"لدي علاقات (جنسية) سابقة!". تقولها الشابة للشاب بعد عدة لقاءات بينهما. تقولها وهي تشعر ببعض التحرّر والقوة والسيطرة على الوضع. تقولها وكأنها تتباهى بذلك أمامه. تقولها وكأنها تريد أن تثبت لنفسها قبل أي شخص آخر أن من حقها السيطرة على جسدها ومن حقها المجاهرة بالأمر. تقولها من غير أن تفكر في ما ستكون عليه ردة فعل صديقها. هالها أن صمت. ابتسم ابتسامة متوتّرة، ولم يعلّق. ما كان منه بعد عدة أيام، إلا أن اعتذر عن قدرته على إكمال العلاقة، واضعاً السبب على نفسه (انسحاب تكتيكي) وأن لا علاقة للشابة بالموضوع.
لا نعرف مدى تكرار حصول مثل هذا السيناريو في العلاقات الثنائية. قد لا يحدث أبداً، كون النساء قلّما يجاهرن بجنسانيتهن. وقد لا يحدث على الإطلاق كون النساء لن يقدمن على إقامة علاقات جنسية قبل الزواج من أساسه. وقد لا يحدث كون النساء قد يسعين إلى "ترميم الأعضاء التناسلية" في حال "هجم النصيب".
وصلنا الكثير من مسلسلات الأبيض والأسود ومما لم تبخل به السينما الحديثة أن "الرجل يحب من لا يشتهي ويشتهي من لا يحب". هي عقدة مادونا ـ العاهرة، كما يسمّيها علم النفس. الكثير من هوية النساء الجنسية ونشاطهن الجنسي مرتبط بشكل وثيق بهذه العقدة الذكورية. تتمثل هذه العقدة في أن يشتهي الرجال "الساقطات" كما يصنّفهن المجتمع، وعدم اشتهاء النساء "المحترمات". هذه الفئة الثانية هي التي "تكسب قلبه" وتصبح شريكته.
هذان القالبان هما ما يحلو للمجتمع أن يستخدمهما حصراً لتصنيف هوية النساء ونشاطهن الجنسي. وقد جاء التاريخ بالكثير من الأدوات لقمع جنسانية النساء. كثيرة هي الشواهد على خوف المجتمع من تحرّر النساء الجنسي. وقد تمت أدلجتنا لنعتقد أن النساء المتحرّرات جنسياً هنّ نساء شريرات. وأن النساء "العفيفات" هن القادرات على كبح وقمع هذه الهوية الجنسية. هن "الزوجات" والأمهات وهن من "يكسبن في الآخر" (ينلن العريس). وهكذا تتماهى الكثير من النساء وتحصر هويتهن الجنسية في النمط الثاني، أي "مادونا القديسة". وهكذا تنمّط النساء.
المنظومة تقرّر ما هو المسموح وما هو الممنوع. مسموح للنساء أن يظهرن كأدوات "مكبوتة" لإثارة شهوات الرجل، لكن ليس مسموحاً لهن التعبير عن هويتهن أو نشاطهن الجنسي. عليهن الخضوع لقوانين اللعبة إذا أردن حياة خالية من المتاعب والمشاكل وربما "القتل"!
* ناشطة نسوية
اقرأ أيضاً: نساء الحارة