
بدأت فصول القصة التي سرقت اهتمام الرأي العام المغربي بحملة انتخابية ساخنة، تسبق اقتراع الرابع من سبتمبر/أيلول الجاري، لاختيار 30 ألف مستشار لإدارة البلديات. بدأت يوم 23 يوليو/ تموز، عندما اتصل الصحافي المخضرم إيريك لوران بالديوان الملكي في الرباط، يطلب لقاء السكرتير الخاص للملك، منير الماجدي، من أجل مقابلة صحافية لتدقيق معطيات ومعلومات حساسة حول الملك ومحيطه، قبل صدور كتاب سيثير ضجة، حسب زعم الصحافي الفرنسي. ولهذا، هو يعطي القصر الملكي فرصة الرد أو حق التعليق على ما في حوزته، وهو الذي سبق أن نشر كتابه (الملك المفترس) عن محمد السادس.
لم يكن غرض لوران الذي يعرف المغرب جيداً، منذ كتب مذكرات الملك الراحل الحسن الثاني، من طلب اللقاء استكمال المعلومات لتحقيقه عن ثروة الملك محمد السادس، بل الاتفاق على صفقة يحصل، وزميلته غراسييه، فيها على ثلاثة ملايين يورو في مقابل الامتناع عن نشر الكتاب، والالتزام بعدم التعليق على أي حادث يخص شؤون المملكة المغربية، الأمر الذي يسمى، في القانون الجنائي الفرنسي، ابتزازاً.
لم يبتلع القصر الملكي الإهانة، بل قرر أن يعطي الصحفييْن (وغيرهما) درساً لن ينسوه. تظاهر محامي القصر الذي كلّف بالتفاوض مع لوران وغراسييه بقبول العرض، فيما هو أودع شكاية لدى النائب العام الفرنسي الذي وضع الاثنين تحت المراقبة والتنصت. وهكذا، بدأت اللقاءات في فنادق باريس ومطاعمها الراقية، ومعها كانت آلات التسجيل والتصوير توثّق كل صغيرة وكبيرة. وفي آخر لقاء، حمل المحامي 80 ألف يورو للصحفييْن، كعربون على اتفاق يقضي بأن يتسلم الاثنان مليوني يورو في مقابل نسيان أمر الكتاب والكتابة عن الملك. ولأن الثقة غائبة في صفقات كهذه بين السلطة والصحافة، وضع محامي القصر مسودة اتفاق مكتوب على الطاولة، لم يتردد الصحفيان المشهوران في توقيعه على مائدة الطعام، وحملا ظرفاً فيه 80 ألف يورو، في انتظار تحويل باقي المبلغ على حسابات سرية لهما. وقبل أن يركبا في سيارتهما، ألقي عليهما القبض، وأحيلا على القضاء، متلبسين بتهمة ابتزاز حاكم عربي، وتهديده بنشر معلومات مسيئة له، إن لم يدفع (الجزية الغربية).
أصيب الإعلام الفرنسي برجّة كبيرة، وشكّكت أقلام في الوقائع، حتى اعترف إيريك لوران بالجرم المشهود، وصرّح لجريدة لوموند أنه كان محتاجاً للمال، لأن زوجته مريضة، وأنه في سن متقدم. وبكت زميلته غراسييه أمام وسائل الإعلام، وقالت إنها ضعفت أمام مليوني يورو.
...في هذه القصة وجهان. الأول إيجابي، هو أن القصر الملكي المغربي امتلك الجرأة لكي يفضح إيريك لوران وصديقته، ورفض الخضوع للابتزاز الذي تعرّض له، وكان في وسعه أن يدفع ثلاثة ملايين يورو، ويحصل على صمت قلميْن مزعجيْن في باريس، لكنه فضل المواجهة، ووضع الملف أمام القضاء، وفضح جزءاً من الصحافة الفرنسية التي تبيع وتشتري مع النخبة المتغربة في المغرب. الجانب السلبي في القصة، السبب الذي يدفع صحفييْن غربييْن إلى ابتزاز المغرب وقصره وأجهزته؟ إنه الخوف المرضي من الإعلام الأجنبي، وغياب سياسة تواصلية مع الرأي العام في الداخل والخارج، والقبول باللعب غير النظيف مع الأوساط القذرة في الإعلام الغربي الذي لا يعزف اللحن المهني والاحترافي نفسه الذي نعرف عن الصحافة في أوروبا وأميركا. هل كان في مقدور لوران وغراسييه أن يتصلا بالقصر الملكي في بريطانيا أو إسبانيا أو بلجيكا أو هولندا، ويقولا لمخاطبهما إن لديهما كتباً مزعجة عن الجالس أو الجالسة على العرش عندكم، ونريد ثلاثة ملايين يورو لتوقيف النشر؟ حتماً كان موظفو هذه القصور سيردون على هذا الابتزاز: عفواً أخطأتم العنوان.