يأمل عمال مغاربة أن تُنصفهم الدولة الفرنسية، هم الذين لم يحصلوا على حقوق متساوية مع زملائهم الفرنسيين، بعدما قضوا عمرهم في شركة سكة الحديد الفرنسية، علّهم يمضون سنوات تقاعدهم مع عائلاتهم.
لا يُخفي العامل المغربي السابق في سكك الحديد، والمتقاعد في الوقت الحالي، محمد العمراني، الذي يُقيم في دنكيرك في شمال فرنسا، أمله في التوصل إلى حل نهائي في هذه القضية التي طالت، والتي تشوّه سمعة شركة سكك الحديد الفرنسية. التعب والتأثّر يمنعانه من الحديث عن بعض رفاقه الذين قضوا، وهم ينتظرون أن تنصفهم العدالة الفرنسية.
محمد العمراني الذي تقاعد قبل سنوات عدّة، هو واحد من بين نحو 823 متقاعداً مغربياً يطالبون أن تعترف الشركة الوطنية الفرنسية بأنها ظلمتهم، بعدما وهبوها كل ما يملكون من وقت وصحة، وإعطائهم تعويضاً شخصياً بقيمة 400 ألف يورو.
بدأت الحكاية في عام 1970، حين توجّه ممثّلو الشركة الفرنسية لسكك الحديد إلى مدن وبلدات مغربية، لاختيار عمال بحسب قوتهم البدنية وسرعتهم، بينما اختارت آخرين في فرنسا.
تجدر الإشارة إلى أن بعض هؤلاء المغاربة أصبحوا فرنسيين، ما يعني أن الشركة الوطنية لسكك الحديد تواجه مغاربة وفرنسيين معاً. وكانت المحكمة الابتدائية قد أصدرت حكماً في شهر سبتمبر/ أيلول في عام 2015، ينص على وجوب أن تدفع شركة سكك الحديد تعويضات للعمال تصل إلى 170 مليون يورو.
ولدى هؤلاء العمال انطباعٌ بأنهم تعرّضوا للسلب، بالمقارنة مع زملائهم من عمال سكك الحديد الفرنسيين. لهذا، يطالبونها أمام محكمة الاستئناف بالتعويض، علماً أنها رفضت الحكم الأول بحجة أن التعويضات مُبالغ فيها.
يُشار إلى أن ملفات كثيرة تعود إلى عام 2005، وبعضها إلى عام 2001، كما هو حال جيلالي العنزولي. الأخير يقول إنه لا يُقاضي الشركة الفرنسية من أجل المال، بل من أجل الذاكرة والشرف.
أما لحسن أبلو (72 عاماً)، فيقول: "نريد أن تعترف الشركة الفرنسية بحقوقنا"، هو الذي بدأ العمل في الشركة في عام 1972. يشعر بأنّ 15 عاماً سرقت منه، لأنّ زملاءه الفرنسيين تقاعدوا في سن الخامسة والخمسين، في حين أنه تقاعد في عمر السبعين.
وكانت فرنسا، التي أحضرت القسم الأكبر من العمال من المغرب، قد وقّعت اتفاقية مع الطرف الرسمي المغربي تتضمن "مساواة هؤلاء المغاربة في الحقوق والمعاملة مع الفرنسيين".
وتتذرّع شركة سكك الحديد بوجود بند يتعلّق بالجنسيّة، وهو مدرجٌ في "وضعية" عمال سكك الحديد، وأكثر منفعة للفرنسيين بالمقارنة مع "المتعاقدين" التي وجد المشتكون المغاربة أنفسهم ضمنها. وحين حصل بعض المغاربة على الجنسية الفرنسية، وضعت الشركة الفرنسية أمامهم "عائق السن".
اقــرأ أيضاً
ولا يُخفي العمراني كلّ تعب السنين. بعد التقاعد الذي كان يُفترَض أن يمنحه الراحة، ويعطيه الفرصة لقضاء وقت ممتع مع عائلته وأحفاده، ما زال ينتظر أن ينصفه القضاء الفرنسي أسوة بزملائه من الفرنسيين. وتراه عاجزاً عن الاستقرار في مكان واحد لفترة طويلة.
يُدرك العمراني أن عدداً من الأعمال في فرنسا شهدت تمييزاً مشابهاً، منهم أولئك الذين خدموا مع الجيش الفرنسي. هؤلاء لم تُنصفهم فرنسا إلّا أخيراً. يضيف أنه سينتظر بعض الوقت، "لا بأس، فالحكم النهائي سيصدر يوم 31 يناير/ كانون الثاني في عام 2018، هذا إذا كان الأمر سيحُسَم حقاً". ويسأل: "أيعقل أن يحصل متقاعد مغربي على ثلث ما يحصل عليه متقاعد فرنسي، ونحن في بلد الحقوق والمساواة؟".
الغريب أنّه حين يحاول المشتكون ومحاموهم الحديث عن 40 عاماً من التمييز في العمل، يتصدى محامو الشركة لهم قائلين إن الشركة لم تضع إجراءات خاصة لحرمانهم من أي منصب، وأن 7000 عامل فرنسي كانوا يعملون حينها كمتعاقدين. ويدّعي هؤلاء المحامون أنّ "العمال المغاربة كانوا على علم بالقوانين".
إلا أنّ ناصر الإدريسي، القيادي في "جمعية العمال المغاربة في فرنسا"، يشدّد على أن "الاتفاق بين المغرب وفرنسا ينصّ أيضاً على المساواة بين المغاربة والفرنسيين في التعويضات التي تضاف إلى الأجور"، وهو ما لم يستفد منه المغاربة.
يضيف الإدريسي: "الغريب أنّ هؤلاء المغاربة، لدى وصولهم، أُلحقوا بالاتفاقية الجماعية للتعدين بدلاً من شركة سكك الحديد. ولم يكن في استطاعة هؤلاء المغاربة الترفّع سوى ثلاث درجات، في مقابل ثماني درجات لزملائهم الفرنسيين. وكانوا ممنوعين من إجراء الامتحانات لأنهم مغاربة. وحتى الفائزين منهم، لم ينالوا الترقية بحجة أنهم ليسوا فرنسيين".
كذلك، طاول التمييز الرعاية الاجتماعية، التي كانت أقل من زملائهم الفرنسيين. وكان يتوجّب على المغاربة العمل سبع سنوات أكثر من زملائهم الفرنسيين. أما راتب التقاعد، فهو نصف ما يحصل عليه الفرنسي.
يقول العمراني إنّ الوظائف التي شغلها المغاربة لم تكن سهلة، بل تطلبت قوة بدنية إضافة إلى العمل في الخارج في كل الأوقات ليلاً ونهاراً، وشتاء وصيفاً، ما جعل صحة هؤلاء تسوء بشكل كبير. يضيف: "حتى الآن، ما زال بعض المغاربة المسنين يمارسون العمل نفسه الذي تولوه منذ التحاقهم في شركة سكك الحديد، قبل خمسة وثلاثين عاماً".
والحقيقة، كما يلخّصها المسؤول في "جمعية العمال المغاربة في فرنسا"، إن متتبّع أوضاع هؤلاء المغاربة يكتشف أنها شبيهة بما تعرض له قدامى المحاربين وعمال شركة رينو للسيارات وعمال مناجم شمال فرنسا وآخرين، والذين لجأوا إلى المحاكم.
الكثير من هؤلاء المتقاعدين يرحلون، وقد مات أكثر من خمسين منهم. يقول ناصر الإدريسي، الذي تشارك جمعيّته في نضالات هؤلاء المغاربة والمحاكمات: "لا شك أن الشركة ستُصلح ضرراً تاريخياً كبيراً، خصوصاً أن قدامى المحاربين من المستعمرات الفرنسية حصلوا أخيراً، على الراتب التقاعدي الذي يحصل عليه رفاقهم الفرنسيون في السلاح، وهذا يرفع من شأن فرنسا في العالَم، ويجعلها منسجمةً مع مبادئها ومُثُلِها".
اقــرأ أيضاً
محمد العمراني الذي تقاعد قبل سنوات عدّة، هو واحد من بين نحو 823 متقاعداً مغربياً يطالبون أن تعترف الشركة الوطنية الفرنسية بأنها ظلمتهم، بعدما وهبوها كل ما يملكون من وقت وصحة، وإعطائهم تعويضاً شخصياً بقيمة 400 ألف يورو.
بدأت الحكاية في عام 1970، حين توجّه ممثّلو الشركة الفرنسية لسكك الحديد إلى مدن وبلدات مغربية، لاختيار عمال بحسب قوتهم البدنية وسرعتهم، بينما اختارت آخرين في فرنسا.
تجدر الإشارة إلى أن بعض هؤلاء المغاربة أصبحوا فرنسيين، ما يعني أن الشركة الوطنية لسكك الحديد تواجه مغاربة وفرنسيين معاً. وكانت المحكمة الابتدائية قد أصدرت حكماً في شهر سبتمبر/ أيلول في عام 2015، ينص على وجوب أن تدفع شركة سكك الحديد تعويضات للعمال تصل إلى 170 مليون يورو.
ولدى هؤلاء العمال انطباعٌ بأنهم تعرّضوا للسلب، بالمقارنة مع زملائهم من عمال سكك الحديد الفرنسيين. لهذا، يطالبونها أمام محكمة الاستئناف بالتعويض، علماً أنها رفضت الحكم الأول بحجة أن التعويضات مُبالغ فيها.
يُشار إلى أن ملفات كثيرة تعود إلى عام 2005، وبعضها إلى عام 2001، كما هو حال جيلالي العنزولي. الأخير يقول إنه لا يُقاضي الشركة الفرنسية من أجل المال، بل من أجل الذاكرة والشرف.
أما لحسن أبلو (72 عاماً)، فيقول: "نريد أن تعترف الشركة الفرنسية بحقوقنا"، هو الذي بدأ العمل في الشركة في عام 1972. يشعر بأنّ 15 عاماً سرقت منه، لأنّ زملاءه الفرنسيين تقاعدوا في سن الخامسة والخمسين، في حين أنه تقاعد في عمر السبعين.
وكانت فرنسا، التي أحضرت القسم الأكبر من العمال من المغرب، قد وقّعت اتفاقية مع الطرف الرسمي المغربي تتضمن "مساواة هؤلاء المغاربة في الحقوق والمعاملة مع الفرنسيين".
وتتذرّع شركة سكك الحديد بوجود بند يتعلّق بالجنسيّة، وهو مدرجٌ في "وضعية" عمال سكك الحديد، وأكثر منفعة للفرنسيين بالمقارنة مع "المتعاقدين" التي وجد المشتكون المغاربة أنفسهم ضمنها. وحين حصل بعض المغاربة على الجنسية الفرنسية، وضعت الشركة الفرنسية أمامهم "عائق السن".
ولا يُخفي العمراني كلّ تعب السنين. بعد التقاعد الذي كان يُفترَض أن يمنحه الراحة، ويعطيه الفرصة لقضاء وقت ممتع مع عائلته وأحفاده، ما زال ينتظر أن ينصفه القضاء الفرنسي أسوة بزملائه من الفرنسيين. وتراه عاجزاً عن الاستقرار في مكان واحد لفترة طويلة.
يُدرك العمراني أن عدداً من الأعمال في فرنسا شهدت تمييزاً مشابهاً، منهم أولئك الذين خدموا مع الجيش الفرنسي. هؤلاء لم تُنصفهم فرنسا إلّا أخيراً. يضيف أنه سينتظر بعض الوقت، "لا بأس، فالحكم النهائي سيصدر يوم 31 يناير/ كانون الثاني في عام 2018، هذا إذا كان الأمر سيحُسَم حقاً". ويسأل: "أيعقل أن يحصل متقاعد مغربي على ثلث ما يحصل عليه متقاعد فرنسي، ونحن في بلد الحقوق والمساواة؟".
الغريب أنّه حين يحاول المشتكون ومحاموهم الحديث عن 40 عاماً من التمييز في العمل، يتصدى محامو الشركة لهم قائلين إن الشركة لم تضع إجراءات خاصة لحرمانهم من أي منصب، وأن 7000 عامل فرنسي كانوا يعملون حينها كمتعاقدين. ويدّعي هؤلاء المحامون أنّ "العمال المغاربة كانوا على علم بالقوانين".
إلا أنّ ناصر الإدريسي، القيادي في "جمعية العمال المغاربة في فرنسا"، يشدّد على أن "الاتفاق بين المغرب وفرنسا ينصّ أيضاً على المساواة بين المغاربة والفرنسيين في التعويضات التي تضاف إلى الأجور"، وهو ما لم يستفد منه المغاربة.
يضيف الإدريسي: "الغريب أنّ هؤلاء المغاربة، لدى وصولهم، أُلحقوا بالاتفاقية الجماعية للتعدين بدلاً من شركة سكك الحديد. ولم يكن في استطاعة هؤلاء المغاربة الترفّع سوى ثلاث درجات، في مقابل ثماني درجات لزملائهم الفرنسيين. وكانوا ممنوعين من إجراء الامتحانات لأنهم مغاربة. وحتى الفائزين منهم، لم ينالوا الترقية بحجة أنهم ليسوا فرنسيين".
كذلك، طاول التمييز الرعاية الاجتماعية، التي كانت أقل من زملائهم الفرنسيين. وكان يتوجّب على المغاربة العمل سبع سنوات أكثر من زملائهم الفرنسيين. أما راتب التقاعد، فهو نصف ما يحصل عليه الفرنسي.
يقول العمراني إنّ الوظائف التي شغلها المغاربة لم تكن سهلة، بل تطلبت قوة بدنية إضافة إلى العمل في الخارج في كل الأوقات ليلاً ونهاراً، وشتاء وصيفاً، ما جعل صحة هؤلاء تسوء بشكل كبير. يضيف: "حتى الآن، ما زال بعض المغاربة المسنين يمارسون العمل نفسه الذي تولوه منذ التحاقهم في شركة سكك الحديد، قبل خمسة وثلاثين عاماً".
والحقيقة، كما يلخّصها المسؤول في "جمعية العمال المغاربة في فرنسا"، إن متتبّع أوضاع هؤلاء المغاربة يكتشف أنها شبيهة بما تعرض له قدامى المحاربين وعمال شركة رينو للسيارات وعمال مناجم شمال فرنسا وآخرين، والذين لجأوا إلى المحاكم.
الكثير من هؤلاء المتقاعدين يرحلون، وقد مات أكثر من خمسين منهم. يقول ناصر الإدريسي، الذي تشارك جمعيّته في نضالات هؤلاء المغاربة والمحاكمات: "لا شك أن الشركة ستُصلح ضرراً تاريخياً كبيراً، خصوصاً أن قدامى المحاربين من المستعمرات الفرنسية حصلوا أخيراً، على الراتب التقاعدي الذي يحصل عليه رفاقهم الفرنسيون في السلاح، وهذا يرفع من شأن فرنسا في العالَم، ويجعلها منسجمةً مع مبادئها ومُثُلِها".