علوم الإحصاء وكأس العالم

بطولة كأس العالم حدثٌ عالميٌّ مثيرٌ للغاية، يثير ضجّةً كبيرة بين أوساط المتابعين، خصوصًا لما تجري الأمور بشكل غير متوقع. كأنْ يُصاب أحد اللاعبين المهمّين لفريقٍ معيّن في مرحلة ربع النهائي، أو أن يترك مرشّح كبيرٌ للفوز البطولة في وقتٍ مبكّر. ومع ذلك، هنالك العديدُ من الباحثين الذين يرغبون في معالجة أكبر قدرٍ ممكن من البيانات المتاحة، وذلك لفتح نافذةٍ نحو المستقبل، وتوقّع من سيكون في النهائي في روسيا.
من سيفوز فعلاً؟ أي فريقٍ سيفاجئ الجميع؟ الإجابات على هذه الأسئلة مطلوبة حاليّاً بشدّة، ليس بين المشجّعين العاديين بشكل أساسي، وإنّما بين المراهنين الأفراد والجماعات التي وضعت ملايين الدولار تحت رحمة الحظ. ومع ذلك، فإنَّ حسابات علماء الرياضيات والخبراء في علوم الإحصاء من مختلف الجامعات، تشير إلى أنّ الفريق الأكثر احتمالاً في الفوز حتّى الآن هو: الفريق البرازيلي. وهذا أمرٌ ينذرُ بالخطر للمنتخبات الكبرى الأخرى المشاركة، كالمنتخب الألماني، حامل اللقب السابق، والفرنسي والأرجنتيني والإسباني.
وقد نشر قسم الرياضيات في جامعة إنسبورك في النمسا، بأنّ احتمال حصول الألمان على اللقب الخامس في تاريخهم هو فقط 15.8%، في حين الفريق البرازيلي يأتي في المرتبة الأولى بـ 16.6%. ووفقاً للعلماء النمساويين، فإنَّ المباراة النهائية المحتملة ستكون بين البرازيل وألمانيا. وأكّد عالم الرياضيات، أكيم زيليس، بأنّ هنالك فرصة لدى البرازيليين من أجل غسل عار نتيجة عام 2014، لمّا خسروا أمام الألمان بسبعة أهداف مقابل هدف واحد. وقد توصّل زيليس إلى هذه النتائج عن طريق حساب احتمالات الفوز لكرة فريق بعد مراقبة دامت تقريبًا 6 سنوات.




أمّا جامعة مونستر في ألمانيا، فتعتمد على طريقة أخرى من أجل التوقّع، وهي الجامعة التي تشارك في وضع التنصيف العالمي ELO، وهي آلية مختلفة تماماً عن آلية التنصيف العالمي للفيفا المعروفة. يقوم العلماء في جامعة مونستر بحساب الأهداف التي سجّلها كل لاعب مع ناديه، والأهداف التي سجّلها الفريق الخاضع للدراسة خلال مواجهاته مع الفرق القويّة، وليس الضعيفة، مع الألقاب التي حققها مدرّب الفريق، مع معدّل أعمار اللاعبين للفريق، وبذلك، يعطون نتيجة دقيقة عن الفريق المرشّح.
وقد قاد أندرياس هيور فريقًا من أجل كأس العالم الجاري الآن، وقد توصّل إلى نتائج تؤكّد بأنّ البرازيل هي ذات الحظ الأكبر للفوز بالبطولة بنسبة تبلغ 31%، تأتي ألمانيا في المرتبة الثانية بـ 17%. ومثل الباحثين من إنسبورك، توقع أندرياس بأنّ المباراة النهائية ستكون بين ألمانيا والبرازيل.
وأشار أندرياس إلى أنّ نتائجه كانت صحيحة تماماً في آخر 3 بطولات عالميَّة، خصوصاً أنّه توقّع فوز البرتغال في بطولة أوروبا عام 2016. الأمر الذي دعا شركات المراهنات الكبرى، لتطلب منه التصنيف الذي يقوم بوضعه، حتى إن بعض رجال الأعمال، ضغطوا عليه ألا ينشرها وتبقى سريّة مقابل مبالغ مالية كبيرة جدًا!
لكن ينهي أندرياس كلامه لجريدة "دير شبيغل" الورقيَّة بأنّ كرة القدم هي فوق العلوم، وبأنّ فرنسا لم تكن مؤهّلة أبدًا لنيل كأس العام عام 1998، ولكن ما حدث كان فوق كل التوقّعات.