تسببت السيول العارمة التي اجتاحت الأردن هذا العام، بسقوط 35 قتيلاً، ونحو 72 مصاباً، خلال أسبوعين، بالرغم من أنّ الأمطار هطلت على مناطق غير مكتظة سكانياً. هذا الوضع خلق حالة من الخوف والقلق المستمر الذي تزيد وتيرته عند إعلان دائرة الأرصاد الجوية عن وصول منخفض جوي أو عدم استقرار مناخي.
عام 2015 أيضاً، ضربت العاصمة عمّان عاصفة مطرية في الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني، وتسببت في وفاة أربعة أشخاص، وأدت إلى قطع عدد من الطرقات ومحاصرة منازل وحدوث انهيارات في البنية التحتية، بينما برزت دعوات شعبية وبرلمانية تطالب في ذلك الوقت بإقالة الحكومة. يومها، قال جهاز الدفاع المدني الأردني في بيان إنّ كوادره تعاملت مع 400 حالة شفط للمياه من المنازل والشوارع، وجرى إنقاذ 750 شخصاً حاصرتهم مياه الأمطار، وشفطت المياه من 350 منزلاً ومحلاً تجارياً، بالإضافة إلى التعامل مع 740 مركبة محاصرة. أما أمانة عمان الكبرى فقالت إنّ "كمية الأمطار التي هطلت خلال 45 دقيقة بلغت 40 ملم، وهذا رقم قياسي استثنائي نادر الحدوث"، موضحة أنّ التساقط الغزير للأمطار أدى إلى انجراف الأتربة من أراضٍ غير مسوّرة، ومن ورش البناء، والمساحات المنحدرة، نحو قنوات تصريف المياه، التي أغلقتها.
اقــرأ أيضاً
وحول أسباب مثل هذه المآسي، وتكرارها، يقول مدير المركز الوطني للتنبؤات الجوية المهندس، رائد رافد آل خطاب، لـ"العربي الجديد": "لاحظنا - نحن العاملين - في أحوال الطقس والتنبؤات الجوية خلال السنوات الأخيرة حالات من عدم الاستقرار الجوي التي باتت تتسبب في ما يعرف بالسيول الومضية، والتي تنتج عنها كميات مطر عالية في فترة زمنية قصيرة". يوضح: "بما أنّ هذه الظاهرة باتت متكررة، نتوقع أن تأتي في الفترات المقبلة بعنف أكبر، فالأنظمة الجوية بدأت تتأثر، وهو ما يشير إلى أنّ المنطقة بدأت تشهد تغيراً في المناخ".
يشير آل خطاب إلى أنّ حالات عدم الاستقرار تقع في العادة في فصلي الخريف في الفترة من أواخر شهر سبتمبر/ أيلول وديسمبر/ كانون الأول، والربيع من 20 مارس/ آذار حتى نهاية الأسبوع الأول من مايو/ أيار، لافتاً إلى أنّ الخريف يشهد منخفضات البحر الأحمر، والربيع يشهد منخفضات خماسينية قد تؤدي إلى هطول الأمطار بغزارة، مع انخفاض في درجات الحرارة. يضيف: "خلال السنوات الأربع الماضية شهدنا حالات هطول مطري قوية وعنيفة في مناطق محددة، من خلال غيوم محلية رعدية، مثل منطقة الجفر الجنوبية التي يصل المعدل المطري السنوي فيها إلى 28 ملم، لكن خلال السيول الأخيرة التي اجتاحت مادبا والجنوب، وصلت كميات الأمطار في الجفر إلى ضعفي المعدل السنوي 62 ملم، وهو ما حدث خلال ساعات".
يضيف: "أثر التغير المناخي مختلف حول العالم، فبعض المناطق تتجه إلى الجفاف فيما تحدث في مناطق أخرى فيضانات، كما أنّ ظاهرة النينو نشطة وهي عبارة عن دورة مناخية تحدث في المحيط الهادئ، لها تأثير كبير على حالة الطقس في جميع أنحاء العالم، وعادةً ما تبدأ هذه الدورة عندما تنتقل المياه الدافئة في المحيط الهادئ من الجهة الغربية إلى الجزء الشرقي الاستوائي باتجاه سواحل أميركا الجنوبيّة على طول خط الاستواء". مع ذلك، يوضح أنّ العلماء لم يجدوا تفسيراً للربط بين هذه الظاهرة وما يحدث من حالة عدم الاستقرار في المنطقة.
يشدد آل خطاب على ضرورة التكيف مع التغير المناخي، من خلال وضع استراتيجيات للسنوات المقبلة: "لا يمكن وقف التغير المناخي، لكن من الممكن وضع خطط للتكيف المناخي، فعندما يكون الهطول المطري كثيفاً لا تستوعبه الأرض مما يسبب الانجرافات، كما حدث في السيول خلال الشهر الأخير، وبذلك، لا بدّ من تجهيز البنية التحتية لاستيعاب الأمطار الغزيرة".
اقــرأ أيضاً
بدوره، يشير رئيس لجنة النقل والمرور في نقابة المهندسين الأردنيين، الدكتور، ماجد مسلم، لـ"العربي الجديد" إلى أنّ السبب الرئيسي في غرق المدن ومنها عمّان في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 كان عدم ملاءمة البنية التحتية لمثل هذه الأجواء وعدم تطويرها، مشيراً إلى غياب الخطط الاستراتيجية المرتبطة بنمو السكان، وعدم بذل مزيد من الجهود في تأهيل شبكة البنية التحتية. يضيف أنّ من الأسباب أيضاً الاعتداء الجائر على المساحات الخضراء، التي كانت تمتص جزءاً كبيراً من المياه، وبعدما استبدلتها البيوت والشوارع والأرصفة باتت المياه تجري من دون قدرة للأرض على امتصاصها.
يوضح: "يساهم غياب خطط الصيانة للشبكات والمعدات التي يعتمد عليها في فتح الشبكات والأعمال المساندة، وضعف خطط الطوارئ الحقيقية في مثل هذه الأحوال، في تجمع المياه، مع العلم أنّ عمليات الصيانة شهدت تحسناً في الفترة الأخيرة لكنّه ما زال غير كافٍ". يضيف: "لدينا خطط لكنّها محفوظة في الأدراج" مشيراً إلى وصف استخدم سابقاً بأنّ "عمّان محمية من الغرق... فقط على الورق".
يشدد مسلم على أهمية التخطيط المستقبلي في بناء شبكات المياه بما يتواءم مع النمو السكاني المتوقع، ومعدلات الهطول المطري، مشيراً إلى أنّ بعض الخطط تغيب عنها الدقة في الأرقام، فيوضع نمو بمقدار 4 في المائة، فيما يصل النمو الفعلي إلى 8 في المائة. يوضح أنّ تصريف المياه يعتمد على خطط قد تكون لخمس سنوات أو عشر أو أكثر، لكن أحياناً تأتي كميات أمطار كبيرة وغير متوقعة، وهنا يفترض براسمي السياسات وواضعي الخطط أن يكون لديهم على الأقل تصور لخطة تحدّ من الأضرار الطارئة. ومن الصعب اقتصادياً بناء بنية تحتية مكلفة جداً لحالة من الممكن أن تحصل كلّ عشرين عاماً". يضيف: "نحن في أمسّ الحاجة إلى تحديد واقع البنية التحتية الأردنية من أجل رسم خريطة طريق جديدة ضمن إطار شامل واضح المعالم يجري من خلاله تجنب تكرار ما حصل في السنوات الماضية، فالبنية التحتية هي أساس التنمية وعمودها الفقري. ومن أسباب ضعف البنية التحتية أيضاً ضعف التنسيق بين الأطراف المعنية بالحفاظ على البنية التحتية وإدامتها".
من جهة أخرى، يقول مصدر في أمانة العاصمة، فضل عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد" إنّ أمانة عمّان تخصص سنوياً ما لا يقل عن 10 ملايين دينار (14 مليوناً و104 آلاف دولار أميركي) لإنشاء عبّارات لتصريف مياه الأمطار ورفع كفاءة الموجودة حالياً، فضلاً عن مبالغ أخرى للتعامل مع أيّ مشكلة طارئة بهذا الخصوص، وتنفذ حملات على مدار العام للتأكد من جاهزيتها لاستيعاب مياه الأمطار. يضيف: "عملت الأمانة على تعزيز تجهيزاتها من كاسحات ثلوج وآلات لشفط المياه وآليات متخصصة بفتح مجاري تصريف مياه الأمطار حال تعرضها لأيّ إغلاق، كما وفرت مضخات ضخمة ومولدات كهربائية عند الأنفاق التي توجد فيها آبار لجمع المياه، وفي حال انقطاع التيار الكهربائي يجري ضخ المياه بتلك المولدات، وتوفير مجسات تحذر من ارتفاع المياه في الأنفاق للتعامل معها أولاً بأول.
اقــرأ أيضاً
يتابع: "تنسق الأمانة حالياً مع الجهات المعنية لدراسة تطوير خطط الطوارئ التي كانت تعتمدها للتعامل مع الظروف والمتغيرات الجوية غير الاعتيادية، كما أنّ استراتيجية، منعة عمّان، تشمل خطه لتنفيذ شبكة تصريف مياه أمطار حديثة تواكب توسع المدينة ونموها ودرء المخاطر في إطار خطط تمكين المدينة".
عام 2015 أيضاً، ضربت العاصمة عمّان عاصفة مطرية في الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني، وتسببت في وفاة أربعة أشخاص، وأدت إلى قطع عدد من الطرقات ومحاصرة منازل وحدوث انهيارات في البنية التحتية، بينما برزت دعوات شعبية وبرلمانية تطالب في ذلك الوقت بإقالة الحكومة. يومها، قال جهاز الدفاع المدني الأردني في بيان إنّ كوادره تعاملت مع 400 حالة شفط للمياه من المنازل والشوارع، وجرى إنقاذ 750 شخصاً حاصرتهم مياه الأمطار، وشفطت المياه من 350 منزلاً ومحلاً تجارياً، بالإضافة إلى التعامل مع 740 مركبة محاصرة. أما أمانة عمان الكبرى فقالت إنّ "كمية الأمطار التي هطلت خلال 45 دقيقة بلغت 40 ملم، وهذا رقم قياسي استثنائي نادر الحدوث"، موضحة أنّ التساقط الغزير للأمطار أدى إلى انجراف الأتربة من أراضٍ غير مسوّرة، ومن ورش البناء، والمساحات المنحدرة، نحو قنوات تصريف المياه، التي أغلقتها.
وحول أسباب مثل هذه المآسي، وتكرارها، يقول مدير المركز الوطني للتنبؤات الجوية المهندس، رائد رافد آل خطاب، لـ"العربي الجديد": "لاحظنا - نحن العاملين - في أحوال الطقس والتنبؤات الجوية خلال السنوات الأخيرة حالات من عدم الاستقرار الجوي التي باتت تتسبب في ما يعرف بالسيول الومضية، والتي تنتج عنها كميات مطر عالية في فترة زمنية قصيرة". يوضح: "بما أنّ هذه الظاهرة باتت متكررة، نتوقع أن تأتي في الفترات المقبلة بعنف أكبر، فالأنظمة الجوية بدأت تتأثر، وهو ما يشير إلى أنّ المنطقة بدأت تشهد تغيراً في المناخ".
يشير آل خطاب إلى أنّ حالات عدم الاستقرار تقع في العادة في فصلي الخريف في الفترة من أواخر شهر سبتمبر/ أيلول وديسمبر/ كانون الأول، والربيع من 20 مارس/ آذار حتى نهاية الأسبوع الأول من مايو/ أيار، لافتاً إلى أنّ الخريف يشهد منخفضات البحر الأحمر، والربيع يشهد منخفضات خماسينية قد تؤدي إلى هطول الأمطار بغزارة، مع انخفاض في درجات الحرارة. يضيف: "خلال السنوات الأربع الماضية شهدنا حالات هطول مطري قوية وعنيفة في مناطق محددة، من خلال غيوم محلية رعدية، مثل منطقة الجفر الجنوبية التي يصل المعدل المطري السنوي فيها إلى 28 ملم، لكن خلال السيول الأخيرة التي اجتاحت مادبا والجنوب، وصلت كميات الأمطار في الجفر إلى ضعفي المعدل السنوي 62 ملم، وهو ما حدث خلال ساعات".
يضيف: "أثر التغير المناخي مختلف حول العالم، فبعض المناطق تتجه إلى الجفاف فيما تحدث في مناطق أخرى فيضانات، كما أنّ ظاهرة النينو نشطة وهي عبارة عن دورة مناخية تحدث في المحيط الهادئ، لها تأثير كبير على حالة الطقس في جميع أنحاء العالم، وعادةً ما تبدأ هذه الدورة عندما تنتقل المياه الدافئة في المحيط الهادئ من الجهة الغربية إلى الجزء الشرقي الاستوائي باتجاه سواحل أميركا الجنوبيّة على طول خط الاستواء". مع ذلك، يوضح أنّ العلماء لم يجدوا تفسيراً للربط بين هذه الظاهرة وما يحدث من حالة عدم الاستقرار في المنطقة.
يشدد آل خطاب على ضرورة التكيف مع التغير المناخي، من خلال وضع استراتيجيات للسنوات المقبلة: "لا يمكن وقف التغير المناخي، لكن من الممكن وضع خطط للتكيف المناخي، فعندما يكون الهطول المطري كثيفاً لا تستوعبه الأرض مما يسبب الانجرافات، كما حدث في السيول خلال الشهر الأخير، وبذلك، لا بدّ من تجهيز البنية التحتية لاستيعاب الأمطار الغزيرة".
بدوره، يشير رئيس لجنة النقل والمرور في نقابة المهندسين الأردنيين، الدكتور، ماجد مسلم، لـ"العربي الجديد" إلى أنّ السبب الرئيسي في غرق المدن ومنها عمّان في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 كان عدم ملاءمة البنية التحتية لمثل هذه الأجواء وعدم تطويرها، مشيراً إلى غياب الخطط الاستراتيجية المرتبطة بنمو السكان، وعدم بذل مزيد من الجهود في تأهيل شبكة البنية التحتية. يضيف أنّ من الأسباب أيضاً الاعتداء الجائر على المساحات الخضراء، التي كانت تمتص جزءاً كبيراً من المياه، وبعدما استبدلتها البيوت والشوارع والأرصفة باتت المياه تجري من دون قدرة للأرض على امتصاصها.
يوضح: "يساهم غياب خطط الصيانة للشبكات والمعدات التي يعتمد عليها في فتح الشبكات والأعمال المساندة، وضعف خطط الطوارئ الحقيقية في مثل هذه الأحوال، في تجمع المياه، مع العلم أنّ عمليات الصيانة شهدت تحسناً في الفترة الأخيرة لكنّه ما زال غير كافٍ". يضيف: "لدينا خطط لكنّها محفوظة في الأدراج" مشيراً إلى وصف استخدم سابقاً بأنّ "عمّان محمية من الغرق... فقط على الورق".
يشدد مسلم على أهمية التخطيط المستقبلي في بناء شبكات المياه بما يتواءم مع النمو السكاني المتوقع، ومعدلات الهطول المطري، مشيراً إلى أنّ بعض الخطط تغيب عنها الدقة في الأرقام، فيوضع نمو بمقدار 4 في المائة، فيما يصل النمو الفعلي إلى 8 في المائة. يوضح أنّ تصريف المياه يعتمد على خطط قد تكون لخمس سنوات أو عشر أو أكثر، لكن أحياناً تأتي كميات أمطار كبيرة وغير متوقعة، وهنا يفترض براسمي السياسات وواضعي الخطط أن يكون لديهم على الأقل تصور لخطة تحدّ من الأضرار الطارئة. ومن الصعب اقتصادياً بناء بنية تحتية مكلفة جداً لحالة من الممكن أن تحصل كلّ عشرين عاماً". يضيف: "نحن في أمسّ الحاجة إلى تحديد واقع البنية التحتية الأردنية من أجل رسم خريطة طريق جديدة ضمن إطار شامل واضح المعالم يجري من خلاله تجنب تكرار ما حصل في السنوات الماضية، فالبنية التحتية هي أساس التنمية وعمودها الفقري. ومن أسباب ضعف البنية التحتية أيضاً ضعف التنسيق بين الأطراف المعنية بالحفاظ على البنية التحتية وإدامتها".
من جهة أخرى، يقول مصدر في أمانة العاصمة، فضل عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد" إنّ أمانة عمّان تخصص سنوياً ما لا يقل عن 10 ملايين دينار (14 مليوناً و104 آلاف دولار أميركي) لإنشاء عبّارات لتصريف مياه الأمطار ورفع كفاءة الموجودة حالياً، فضلاً عن مبالغ أخرى للتعامل مع أيّ مشكلة طارئة بهذا الخصوص، وتنفذ حملات على مدار العام للتأكد من جاهزيتها لاستيعاب مياه الأمطار. يضيف: "عملت الأمانة على تعزيز تجهيزاتها من كاسحات ثلوج وآلات لشفط المياه وآليات متخصصة بفتح مجاري تصريف مياه الأمطار حال تعرضها لأيّ إغلاق، كما وفرت مضخات ضخمة ومولدات كهربائية عند الأنفاق التي توجد فيها آبار لجمع المياه، وفي حال انقطاع التيار الكهربائي يجري ضخ المياه بتلك المولدات، وتوفير مجسات تحذر من ارتفاع المياه في الأنفاق للتعامل معها أولاً بأول.
يتابع: "تنسق الأمانة حالياً مع الجهات المعنية لدراسة تطوير خطط الطوارئ التي كانت تعتمدها للتعامل مع الظروف والمتغيرات الجوية غير الاعتيادية، كما أنّ استراتيجية، منعة عمّان، تشمل خطه لتنفيذ شبكة تصريف مياه أمطار حديثة تواكب توسع المدينة ونموها ودرء المخاطر في إطار خطط تمكين المدينة".