علاء الصاصي، نجم المنتخب اليمني ولاعب نادي السيلية، يقف مع منتخب بلاده على بُعد مباراة واحدة لتحقيق الحلم بالتأهل لنهائيات كأس آسيا 2019، للمرة الأولى في تاريخه، إذ سيلعب اليمن مع منتخب نيبال، يوم غد الثلاثاء 27 الشهر الحالي، والانتصار يعني التأهل رسمياً، حيث يحتل المركز الثالث برصيد 7 نقاط، بالتساوي مع طاجكستان وخلف المتصدر الفيليبين (9) نقاط. قبل المباراة المهمة أجرينا معه هذا الحوار..
في ظل شهرتك الواسعة في اليمن، كيف يعرّف الصاصي نفسه للجمهور العربي؟
صحيح نحن نحظى بشهرة كبيرة في اليمن، لكن على المستوى العربي نعاني من الضعف الإعلامي، عبر إظهار شخصية اللاعب اليمني، وأنا شخصيا ألعب في المنتخب اليمني منذ 12 عاما، وشاركت في عدة بطولات دولية بكأس الخليج، بدءا من خليجي 18 و19 و20 و21 و22 و23.
كما لعبت مع أندية عدة في اليمن، على غرار أهلي صنعاء، وحققت معه بطولتي دوري وبطولة كأس وبطولتي سوبر، إضافة إلى نادي الهلال الساحلي، الذي توّجت معه بلقب الدوري والسوبر، وشاركت في المسابقة الآسيوية بجانبهما. وعلى صعيد التجارب الاحترافية، فقد بدأتها باللعب في صفوف الميناء العراقي، ومن ثم النجمة البحريني، وحاليا في السيلية القطري.
كرة القدم اليمنية تحظى بالمواهب، ما هو السر في عدم استغلالها؟
الكرة اليمنية لديها كثير من المواهب، وغالبا ما تتم الاستفادة منهم على الصعيد الخارجي وفي الدول الأخرى، لكن في اليمن ليست لدينا بنية تحتية كرياضة، وبلدنا بلد "قبلي" لا يهتم بكرة القدم كثيرا. أما المواهب، فاليمن اشتهر على مستوى منتخبات الفئات العمرية والبراعم والناشئين، نحن نصنف من أفضل المنتخبات العربية في هذا المجال، وسبق أن شاركنا في كأس العالم للناشئين.
المشكلة تكمن في عدم توفر الاحتراف، وكذلك غياب الاهتمام باستغلال هذه المواهب وتجييرها لصالح المنتخب الأول. ولا أخفي عليك حينما أقول إنه من النادر أن يستمر اللاعب الصغير في ممارسة كرة القدم حيث يلعب في الفئات العمرية، لكنه يترك اللعبة بعد صقل موهبته مضطرا، ليبحث عن لقمة العيش للأسف، وشعبنا متعطش ومحب لكرة القدم، بل في كثير من الأحيان يشجع المنتخبات العربية كأنها منتخب بلاده.
اليمن يعاني ظروفاً قاسية، لكن السنوات الأخيرة كانت أشد وطأة، هل تصف لنا كيف يؤثر ذلك على كرة القدم تحديدا؟
للأسف الأوضاع لا تسر عدوا ولا صديقا، منذ عام 2011 تم حظر منتخب اليمن كروياً، ولا يحق له اللعب على أرضه، بينما تطورت الكارثة في عام 2014 حينما أعلن نهاية الدوري اليمني وتوقفه، فتحطم الجيل اليمني الذي كنا نعول عليه تماما، وبسبب الحرب الأخيرة لا توجد نشاطات كروية في اليمن على الإطلاق، ولا نستطيع فعل شيء في ظل الانقسامات الداخلية، من المستحيل لعب كرة القدم هناك الآن.
ومع ذلك، فإني أعتز بإصرار اتحاد الكرة اليمني، الذي تمكن، رغم تلك الظروف، من تجميع المنتخب اليمني من أجل تمثيل البلاد، ما منح الفرصة للمنتخب للمشاركة في الثلاث سنوات الماضية، وكذلك التواصل مع اللاعبين، ونجح في استخراج المنتخب من تلك الظروف القاهرة. وها نحن مقبلون حاليا على مباراة فاصلة ضد نيبال، والانتصار فيها يعني كتابة تاريخ جديد للكرة اليمنية، لأننا سنكون قد حجزنا التأهل لكأس أمم آسيا 2019 لأول مرة في تاريخ الكرة اليمنية، كإنجاز يحدث منذ تأسست الوحدة الشعبية في البلاد.
لكن كيف يتم تجميع منتخب كرة قدم في ظل هذه الظروف؟
صحيح هي مشكلة كبيرة؛ لكن الاتحاد لم يقصر، فهو يقوم بإبلاغ كل مجموعة من اللاعبين وفقا للمحافظة التي يقطن فيها عبر رئيس الاتحاد المسؤول في تلك المحافظة، وأحيانا تكون هناك ظروف تمنع اللاعبين من الالتحاق، بدءا من الإصابات أو الظروف القاهرة، فيقوم بتقديم اعتذاره، وفي أوقات أخرى نعسكر في نفس المحافظة، لكن مع الأسف هذا الأمر في الفترة الأخيرة أصبح مستحيلا، لأنه بطبيعة الحال لا يوجد مكان مناسب لإقامة المعسكرات.
وهنا يأتي دور الاتحاد، إذ يقوم بتأمين المواصلات اللازمة للاعبين من محافظاتهم، ويمتد الأمر إلى استخراج تأشيرات لهم من أجل السفر إلى سلطنة عُمان، ومنها نستطيع مواصلة السفر إلى دول أخرى، ومع ذلك فالمعاناة تلازمنا، إذ تتمثل في السفر عبر البر، من أجل الخروج من اليمن إلى دولة أخرى، إذ نحتاج من 48 ساعة إلى 72 ساعة للخروج برا، ما يصيبنا بالإرهاق الشديد.
كيف يمكن للاعب كرة قدم أن يركز في ظل هذه الظروف؟
نحن نؤمن بمقولة "المعاناة تولّد الإبداع"؛ نعاني وما زلنا، لكن النتائج طيبة مؤخرا، فالوضع المأساوي الذي نعيشه في اليمن يدفعنا إلى بذل جهود مضاعفة، لأن أبسط شيء ممكن أن يفعله لاعب كرة القدم، أن ينتصر ويدخل الفرحة على قلوب شعبه المكلوم، وهو ما تحقق فعلياً في تصفيات آسيا المؤهلة لنهائيات 2019؛ بل نتمنى أن نواصل المشوار لتحقيق الحلم بالتأهل لكأس آسيا لأول مرة وإسعاد الشعب اليمني.
كيف ترى أداء المنتخب اليمني في البطولة الخليجية بالكويت قياساً للظروف؟
حرصنا على المشاركة في خليجي 23 من أجل مساعدة أشقائنا في الكويت لرفع الحظر عنهم؛ لكن كنا نتمنى الاستعداد للبطولة مسبقا، وما حدث قبل البطولة من عدم استقرار حول الدولة التي ستستضيف المنافسات حين كانت مقررة في الكويت ثم انتقلت للدوحة قبل شهر واحد، ومن ثم حدث ما حدث من جدل حول عدم التأكد من إقامة البطولة، لكن وقبل عشرة أيام فقط من التاريخ المحدد، تم نقلها للكويت، وتم تبليغ المنتخبات بعدها بأن البطولة قائمة في الكويت رسمياً.
هنا كان علينا الحضور رغم الظروف، وكنا في اليمن في "إجازة سلبية" واللاعبون في منازلهم، فتم التواصل معنا قبل البطولة بتلك الفترة القليلة جدا، فشاركنا وقدمنا مستوى طيبا وفقا لتلك الظروف. بكل صراحة، أعتبر ما قدمه اللاعبون رغم الهزائم أمراً لا يستهان به، مقارنة بدول أخرى لديها دوريات وبطولات وميزانيات مالية ضخمة.
هل هذا يعني أنه لو تم تبليغ المنتخب اليمني بفترة مناسبة سيظهر بمستوى مغاير؟
نعم، والدليل أن الكل شاهد اليمن في البطولة السابقة خليجي 22، إذ قدمنا مستوى مميزاً، لأننا استعددنا جيدا لأجلها، فتعادلنا مع البطل قطر والبحرين، بل كنا قاب قوسين أو أدنى من إقصاء مستضيف البطولة السعودية، لكنه فاز بصعوبة بهدف، والكل امتدح المنتخب اليمني. وهذا دليل على أنه لو كانت لدينا الفرصة للاستعداد مثل ما سبق مشاركتنا بنسخة السعودية، سنحقق نتائج طيبة، أنت تتحدث قبل البطولة بعشرة أيام، أي أن اللاعب يحضر من المنزل إلى الملعب، لذلك أقدم شكري لزملائي اللاعبين على ما قدموه.
تصريحك المثير خلال بطولة الكويت حين اقترحت إرسال لاعبي اليمن للدوريات الخليجية بدلا من انتقادهم، ما الذي دفعك إلى إطلاقه؟
في البطولة الأخيرة، عانينا كثيراً، ولم يكن لدينا شيء لنخسره؛ فالنقاد كانوا يعاملون المنتخب اليمني كأنه المنتخب الألماني. منهم من قال إن المنتخب اليمني ضعيف، والبعض الآخر امتدح اللاعبين على المشاركة والأداء. الغريب في الأمر أن أحد تلك المنتخبات لعب بالمنتخب الرديف وغاب عنه عدد قليل من اللاعبين، فسمعنا الشكوى تلو الأخرى. إذن ماذا سنقول، كيمنيين، وسط تلك الظروف التي نعيشها؟ لذلك جاءت تلك الرسالة مني لفتح الباب أمام اللاعبين اليمنيين للمشاركة في الدوريات الخليجية. فلو كنتم تحبون اليمن قدموا له المساعدة في هذا الجانب.
كان لرسالتك صدى إيجابي لدى قطر تحديداً ففتحت ذراعيها لكم، كيف وجدتم الأمر؟
أشكر الاتحاد القطري على وقفته الجادة معنا، فالأمر ليس غريبا على أهلنا في قطر، إذ سمحت لليمن بدون تردد أن تلعب في قطر، وليس هذا فحسب بل تكفلوا باستضافة اليمن على نفقتهم، سواء عبر المعسكرات أو المستلزمات التي قدمها الاتحاد القطري. هذه وقفة أخوية تؤكد عمق الروابط بين الأشقاء، ثم جاء قرار السماح للاعبي اليمن بالمشاركة في الدوري القطري، على أنهم لاعبون مقيمون. نشكرهم على وقفتهم، فبعد القرار يوجد الآن 9 لاعبين يمنيين، وأنا منهم، في الدوري القطري، وهذا ما كنا ننشده سابقاً.
أطلعنا عن مدى استفادة اليمنيين من الانخراط في دوري نجوم قطر؟
وجود أكثر من لاعب يمني في قطر يشكل إضافة هامة؛ ففي اليمن لا توجد كرة قدم أو مباريات، بل يكتفون بتدريبات بدون مباريات، وهذا لا يصلح في عالم كرة القدم، لكن وجود 9 لاعبين في الدوري القطري يشكل إضافة كبيرة، من خلال عودة الروح للاعبين من أجل التنافس على اللعب في المنتخب، وقد تغيرت نفسيات اللاعبين، فأصبح الطموح بمواصلة التألق والاجتهاد، والتطلع إلى الاحتراف في دوريات أخرى.
ما هو تقييمك لتجاربك الاحترافية السابقة؟
أود أن أقول إننا في البداية كنا نعيش أوهاما اسمها التجربة الاحترافية، بسبب بعض السماسرة ووكلاء أعمال اللاعبين، لكن البداية كانت في الدوري العراقي، حيث قدمت أفضل مستويات مع الميناء وحصلت على جائزة أفضل محترف في الدور الأول من المسابقة، وسجلت هدفين في مباراة القوة الجوية، وانتصرنا عليهم لأول مرة في تاريخ النادي خارج العاصمة بغداد.
كما لعبت في النجمة البحريني، وحققت المركز الثاني في الدوري، وقدمنا نتائج طيبة، لكن تم إيقافنا موسما كاملا بسبب الأوضاع داخل اليمن. والآن أنا مرتاح جدا في السيلية القطري، وأتمنى تقديم مستويات طيبة مع النادي.
أمنية تتمنى تحقيقها؟
أتمنى عودة بلدي لمسماه المعهود "اليمن السعيد"؛ أن تسمع نشيدك الوطني خارج البلاد تشعر بنقص وحزن شديد على بلادك، تتمنى ترديد النشيد بين الجماهير وعلى أرضنا..لقد تسبب القتل والدمار في اليمن بأسى كبير للغاية لنا جميعا.