شغل رئيس أركان الجيش المصري الأسبق، سامي عنان، وسائل الإعلام المحلية ومتابعي مستجدات الانتخابات الرئاسية في مصر، بعدما أعلن متحدث باسم حزبه "مصر العروبة الديمقراطي"، مساء أول من أمس، أنه سيترشح للرئاسة، منافساً للرئيس عبد الفتاح السيسي، ثم تراجعه جزئياً عن هذا الإعلان بتوضيحه أن القرار صدر عن الهيئة العليا للحزب، وأنهم أبلغوه لعنان هاتفياً، ثم حديثه عن صدور تعليمات لقواعد الحزب في المحافظات ببدء تجميع التوكيلات من مختلف المحافظات لعنان لدفعه مرشحاً رسمياً.
ولم يصدر عن عنان أي تصريح رسمي بهذا الشأن، كما امتنع نجله سمير عن تأكيد أو نفي النبأ. ثم خرجت معلومات أخرى من الحزب تفيد بأنهم سيعقدون مؤتمراً صحافياً في مقر الحزب في الدقي، اليوم السبت، للإعلان بشكل تفصيلي عن الموقف الحالي لعنان، من دون توضيح ما إذا كان عنان سيحضر بنفسه هذا المؤتمر. مصادر سبق وعملت مع عنان لدى تأسيس حزبه رجحت، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن تكون هذه الخطوات "محاولة لتحقيق بعض المكاسب لنفسه ولحزبه أسوة بما حدث مع رئيس الوزراء الأسبق، أحمد شفيق، الذي استطاع أن يحقق بعض المكاسب، بعدما تأكد من استحالة ترشحه للرئاسة، كإبعاد التهديدات القانونية عنه وعن أسرته وغلق الملفات القضائية التي كانت مفتوحة بانتظاره، وكذلك حماية حزبه من التهديدات الأمنية والاستبعاد مستقبلاً من المشهد السياسي". وأوضحت المصادر أن "عنان ليس الشخص الذي يقبل بأداء دور الكومبارس في الانتخابات المقبلة ضد السيسي، فهو ما زال يرى أنه كان الأجدر منه بتولي منصب القائد العام للجيش في 2012، بعد الإطاحة بالمشير حسين طنطاوي، ويرى أن الأخير لعب دوراً سلبياً لتمكين السيسي من السيطرة على الجيش، بعدما كان هو عملياً صاحب الكلمة الأولى فيه. كما أن السيسي لا يطمئن كثيراً لتحركات عنان واستعداده للتواصل مع تيارات ترى أنها تعرضت للظلم والاستبعاد بعد الإطاحة بحكم جماعة الإخوان، لا سيما السلفيين".
وأكدت المصادر أن عنان كان ينوي، في وقت سابق من العام الماضي، منافسة السيسي فعلياً، بهدف تكدير صفو الانتخابات الرئاسية، وأجرى اتصالات بأجهزة ودوائر حكومية وأمنية، وكذلك بعض الأحزاب لجس نبضها واستطلاع رأيها في ترشحه، قبل اتخاذ أي خطوة إجرائية للترشح، لكن دائرة السيسي علمت بذلك، وردت بتوجيه رسائل تحذيرية لعنان ونجله عبر بعض الإعلاميين من مغبة الترشح في ظل وجود بلاغات قديمة ضده منذ كان عضواً بالمجلس العسكري، بشأن وقائع فساد مالي واتجار بأراضي الدولة وتربح من عمليات تسقيع وبيع أراض مميزة كانت خصصت له بصفته الوظيفية. وأشارت المصادر إلى أن "عنان على ما يبدو فطن إلى أن الضغط على السيسي، في ظل تراجع شعبيته، سيضمن له بعض المكاسب الشخصية، بطريقة الهجوم خير وسيلة للدفاع، كما حدث مع شفيق، وخصوصاً أن هناك ملفات فساد مالي لا يعرف عنان على وجه التحديد فحواها، ولن يقبل بظهورها تحت أي ظرف"، مشددة على أنه حاول سابقاً التواصل مع قيادات في القضاء العسكري والاستخبارات الحربية لمعرفة تفاصيل تلك الملفات التي يهدده بها السيسي، لكنه فشل.
وكان السيسي قد أجرى حركة تصفية واسعة في صفوف سلاح الدفاع الجوي الذي ينتمي إليه عنان، عبر إحالة عشرات الضباط إلى التقاعد، في ديسمبر/ كانون الأول 2016، بسبب صلاتهم المحتملة بعنان الذي يتمتع بشعبية كبيرة في هذا السلاح. ثم تكللت الحركة بإحالة قائد السلاح، الفريق عبد المنعم التراس، إلى التقاعد، وهو آخر قائد عسكري كانت له صلة قوية بعنان. وتوقعت المصادر أن يعلن عنان بشكل رسمي خلال ساعات سعيه لجمع التوكيلات ليفتح باب التفاوض مع النظام، كما حدث في العام 2014 عندما أعلن خوضه الانتخابات ثم تراجع بعد تهديدات ووساطات، قبيل خوض السيسي الانتخابات ضد المرشح الناصري، حمدين صباحي، وحده، إلّا أن عنان لم يستفد عملياً من تراجعه في 2014 لأن حزبه ظل مهمشاً، كما بقي هو مهدداً من قبل أجهزة السيسي.