إنّ تتبُّع سيرورة الإسلام داخل تراثنا عبر عهودٍ مديدة، يفضي بنا إلى إخباريات تاريخية ومعطيات جمّة، لا سيما تلك الوقائع التي تطال حياة السلاطين والخلفاء. فقد شهدت البلاطات حوادث لا تخلو من الطرافة أحياناً. تُظهِر تلك الإخباريات أحوال البلاط وطبيعة السلطة القائمة والعلاقات السائدة بين الطبقة الحاكمة وباقي شرائح المجتمع.
عمد السلاطين، في مناسباتٍ عديدة، إلى خرق المحظورات بغية تسيير شؤون دولتهم. ففي ظل النواهي التي وُضِعَت ضمن الشريعة الإسلامية، برزت احتياجات السلاطين إلى "التصوير". على الرغم من منع التصوير استناداً لأحكامٍ فقهية، فقد جرى استخدامه من قبل السلاطين لأغراضٍ مختلفة. فالتصوير لم يكن إلاّ ذاك العنصر الثقافي الإشكالي المحاط بمروحةٍ واسعة من النقاشات في أروقة البلاط.
برز هذا العنصر على جدران الحمامات، وفي أروقة القصور، وفي الأجنحة الخاصة في حريم السلطان. فاختلف حوله الفقهاء والسلاطين، وظهر التنويع في المواقف الشرعية منه. على إثر انفلاش الإمبراطورية الإسلامية، وعلى وقع ما أفرزته العملية التوسّعية في مجالات مختلفة، جرى استخدام التصوير في إطار الضبط والإكراه. استفاد الوالي من التصوير لتلبية احتياجات ولايته ولفرض سلطته على أمصارٍ تابعة له.
ففي ظلّ فرض "الرقابة" وملاحقة الذين تخلّفوا عن الإنضواء تحت إمرة السلطان، أصبح التصوير يُوظَّف لأغراضٍ جنائية بغية فرض هيبة الدولة، وأداةً جنائية في عهد الملك محمود الغزنوي. هذا الملك الذي لُقِّب ببطل الإسلام وفاتح الهند ومحطِّم الأصنام. لقد كان نصيراً ومُحبّاً للأدب والفنون. كما عاصره آنذاك لفيف من العلماء والشعراء والفلاسفة، أمثال إبن سينا، وأبو الريحان البيروني، والفردوسي، وأبو الفتح البستي، والبيهقي، والكسائي.
تشير الرواية التاريخية إلى العلاقة المضطربة بين محمود الغزنوي وإبن سينا. فيُروى أنّ الشيخ الرئيس (ابن سينا) رفض العمل في خدمة الملك آنذاك. رفض أن يكون واحداً من حاشية السلطان، ففرَّ هارباً إلى ولاية جورجان. اختبأ وتوارى عن الأنظار خوفاً من بطش الملك. كلّف الملك أبا نصر بن عراق، المصوِّر والرياضي والفلكي المشهور، أن يرسم صورة شخصية (بورتريه) لابن سينا على ورقة. ثم أصدر الملك أمراً لمصوِّرين آخرين بنسخ أربعين صورة لابن سينا. وزِّعَت الصور على الإمارات المجاورة، وعلى أماكن حراسة الولاة، وأُرفِقَت بطلبٍ يحمل أمراً بإلقاء القبض على صاحب الصورة.
على غرار ما يحدث في الغرب الأميركي من أعراف الضبط والإكراه، حيث يجري نشر صور الخارجين عن القانون، مرفقةً بكلمة مطلوب (wanted) من دون دفع أي مبلغ مقابل تسليمه. إنّ الإسلام كان سبَّاقاً في الفكرة والمضمون. هكذا أوجد الملوك والسلاطين طرقاً مبتكرةً في إطار ضبط شؤون بلادهم، وحثِّ رعاياهم على الطاعة. فأصبح المحظور مخروقاً لغايات السلطة ومآرب السلطان تحديداً.
عمد السلاطين، في مناسباتٍ عديدة، إلى خرق المحظورات بغية تسيير شؤون دولتهم. ففي ظل النواهي التي وُضِعَت ضمن الشريعة الإسلامية، برزت احتياجات السلاطين إلى "التصوير". على الرغم من منع التصوير استناداً لأحكامٍ فقهية، فقد جرى استخدامه من قبل السلاطين لأغراضٍ مختلفة. فالتصوير لم يكن إلاّ ذاك العنصر الثقافي الإشكالي المحاط بمروحةٍ واسعة من النقاشات في أروقة البلاط.
برز هذا العنصر على جدران الحمامات، وفي أروقة القصور، وفي الأجنحة الخاصة في حريم السلطان. فاختلف حوله الفقهاء والسلاطين، وظهر التنويع في المواقف الشرعية منه. على إثر انفلاش الإمبراطورية الإسلامية، وعلى وقع ما أفرزته العملية التوسّعية في مجالات مختلفة، جرى استخدام التصوير في إطار الضبط والإكراه. استفاد الوالي من التصوير لتلبية احتياجات ولايته ولفرض سلطته على أمصارٍ تابعة له.
ففي ظلّ فرض "الرقابة" وملاحقة الذين تخلّفوا عن الإنضواء تحت إمرة السلطان، أصبح التصوير يُوظَّف لأغراضٍ جنائية بغية فرض هيبة الدولة، وأداةً جنائية في عهد الملك محمود الغزنوي. هذا الملك الذي لُقِّب ببطل الإسلام وفاتح الهند ومحطِّم الأصنام. لقد كان نصيراً ومُحبّاً للأدب والفنون. كما عاصره آنذاك لفيف من العلماء والشعراء والفلاسفة، أمثال إبن سينا، وأبو الريحان البيروني، والفردوسي، وأبو الفتح البستي، والبيهقي، والكسائي.
تشير الرواية التاريخية إلى العلاقة المضطربة بين محمود الغزنوي وإبن سينا. فيُروى أنّ الشيخ الرئيس (ابن سينا) رفض العمل في خدمة الملك آنذاك. رفض أن يكون واحداً من حاشية السلطان، ففرَّ هارباً إلى ولاية جورجان. اختبأ وتوارى عن الأنظار خوفاً من بطش الملك. كلّف الملك أبا نصر بن عراق، المصوِّر والرياضي والفلكي المشهور، أن يرسم صورة شخصية (بورتريه) لابن سينا على ورقة. ثم أصدر الملك أمراً لمصوِّرين آخرين بنسخ أربعين صورة لابن سينا. وزِّعَت الصور على الإمارات المجاورة، وعلى أماكن حراسة الولاة، وأُرفِقَت بطلبٍ يحمل أمراً بإلقاء القبض على صاحب الصورة.
على غرار ما يحدث في الغرب الأميركي من أعراف الضبط والإكراه، حيث يجري نشر صور الخارجين عن القانون، مرفقةً بكلمة مطلوب (wanted) من دون دفع أي مبلغ مقابل تسليمه. إنّ الإسلام كان سبَّاقاً في الفكرة والمضمون. هكذا أوجد الملوك والسلاطين طرقاً مبتكرةً في إطار ضبط شؤون بلادهم، وحثِّ رعاياهم على الطاعة. فأصبح المحظور مخروقاً لغايات السلطة ومآرب السلطان تحديداً.