عمليات "بركان الفرات" تهدد معقل "داعش"

04 يونيو 2015
اشتباكات غير مسبوقة بين "داعش" ومقاتلي "بركان الفرات" (الأناضول)
+ الخط -
نجحت القوات المشتركة المكونة من فصائل المعارضة السورية التابعة للجيش السوري الحر وقوات حماية الشعب الكردية، والتي تأسست في العاشر من سبتمبر/ أيلول الماضي تحت اسم غرفة عمليات "بركان الفرات"، في مواصلة تقدمها في ريف محافظة الرقة الغربي شمال سورية، لتزيد من تهديداتها لمعاقل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في المحافظة.
واقتربت قوات "بركان الفرات"، في الأيام الأخيرة، من مدينة تل أبيض الواقعة شمال مدينة الرقة على الحدود السورية التركية. كما دنت من مدينة عين عيسى، التي تعتبر أهم مدن ريف الرقة الغربي. 
وشهد ريف الرقة الغربي، في اليومين الأخيرين، اشتباكات غير مسبوقة بين "داعش" من جهة ومقاتلي غرفة عمليات "بركان الفرات" من جهة ثانية، والتي تواصل تقدمها نحو مدينة تل أبيض، نتج عنها سيطرة مقاتلي "بركان الفرات" على قرى عدة غرب مدينة تل أبيض هي: ايخدي، مراسر، مزخانة صغيرة، كبينر بيني الكبيرة والصغيرة.


اقرأ أيضاً: "داعش" يتراجع أمام "بركان الفرات" في ريف الرقة

وكان مقاتلو "بركان الفرات" قد سيطروا، يوم الثلاثاء الماضي، على قريتي حشيشة وبير محسن، قرب منطقة سلوك الواقعة على بعد عشرة كيلومترات إلى الجنوب من تل أبيض، وذلك بحسب تصريحات مصدر إعلامي في لواء التحرير، التابع لغرفة "بركان الفرات". كما أوضح المصدر لـ"العربي الجديد" أن "داعش طلب من عائلات عناصره من السوريين والأجانب في منطقة سلوك وقراها، التوجّه إلى مدينة الرقة، خوفاً من تمدد مفاجئ لقوات بركان الفرات في المنطقة".
وكان بيان صدر عن غرفة عملية "بركان الفرات"، منذ يومين، طالب المدنيين من سكان ريف تل أبيض الغرب بالابتعاد عن المناطق التي تشهد الاشتباكات خوفاً من استخدام "داعش" لهم كدروع بشرية بحسب البيان، الذي أكد أيضاً، تعهد قوات "بركان الفرات" بحماية المدنيين في المنطقة بعد انسحاب "داعش" منها.
ويشير هذا التمدد الواضح لقوات "بركان الفرات" في ريف الرقة الشمالي والغربي إلى مدى التراجع الميداني الكبير الذي يعاني منه "داعش" شرق سورية، والذي دفعه، أخيراً، إلى مهاجمة مناطق سيطرة النظام السوري في جنوب مدينة الحسكة بعد خسارته السيطرة على المناطق التي كان يستولي عليها في ريف الحسكة الغربي وخسارته معظم المناطق التي كانت خاضعة له في ريف الحسكة الشرقي.

كذلك فشل "داعش" في تحقيق أي تقدم جديد على حساب قوات المعارضة في ريف حلب الشمالي، على الرغم من حشده نخبة قواته من المقاتلين الأجانب الذين يحملون الجنسيات الطاجيكية والأوزبكية والشيشانية في المنطقة، بحسب تأكيدات مصادر محلية.
وكانت المعارضة في ريف حلب قد تمكنت من ردع التنظيم وإجباره على إيقاف هجومه، ولو مؤقتاً، لتقتصر سيطرته على بلدة صوران التي باغت "داعش" قوات المعارضة فيها، بداية الأسبوع، وتمكن من استهدافها بسيارة مفخخة ليجبر المعارضة على الانسحاب منها.

واستغلت قوات "بركان الفرات" الاستنزاف الكبير الذي يعاني منه "داعش" بسبب قتاله على جبهات كثيرة ومتباعدة ضد قوات النظام والمليشيات الموالية له في السويداء جنوب سورية وفي ريفي حمص وحماة الشرقيين وسط سورية وفي جنوب مدينة الحسكة أقصى شمال شرق سورية، فضلاً عن قتال التنظيم ضد القوات الكردية والمليشيات المتحالفة معها في ريف الحسكة ومواجهاته قوات المعارضة في ريف حلب.
وبدأت قوات "بركان الفرات" بمهاجمة البلدات والقرى التي يسيطر عليها داعش في ريف الرقة الشمالي والغربي، وتتمكن من الاقتراب أكثر من مدينة تل أبيض التي تعد أهم المدن التي يسيطر عليها داعش في ريف الرقة الشمالي.

اقرأ أيضاً: انسحاب مقاتلين سوريين من برنامج التدريب الأميركي التركي 

وتسعى قوات "بركان الفرات" إلى فصل "داعش" عن الحدود التركية وبالتالي القضاء بشكل نهائي على المصدر الوحيد للمتطوعين الجدد من العناصر الأجانب في صفوف التنظيم من الذين يتسللون إلى المناطق التي يسيطر عليها في سورية عبر الحدود التركية.
وتحاول قوات "بركان الفرات" تحقيق ذلك من خلال التمدد على الجانب السوري من الحدود المشتركة مع تركيا، انطلاقاً من مدينة عين العرب التي تسيطر عليها قوات حماية الشعب الكردية. وتعتبر المدينة نقطة الانطلاق الرئيسية لهذه القوات وقوات المعارضة المتحالفة معها في مهاجمة مناطق سيطرة "داعش" في ريف الرقة الشمالي والغربي.
كما تتبع قوات "بركان الفرات" استراتيجية استهداف خطوط إمداد "داعش" لتواصل تقدمها في ريف الرقة الشمالي، إذ تحاول هذه القوات الاقتراب أكثر من مدينة عين عيسى الاستراتيجية، التي تقع على الطريق الذي يصل مدينة الرقة بمدينة تل أبيض، والتي تضعها قوات المعارضة نصب أعينها.
وكانت قوات "بركان الفرات" قد تمكنت من الاستيلاء على قرية كورك الاستراتيجية التي تقع في منطقة مرتفعة في ريف تل أبيض الغربي، ما مكنها من بسط سيطرتها النارية على خطوط إمداد "داعش" في المنطقة، وبالتالي نجحت من إحراز المزيد من التقدم على حساب التنظيم.
كذلك استطاعت قوات "بركان الفرات"، قبل نهاية شهر فبراير/شباط الماضي، من قطع أهم خطوط إمداد التنظيم التي تصل مناطق سيطرتها شرق سورية بمناطق سيطرتها في ريف حلب الشرقي شمال البلاد. واستولت على سبع عشرة قرية على أوتوستراد حلب الحسكة الدولي ليفتح لها ذلك المجال واسعاً للسيطرة على ريف عين العرب بالكامل، ما أدى إلى إلحاق أكبر هزيمة بـ"داعش" على الإطلاق في سورية، وذلك بخسارته السيطرة في نهاية مارس/آذار الماضي على آخر القرى التي كان يستولي عليها في ريف عين العرب، والتي حشد "داعش" نخبة قواته للسيطرة عليها إلا أنه فشل بعد تكبده خسائر كبيرة.

وأدى دعم طيران التحالف الدولي الجوي قوات "بركان الفرات" دوراً كبيراً في تمكين هذه القوات من هزيمة التنظيم في عين العرب وريفها سابقاً وفي مساعدتها في تحقيق التقدم في ريف الرقة حالياً. وشنّ طيران التحالف الدولي مئات الغارات الجوية ضد "داعش"، الذي لم يتمكن في ظل وجود هذه الغارات من القيام بأي مناورات أو عمليات كبيرة لنقل قواته وتحريكها، في ظل تواجد طيران التحالف في الأجواء.
وتكونت غرفة عمليات "بركان الفرات"، عند تأسيسها في سبتمبر/أيلول الماضي، من مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية ومقاتلات وحدات حماية المرأة الكردية ولواء ثوار الرقة ولواء أمناء الرقة التابعين للجيش الحر. كما ضمت كتائب شمس الشمال وألوية فجر الحرية التابعة للجيش الحر في حلب قبل أن تنضم إليها، أيضاً، كتائب جند الرحمن وتشكيل "جيش الثوار" المؤلف من ألوية عدة تابعة للجيش الحر ومجموعات من أبناء العشائر العربية في المنطقة، وهو تشكيل بدأ بالتضخم، أخيراً، ليشكل فصيلاً كبيراً ضمن "بركان الفرات".

اقرأ أيضاً: حلب... مختبر "تحالف" النظام و"داعش"