06 نوفمبر 2024
عن العطش الأميركي إلى النفط
لا نهاية للعطش الأميركي إلى النفط. النفط واحد من أمرين يخوض الأميركيون الحرب من أجلهما، كما قال مرة ملك الأردن الراحل الحسين. الأمر الثاني أمن إسرائيل. وفي ظل الحروب الأميركية، تطارد لعنة النفط البلدان التي تمتلك من الاحتياطي النفطي العالمي ما يسيل له اللعاب. أفادني دبلوماسي خليجي أن لعنة النفط هذه جعلت القرار السيادي في بلاده مرهوناً بالإرادة الأميركية، كما أوجد لها مشكلاتٍ كبيرة وكثيرة، تداخلت فيها إرادات بلدان وشركات، وحتى أفراد، شغلهم الشاغل النفط الذي يراه كثيرون من نعم الله اختص بها بقاعاً معينة في هذا العالم، فيما يعده آخرون نقمةً لها آثارها السلبية، وتبعاتها التي من بعضها حروب ومؤامرات وصفقات مريبة، توقع أن تظل هذه اللعنة تطارد بلاده إلى أن تنفد آخر بئر نفطية فيها.
رأينا مثل ذلك حال العراق الذي يعتبر من البلدان الخمسة الأولى التي تمتلك النسبة الأعلى في احتياطيات النفط المؤكدة. لذلك حلّت به لعنة النفط، منذ تم اكتشاف أول حقل نفطي لديه في مدينة كركوك الشمالية قبل قرن، ومروراً بتصنيف احتياطه النفطي المقدر بـ 12%، وقد ظل أسيراً للرؤية الأميركية - الغربية حتى في الفترات التي قدّر له فيها أن يتحرّر من سيطرة الشركات التي كانت تتحكّم في التعامل مع نفطه وضغوطها، على النحو الذي تريده، وعندما أمّم نفطه قبل نصف قرن شعرت واشنطن بالخطر، فوضعت خططها لمواجهته. وفي نهاية المطاف، عمدت إلى غزوه واحتلاله، وتنصيب حكومة خاضعة لها هناك.
نرى أيضاً مثل ذلك حال فنزويلا اليوم، الجنة الأرضية، كما وصفها كولومبوس، وإحدى الدول الرئيسة التي تعوم على بحيرات نفط، (ثلاثمئة مليار برميل، ما يعادل ربع الاحتياطي العالمي المؤكّد). لاحقتها أميركا منذ بدايات القرن الجديد، إذ أرادتها طرفاً في هلالٍ يضمها إلى جانب كندا والمكسيك، لسد حاجتها من النفط، خصوصاً بعد بروز مخاوف من احتمال
تعرّض منطقة الشرق الأوسط إلى هزات غير محسوبة، تجعل وصول نفطه إلى الأميركيين صعباً، وهو ما حدث، إذ توقف إنتاج النفط الليبي، وتعثر إنتاج النفط في إيران بسبب العقوبات، وتعرّض الوضع في العراق إلى سلسلة من الصراعات والتداخلات بين قادته الجدد، وتأرجحت علاقتهم بين الولايات المتحدة والدولة الخصم إيران، ما أثر سلباً على خطط الإدارة النفطية الجديدة هناك.
وإذ لم تفصح الإدارات الأميركية المتعاقبة علناً عن سعيها إلى السيطرة الكاملة على نفط فنزويلا (تحصل واشنطن على ما يقرب من ثلث إنتاج النفط الفنزويلي، بما يشكل 7% من وارداتها النفطية)، إلا أن الفكرة ظلت مطروحة في الأروقة المعنية، وهو ما ألمح إليه في حينه جيمس بيكر، وزير الخارجية في عهد الرئيس بوش الأب، في اجتماع لمجلس العلاقات الخارجية، بإعلانه أن الإدارة تفكر في وسائل ضغط لمساعدة القادة السياسيين في المكسيك، وأقطار أميركا اللاتينية الأخرى الذين يؤيّدون فتح قطاع الطاقة أمام الاستثمار الأجنبي، الأميركي خصوصاً، ووردت إشارة صريحة إلى فنزويلا بهذا المعنى في توصية للجنة تطوير سياسات الطاقة.
هكذا تم وضع هدف السيطرة على النفط الفنزويلي على أجندة واشنطن على نحو مبرمج. ومع أن كراكاس واصلت تلبية حاجة واشنطن من نفطها، إلا أن الإدارات الأميركية المتعاقبة لم تكن ترضى بأقل من السيطرة الكاملة على النفط، استخراجاً وإنتاجاً وتسويقاً، ولم تكفّ عن استغلال أية فرصةٍ لتحقيق هدفها الذي تحوّل إلى سياسةٍ معلنةٍ لإدارة الرئيس دونالد ترامب، في ظل التنافس الدولي على أسواق الطاقة والخوف من أن تستأثر الصين بالنفط الفنزويلي، إثر تنامي علاقاتها التجارية مع فنزويلا، وكذلك دخول روسيا على الخط، واتفاقها مع كراكاس على الاستثمار في القطاع النفطي. كل هذا دفع الأميركيين إلى العمل على إطاحة نظام الرئيس مادورو، والغرض هو تطمين العطش الأميركي إلى النفط الذي يستوجب، من وجهة النظر الأميركية، أن يكون حكام الأقطار النفطية خاضعين لإرادة واشنطن وتوجهاتها، هذه التوجهات وثقها أيان رتليدج في كتابه الثري "العطش إلى النفط"، (ترجمه إلى العربية مازن الجندلي)، ضم وقائع وحكايات عما تفعله بعالم النفط "إمبراطورية اليانكي"، بحسب ما كان يحلو للرئيس الفنزويلي الراحل، هوغو تشافيز، أن يسمّيها.
نرى أيضاً مثل ذلك حال فنزويلا اليوم، الجنة الأرضية، كما وصفها كولومبوس، وإحدى الدول الرئيسة التي تعوم على بحيرات نفط، (ثلاثمئة مليار برميل، ما يعادل ربع الاحتياطي العالمي المؤكّد). لاحقتها أميركا منذ بدايات القرن الجديد، إذ أرادتها طرفاً في هلالٍ يضمها إلى جانب كندا والمكسيك، لسد حاجتها من النفط، خصوصاً بعد بروز مخاوف من احتمال
وإذ لم تفصح الإدارات الأميركية المتعاقبة علناً عن سعيها إلى السيطرة الكاملة على نفط فنزويلا (تحصل واشنطن على ما يقرب من ثلث إنتاج النفط الفنزويلي، بما يشكل 7% من وارداتها النفطية)، إلا أن الفكرة ظلت مطروحة في الأروقة المعنية، وهو ما ألمح إليه في حينه جيمس بيكر، وزير الخارجية في عهد الرئيس بوش الأب، في اجتماع لمجلس العلاقات الخارجية، بإعلانه أن الإدارة تفكر في وسائل ضغط لمساعدة القادة السياسيين في المكسيك، وأقطار أميركا اللاتينية الأخرى الذين يؤيّدون فتح قطاع الطاقة أمام الاستثمار الأجنبي، الأميركي خصوصاً، ووردت إشارة صريحة إلى فنزويلا بهذا المعنى في توصية للجنة تطوير سياسات الطاقة.
هكذا تم وضع هدف السيطرة على النفط الفنزويلي على أجندة واشنطن على نحو مبرمج. ومع أن كراكاس واصلت تلبية حاجة واشنطن من نفطها، إلا أن الإدارات الأميركية المتعاقبة لم تكن ترضى بأقل من السيطرة الكاملة على النفط، استخراجاً وإنتاجاً وتسويقاً، ولم تكفّ عن استغلال أية فرصةٍ لتحقيق هدفها الذي تحوّل إلى سياسةٍ معلنةٍ لإدارة الرئيس دونالد ترامب، في ظل التنافس الدولي على أسواق الطاقة والخوف من أن تستأثر الصين بالنفط الفنزويلي، إثر تنامي علاقاتها التجارية مع فنزويلا، وكذلك دخول روسيا على الخط، واتفاقها مع كراكاس على الاستثمار في القطاع النفطي. كل هذا دفع الأميركيين إلى العمل على إطاحة نظام الرئيس مادورو، والغرض هو تطمين العطش الأميركي إلى النفط الذي يستوجب، من وجهة النظر الأميركية، أن يكون حكام الأقطار النفطية خاضعين لإرادة واشنطن وتوجهاتها، هذه التوجهات وثقها أيان رتليدج في كتابه الثري "العطش إلى النفط"، (ترجمه إلى العربية مازن الجندلي)، ضم وقائع وحكايات عما تفعله بعالم النفط "إمبراطورية اليانكي"، بحسب ما كان يحلو للرئيس الفنزويلي الراحل، هوغو تشافيز، أن يسمّيها.