عن الإرهاب ومحمد فائق و"الوفد"
يختلف مفهوم الإرهاب لدى الحكومات، تبعاً لاتجاهاتها ومصالحها، فالحكومات الرأسمالية تري الشيوعية إرهاباً، والاحتلال يرى المقاومة إرهاباً، أما الحكومات الاستبدادية فترى الدعوة إلى الديمقراطية إرهاباً، النظم الفاشية لا تعترف إلا بمعارضة مستأنسة، تتلقي أوامرها منها أساساً، أما المعارضة الحقيقية فنصيبها الحظر والمنع، حظر كيانات ومنع ساسة وكتاب والتضييق عليهم.
اختلت معايير الإرهاب في مصر، جميعنا نتفق على إرهاب وإجرام من فَجَّرَ وقَتَلَ طلبة الكلية الحربية، لكن عمليات الاعتقال والقتل والتعذيب صارت تحسب أعمالاً بطولية عند كثيرين، فنحن للأسف أصبحنا بحاجة إلى التذكير بأن اختطاف الأبرياء قسريا وقتلهم خارج إطار القانون يُصنف قطعاً إرهاباً، ولو كانت سيارات الاختطاف حكومية وسلاح القتل ميري.
قمع التظاهرات، اعتقال النشطاء والساسة يجعلك إرهابياً، ولو صورك الإعلام بطلاً، إهانة وتعذيب الأبرياء سيجعلك إرهابياً، ولو كان التعذيب داخل قسم شرطة.
الأفعال الإجرامية التي يواجهها المواطنون على أيدي البلطجية وقطاع الطرق لن تكون مشروعة، لو تمت على أيدي أمناء الشرطة في الكمائن. والإتاوات التي يفرضها البلطجية على سيارات الأجرة لن تصبح تبرعات، إن فرضها ضباط المرور.
تضييق الأجهزة الأمنية على الصحافة والاعلام ومنعها من أداء أعمالها يُصنف قمعاً وفاشيةً، أما اقتحام منازل الصحفيين فجراً واختطافهم بسبب آرائهم وأقلامهم فيجعلك إرهابياً، ولو كان النظام القضائي سيوفر لك غِطاءً قانونياً، وسيتعاون في تلفيق قضايا على مقاس من تعتقلهم لتأمين موقفك القانوني.
ماذا لو اقتحمت مجموعة تابعة لجماعة ما منزل صحفي معارض للجماعة واعتدت عليه واختطفته بسبب عدائه للجماعة؟ هل سيدافع عاقل عن وصفهم إرهابيين في هذه الحالة؟ هل يتغير الأمر ان استبدلنا المشهد السابق بمجموعة حكومية، ترتدي بِزاتٍ شُرَطِيَة، تقتحم منزل الصحفي أحمد القاعود المعارض للنظام القائم وتعتدي عليه أمام أسرته وتختطفه؟ هل كون السلطة ستتصدى للحالة الأولي وتواجهها، بينما ستوفر الحماية والإطار القانوني للحالة الثانية يجعل المجموعة الأولى إرهابية والثانية وطنية.
الفارق الوحيد أن الأولى ستكون إرهابية محظورة وستكون الثانية إرهابية برخصة.
(2)
محمد فايق رئيس مجلس السيسي لحقوق الإنسان يتحدث في حوار مع "اليوم السابع" عن وجود حالات من التعذيب والانتهاكات التي يتعرض لها بعض السجناء، متحدثاً عن كونها فردية وليست ممنهجة. وينهي حواره مؤكداً أن المجلس قرر رفع تقرير رسمي عن تلك الانتهاكات والتجاوزات إلى وزير الداخلية، اللواء مجدي عبد الغفار.
محمد فايق مثله رجلٍ غَضَبَ من تنظيم عصابي سرقه، فذهب يشكوهم لزعيم التنظيم.
(3)
تحدث حزب الوفد في فبراير/شباط الماضي عن اجتماعٍ هيئته العليا لبحث مقاطعة انتخابات مجلس النواب، بسبب تدخلات الأمن في اختيار الأسماء المرشحة ونسب الأحزاب في القوائم، واتهمت قياداته قائمة "في حب مصر" بأنها قائمة أمنية.
انتهي اجتماع الهيئة العليا بقرار انضمام "الوفد" إلى قائمة "في حب مصر"، والتي وصفوها بالأمنية، ليعود رئيس الحزب، السيد البدوي، في الأيام الأخيرة، وفيما يبدو بعد فشل الاتفاقات الداخلية، ليكرر تصريحات إن القائمة أمنية في المقام الأول، وأنها خطفت مرشحي تحالف الوفد المصري تباعاً، حتى هددت بانهياره، ما اضطره للانضمام إليها، وفيما يظهر فإن الوفد سينسحب، أو سيُطرَد من القائمة في الأيام القليلة المقبلة.