19 سبتمبر 2019
عن أولويات حماس
عماد عفانة (فلسطين)
عشر سنوات مرت ما بين إحكام حركة حماس سيطرتها على قطاع غزة في 2007، كردة فعل مبرمجة بعد استدراجها إلى مربع الدم، وآخر دورة انتخابية تنظيمية في يونيو/ حزيران 2017.
عشر سنوات وحماس في مشهد الحكم شهدت فيها تغيرات سلبية في قسمات سلوكها، وفي تجاعيد طلّتها، انعكس جلياً على انتخاباتها التي نالت من نزاهتها المعهودة، ما شكل طعنة نجلاء لمنظومتها القيمية التي ربّت عليها أبناءها عشرات السنين.
لم تفز "حماس" في انتخابات 2006، إلا لمّا رأى الناس من طهارتها الحركية في مقابل مستنقع الفساد الذي غرقت فيه السلطة، ولكن على ما يبدو أن عشر سنوات فقط كانت كفيلة وبتخطيط محكم من أعدائها بتلويث شرفها، بعدما علق فيها كل وصولي باحث عن الفرصة والمصلحة والمغانم.
مثلت الممارسات الخاطئة لهذه العوالق، الذين باتوا يتصدّرون المشهد على حساب ذوي الوجوه التاريخية، والطهارة الحركية، مثلت قدوة سيئة لكثير من أبناء حماس الذين انزلقوا في هذا المستنقع رويداً رويداً، في أجواء غلب عليها التستر والتبرير.
البراعة في الخطابة وامتلاك ناصية الكلام، أو البراعة في نسج خيوط العلاقات العامة في محيطك كقائد أو مسؤول قد تنجح في تكثير المناصرين المنتفعين من حولك، لكنها أبداً لن تفلح في حل مشاكل الوطن والمواطن في ظل احتباس سياسي، خاصة إذا سيطر ذوو الأسوة والقدوة السيئة على قيادة الدفة الميدانية.
لا يكفي أن تكون شخصية القائد تمتاز بكاريزما عالية، وله تقدير كبير في الأوساط الإسلامية داخل الوطن وخارجه، كي تكون له بصمة وأثر في الفهم وحيوية الأداء في تنظيمه، اللهم إلا إذا نجح في ترجمة هذه المميزات إلى برامج عمل ومدونات سلوكية ملزمة تحكم العمل الوطني العام، فضلاً عن العمل التنظيمي الخاص.
تحقيق نقلة في مشروع المقاومة يختصر علينا طريق التحرير، لا يكون بالسير على خطى الفاشلين من الفصائل والقوى التاريخية السابقة. ولا يمكن أن يكون كذلك عبر تحويل "حماس" وجناحها العسكري إلى امتداد لكيانات وجيوش دول أخرى ذات توظيف سياسي وأحلام توسعية، بل عبر توظيف هذه العلاقة لخدمة أولوياتنا الفلسطينية بالتحرير والعودة.
يتطلع الفلسطينيون إلى قيادة تتحمل تبعة من تقود، عبر الإفلاح في إبداع مخارج إذا لم يكن عبر إنهاء الانقسام فعبر تخطيه لينحصر في طبقة المنتفعين المنبوذين شعبياً ووطنياً.
بناء الوحدة الوطنية يستدعي القفز عن صخرة الانقسام لصالح إعادة تعريف المشروع الوطني الفلسطيني، وإعادة بنائه، وخاصة أن لدينا ملايين الطاقات الحرّة في شعبنا المنتشر على امتداد بقعة العالم، وهم أكبر من أي تنظيم، وأعظم من أي قيادة تقبع تحت بساطير عدوّها.
صناعة نقلة كبرى في مشروع المقاومة والمواجهة مع الاحتلال على طريق التحرير، يتطلب التحرر من تركيز أغلب العلاقات مع الأنظمة لصالح توسيعها مع الشعوب، ولكن بشكل أكثر تنظيماً وحيوية لجهة تجنيد الجهود والطاقات، ليصب في جهد التحرير، فضلاً عن فتح علاقات موسعة مع الدول المتقدمة في جنوب شرق آسيا، ودول أميركا اللاتينية.
الملفات التي تشكل أولوية على أجندة حماس باتت معلومة، كما عبَّر عنها رئيسها إسماعيل هنية مؤخراً، وهي: التصدي لصفقة القرن، والتمسّك بالحقوق والثوابت غير القابلة للتصرف، أو التنازل، أو التفريط، وحماية القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية، وعودة اللاجئين والنازحين. تحرير الأسرى، الذي تمتلك حماس فيه أوراقاً قوية تحرص على عدم إفلاتها من يدها يتمثل بعدد من جنود الاحتلال الأسرى لديها منذ عدوان 2014. العمل على استعادة الوحدة الوطنية، وإنهاء الانقسام، وتحقيق المصالحة على أساس الاتفاقات الموقّعة، ومبدأ الشراكة بين كل المكوّنات الفلسطينية. العمل من أجل حماية مشروع المقاومة الفلسطينية بكل أشكالها، الشعبية، المسلّحة، الدبلوماسية، الإعلامية، في الداخل والخارج. تعزيز علاقاتنا بالمحيط العربي والإسلامي، ففلسطين هي قضية العرب والمسلمين وأحرار العالم، والانفتاح على كل مكونات المجتمع الدولي رسميًا وشعبيًا، ورفض الصفقات المشبوهة.
ومن الأولويات كذلك انفتاح حماس على صفها الداخلي، وعلى جيل الشباب الذي يمثل أغلبية فيها، وأن يأخذ الآلاف من الشباب الذين خرّجتهم حماس في معاهد السياسة والإدارة دورهم بالمشاركة في تجديد الفكر السياسي، ليواكب المستجدات التي تترى كموج البحر، على قاعدة الأصول والثوابت، بما يشرع الأبواب أمام مئات الآلاف من الفلسطينيين المنتشرين على امتداد بقعة العالم، ليؤدوا دوراً مركزياً في استعادة القضية الفلسطينية لأولويتها عند الأمة وأحرار العالم، عبر إحداث اختراقات مؤثرة على المستوى الدولي إعلامياً، بحجز مقعد متقدم على منصات التواصل الاجتماعي، وقانونياً بملاحقات واسعة لجرائم الاحتلال، وجمع ذلك كله من بوابة الاقتصاد، عبر توسيع سياسة المقاطعة ودعم أنشطة حركة المقاطعة الدولية لإسرائيل بشكل كبير.
وبالتوازي مع ذلك، يقع عبء تاريخي على قيادة "حماس"، وهو استعادة الثقة بين الحركة والشعب، ومحاربة الفساد بأشكاله كافة، كأقصر الطرق وأكثرها فاعلية لكسب معركة قلوب وعقول الشعب الفلسطيني، لضمان التفاف أكثر قوة حول الحركة، ما سيشكل رافعة لها لمقاومة كل الهجمات والمؤامرات التي تستهدفها.
قاعدة حماس، كما الشارع الفلسطيني، متعطشة لمثل هذه القرارات، ويتطلعون لرؤية قيادة تتقاسم معهم الهم، لا أن تحتفظ بامتيازاتها المالية والبروتوكولية، بينما تطالب الشعب المحاصر 12 سنة بالصمود في وجه الضغوط الخارجية.
القيادة مع الشعب جنباً إلى جنب يمكنهما خوض أي مواجهة، وإلا فستكتشف القيادة بعد فوات الأوان أنها تخلت عن الطرف الأقوى في المعادلة، وهو حاضنتها الشعبية التي تريد أن ترى إصلاحاً حقيقياً واجتثاثاً للفساد بأشكاله المختلفة.
لم تفز "حماس" في انتخابات 2006، إلا لمّا رأى الناس من طهارتها الحركية في مقابل مستنقع الفساد الذي غرقت فيه السلطة، ولكن على ما يبدو أن عشر سنوات فقط كانت كفيلة وبتخطيط محكم من أعدائها بتلويث شرفها، بعدما علق فيها كل وصولي باحث عن الفرصة والمصلحة والمغانم.
مثلت الممارسات الخاطئة لهذه العوالق، الذين باتوا يتصدّرون المشهد على حساب ذوي الوجوه التاريخية، والطهارة الحركية، مثلت قدوة سيئة لكثير من أبناء حماس الذين انزلقوا في هذا المستنقع رويداً رويداً، في أجواء غلب عليها التستر والتبرير.
البراعة في الخطابة وامتلاك ناصية الكلام، أو البراعة في نسج خيوط العلاقات العامة في محيطك كقائد أو مسؤول قد تنجح في تكثير المناصرين المنتفعين من حولك، لكنها أبداً لن تفلح في حل مشاكل الوطن والمواطن في ظل احتباس سياسي، خاصة إذا سيطر ذوو الأسوة والقدوة السيئة على قيادة الدفة الميدانية.
لا يكفي أن تكون شخصية القائد تمتاز بكاريزما عالية، وله تقدير كبير في الأوساط الإسلامية داخل الوطن وخارجه، كي تكون له بصمة وأثر في الفهم وحيوية الأداء في تنظيمه، اللهم إلا إذا نجح في ترجمة هذه المميزات إلى برامج عمل ومدونات سلوكية ملزمة تحكم العمل الوطني العام، فضلاً عن العمل التنظيمي الخاص.
تحقيق نقلة في مشروع المقاومة يختصر علينا طريق التحرير، لا يكون بالسير على خطى الفاشلين من الفصائل والقوى التاريخية السابقة. ولا يمكن أن يكون كذلك عبر تحويل "حماس" وجناحها العسكري إلى امتداد لكيانات وجيوش دول أخرى ذات توظيف سياسي وأحلام توسعية، بل عبر توظيف هذه العلاقة لخدمة أولوياتنا الفلسطينية بالتحرير والعودة.
يتطلع الفلسطينيون إلى قيادة تتحمل تبعة من تقود، عبر الإفلاح في إبداع مخارج إذا لم يكن عبر إنهاء الانقسام فعبر تخطيه لينحصر في طبقة المنتفعين المنبوذين شعبياً ووطنياً.
بناء الوحدة الوطنية يستدعي القفز عن صخرة الانقسام لصالح إعادة تعريف المشروع الوطني الفلسطيني، وإعادة بنائه، وخاصة أن لدينا ملايين الطاقات الحرّة في شعبنا المنتشر على امتداد بقعة العالم، وهم أكبر من أي تنظيم، وأعظم من أي قيادة تقبع تحت بساطير عدوّها.
صناعة نقلة كبرى في مشروع المقاومة والمواجهة مع الاحتلال على طريق التحرير، يتطلب التحرر من تركيز أغلب العلاقات مع الأنظمة لصالح توسيعها مع الشعوب، ولكن بشكل أكثر تنظيماً وحيوية لجهة تجنيد الجهود والطاقات، ليصب في جهد التحرير، فضلاً عن فتح علاقات موسعة مع الدول المتقدمة في جنوب شرق آسيا، ودول أميركا اللاتينية.
الملفات التي تشكل أولوية على أجندة حماس باتت معلومة، كما عبَّر عنها رئيسها إسماعيل هنية مؤخراً، وهي: التصدي لصفقة القرن، والتمسّك بالحقوق والثوابت غير القابلة للتصرف، أو التنازل، أو التفريط، وحماية القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية، وعودة اللاجئين والنازحين. تحرير الأسرى، الذي تمتلك حماس فيه أوراقاً قوية تحرص على عدم إفلاتها من يدها يتمثل بعدد من جنود الاحتلال الأسرى لديها منذ عدوان 2014. العمل على استعادة الوحدة الوطنية، وإنهاء الانقسام، وتحقيق المصالحة على أساس الاتفاقات الموقّعة، ومبدأ الشراكة بين كل المكوّنات الفلسطينية. العمل من أجل حماية مشروع المقاومة الفلسطينية بكل أشكالها، الشعبية، المسلّحة، الدبلوماسية، الإعلامية، في الداخل والخارج. تعزيز علاقاتنا بالمحيط العربي والإسلامي، ففلسطين هي قضية العرب والمسلمين وأحرار العالم، والانفتاح على كل مكونات المجتمع الدولي رسميًا وشعبيًا، ورفض الصفقات المشبوهة.
ومن الأولويات كذلك انفتاح حماس على صفها الداخلي، وعلى جيل الشباب الذي يمثل أغلبية فيها، وأن يأخذ الآلاف من الشباب الذين خرّجتهم حماس في معاهد السياسة والإدارة دورهم بالمشاركة في تجديد الفكر السياسي، ليواكب المستجدات التي تترى كموج البحر، على قاعدة الأصول والثوابت، بما يشرع الأبواب أمام مئات الآلاف من الفلسطينيين المنتشرين على امتداد بقعة العالم، ليؤدوا دوراً مركزياً في استعادة القضية الفلسطينية لأولويتها عند الأمة وأحرار العالم، عبر إحداث اختراقات مؤثرة على المستوى الدولي إعلامياً، بحجز مقعد متقدم على منصات التواصل الاجتماعي، وقانونياً بملاحقات واسعة لجرائم الاحتلال، وجمع ذلك كله من بوابة الاقتصاد، عبر توسيع سياسة المقاطعة ودعم أنشطة حركة المقاطعة الدولية لإسرائيل بشكل كبير.
وبالتوازي مع ذلك، يقع عبء تاريخي على قيادة "حماس"، وهو استعادة الثقة بين الحركة والشعب، ومحاربة الفساد بأشكاله كافة، كأقصر الطرق وأكثرها فاعلية لكسب معركة قلوب وعقول الشعب الفلسطيني، لضمان التفاف أكثر قوة حول الحركة، ما سيشكل رافعة لها لمقاومة كل الهجمات والمؤامرات التي تستهدفها.
قاعدة حماس، كما الشارع الفلسطيني، متعطشة لمثل هذه القرارات، ويتطلعون لرؤية قيادة تتقاسم معهم الهم، لا أن تحتفظ بامتيازاتها المالية والبروتوكولية، بينما تطالب الشعب المحاصر 12 سنة بالصمود في وجه الضغوط الخارجية.
القيادة مع الشعب جنباً إلى جنب يمكنهما خوض أي مواجهة، وإلا فستكتشف القيادة بعد فوات الأوان أنها تخلت عن الطرف الأقوى في المعادلة، وهو حاضنتها الشعبية التي تريد أن ترى إصلاحاً حقيقياً واجتثاثاً للفساد بأشكاله المختلفة.