حين يمرّ موكب أحد السياسيين في الشارع، عليك أن تتحضّر للكثير. ستسمع كلمة "ع جنب ولى"، ستلمح كتلة من العضلات البشرية قد تهوي فوق سيارتك. سترى أناساً يهرولون باتجاه الرصيف حتّى لا تصيبهم لطشة من الصراخ أو الدفع. قد تنتظر طويلاً ريثما يمرّ الوزير أو النائب أو المسؤول.
إنّه لبنان، وتلك المواكب هي لساسته العاجزين حالياً عن فرض الأمن. أمن لا يحمي إلا مواكبهم وشخصياتهم ومنازلهم المدجّجة بعشرات المكعبات الباطونية وسط العاصمة.
هزّت جريمة قتل منطقة الأشرفية قبل أسبوعين. هزّت المجتمع اللبناني. وحش بشري قتل مواطناً في وضح النهار أمام المارّة. لم يتجرّأ أحد على توقيفه لحظة ارتكابه الجريمة. تدفعه زوجة الضحية لكنّها تقع أمام ضرباته، تصرخ ولا مغيث لها ولزوجها المضرج بدمائه.
سرعان ما انتشر الخبر واسم القاتل. لكن عبارة محدّدة راقفت الاسم: "زلمة فلان" أو "مرافق فلان". عبارة خاصّة بلبنان. عبارة سحرية تذكّر بإعلانات شيوخ روحانيين.
اقرأ أيضاً: بعد العرس استيقظ ورأى وجهها الحقيقي: من هذه؟
"زلمة فلان" في لبنان يعني أنّ "فلان" قد يكون فوق القانون. يخرج المساجين، يحمي بمنطق طائفي، ربما عشائري، يسكت الإعلام برضاه. "زلمة فلان" تفكّ حبل مشنقة. يكفي استعراض قضايا مشابهة ما استطاع العدل أخذ مجراه فيها لولا ضغط الرأي العام.
خلال فصل الشتاء المنصرم، كاد قاتل الشاب، إيف نوفل، أن يحظى بحماية "مسؤول". شاهد اللبنانيون بعيونهم لقاء القاتل مع نائب لبناني فيما كانت الشرطة تبحث عنه. إيف نوفل قتل إثر خلاف مع مجموعة شبّان في نادٍ ليلي بمنطقة كفرذبيان السياحية.
بعدها هجمت مجموعة من الشبان التابعين لوزير لبناني على مراسلة قناة محلية. ضربوا المصور، هدّدوا بالسلاح فريق عمل القناة. الحادثة لم تكن الأولى في البقاع اللبناني. في 2009 قتل أحدهم نصري ماروني، ثم توارى عن الأنظار ليتّضح لاحقاً أنّ المجرم ينعم بتغطية قطب سياسي. في العام نفسه قُتل شقيقان ينتميان إلى تيار سياسي واحد على يد حزبي توارى بتغطية سياسية أيضاً. حوادث القتل تكرّرت حين أقدم رجل من قرية شمالية في لبنان على قتل زوجته، واتّهمت عائلة الضحية رجل سياسة بتغطية الجريمة أيضاً.
اقرأ أيضاً: عن رضيع ربيع كحيل الذي يشبهنا... نحن أيتام الوجع
عشرات الأحداث يمكن أن تروى عن "زلمة فلان". هم رجال ظِلّ ساسة لبنان. مواكب تمشي "على عينك يا تاجر". موكب يعتدي على محامية في العاصمة بوضح النهار. موكب آخر يطلق الرصاص على سيارة توقفت في منطقة الضبية. مسلّحون تابعون لنائب شمالي ينهالون ضرباً على مواطن عرقل موكبهم.
الشعب اللبناني يرزح تحت منظومة قوامها رجال الأعمال والمصارف، المتحالفون مع ساسته. بعدهم يأتي القضاء الذي يشكّل المخرج المثالي لهم في كلّ ورطة، مثل ورطة طارق يتيم. القضاة في لبنان جزء من ذاك المجتمع، هم على موائدهم في سهراتهم الصاخبة. منظومة ثلاثية قاتلة. منظومة نهشت جسد مرافق البلد، بتغطية من أحزاب السلطة، قبل أن تتحوّل إلى قاتل حقيقي .
اقرأ أيضاً: قصة أصغر قاتلَين في تاريخ أميركا...سيفرج عن أحدهما اليوم
النظام اللبناني بمنظومة السياسيين ورجال الأعمال والقضاء بدأ بنهش شعبه. منظومة تتوارى خلف الشاشات كمحرّضة للطوائف على بعضها بعضاً، ثم تطلق العنان لقاتليها المأجورين، حين يعترض مواطن واحد مواكبها السيارة أو مصالحها أو أزلامها.
هي حكاية "زلمة فلان"، في لبنان.
إنّه لبنان، وتلك المواكب هي لساسته العاجزين حالياً عن فرض الأمن. أمن لا يحمي إلا مواكبهم وشخصياتهم ومنازلهم المدجّجة بعشرات المكعبات الباطونية وسط العاصمة.
هزّت جريمة قتل منطقة الأشرفية قبل أسبوعين. هزّت المجتمع اللبناني. وحش بشري قتل مواطناً في وضح النهار أمام المارّة. لم يتجرّأ أحد على توقيفه لحظة ارتكابه الجريمة. تدفعه زوجة الضحية لكنّها تقع أمام ضرباته، تصرخ ولا مغيث لها ولزوجها المضرج بدمائه.
سرعان ما انتشر الخبر واسم القاتل. لكن عبارة محدّدة راقفت الاسم: "زلمة فلان" أو "مرافق فلان". عبارة خاصّة بلبنان. عبارة سحرية تذكّر بإعلانات شيوخ روحانيين.
اقرأ أيضاً: بعد العرس استيقظ ورأى وجهها الحقيقي: من هذه؟
"زلمة فلان" في لبنان يعني أنّ "فلان" قد يكون فوق القانون. يخرج المساجين، يحمي بمنطق طائفي، ربما عشائري، يسكت الإعلام برضاه. "زلمة فلان" تفكّ حبل مشنقة. يكفي استعراض قضايا مشابهة ما استطاع العدل أخذ مجراه فيها لولا ضغط الرأي العام.
خلال فصل الشتاء المنصرم، كاد قاتل الشاب، إيف نوفل، أن يحظى بحماية "مسؤول". شاهد اللبنانيون بعيونهم لقاء القاتل مع نائب لبناني فيما كانت الشرطة تبحث عنه. إيف نوفل قتل إثر خلاف مع مجموعة شبّان في نادٍ ليلي بمنطقة كفرذبيان السياحية.
بعدها هجمت مجموعة من الشبان التابعين لوزير لبناني على مراسلة قناة محلية. ضربوا المصور، هدّدوا بالسلاح فريق عمل القناة. الحادثة لم تكن الأولى في البقاع اللبناني. في 2009 قتل أحدهم نصري ماروني، ثم توارى عن الأنظار ليتّضح لاحقاً أنّ المجرم ينعم بتغطية قطب سياسي. في العام نفسه قُتل شقيقان ينتميان إلى تيار سياسي واحد على يد حزبي توارى بتغطية سياسية أيضاً. حوادث القتل تكرّرت حين أقدم رجل من قرية شمالية في لبنان على قتل زوجته، واتّهمت عائلة الضحية رجل سياسة بتغطية الجريمة أيضاً.
اقرأ أيضاً: عن رضيع ربيع كحيل الذي يشبهنا... نحن أيتام الوجع
عشرات الأحداث يمكن أن تروى عن "زلمة فلان". هم رجال ظِلّ ساسة لبنان. مواكب تمشي "على عينك يا تاجر". موكب يعتدي على محامية في العاصمة بوضح النهار. موكب آخر يطلق الرصاص على سيارة توقفت في منطقة الضبية. مسلّحون تابعون لنائب شمالي ينهالون ضرباً على مواطن عرقل موكبهم.
الشعب اللبناني يرزح تحت منظومة قوامها رجال الأعمال والمصارف، المتحالفون مع ساسته. بعدهم يأتي القضاء الذي يشكّل المخرج المثالي لهم في كلّ ورطة، مثل ورطة طارق يتيم. القضاة في لبنان جزء من ذاك المجتمع، هم على موائدهم في سهراتهم الصاخبة. منظومة ثلاثية قاتلة. منظومة نهشت جسد مرافق البلد، بتغطية من أحزاب السلطة، قبل أن تتحوّل إلى قاتل حقيقي .
اقرأ أيضاً: قصة أصغر قاتلَين في تاريخ أميركا...سيفرج عن أحدهما اليوم
النظام اللبناني بمنظومة السياسيين ورجال الأعمال والقضاء بدأ بنهش شعبه. منظومة تتوارى خلف الشاشات كمحرّضة للطوائف على بعضها بعضاً، ثم تطلق العنان لقاتليها المأجورين، حين يعترض مواطن واحد مواكبها السيارة أو مصالحها أو أزلامها.
هي حكاية "زلمة فلان"، في لبنان.