شكّل يوم الثّلاثين من آذار/ مارس عام 1976، حدثاً محورياً في الصّراع على الأرض بين الفلسطينيّين والصهاينة. إذ قامت خلاله السلطات الإسرائيليّة بمصادرة آلاف الدونمات من الأراضي العربيّة بهدف "تهويد الجليل"، وكانت المصادرة من أراضي كلّ من: عرابة، سخنين، دير حنا، عرب السّواعد، طرعان، طمرة وغيرها في منطقة الجليل التي احتلت عام 1948 وجرى تخصيصها للمستوطنات الصهيونيّة، عدا عن مصادرة أكثر من مليون دونم من أراضي القرى العربيّة في الجليل والمثلّث، وملايين الدونمات الأخرى التي استولت عليها خلال الأعوام ما بين 1948 ـ 1972.
وعقب هذا المُخطّط العنصري، عقدت لجنة الدّفاع عن الأراضي بتاريخ 1/2/1976، اجتماعاً لها في النّاصرة بالاشتراك مع اللجنة القطرية لرؤساء المجالس العربيّة. وعليه جرى إعلان الإضراب العام الشامل في 30 مارس احتجاجاً على المصادرة، كما الخروج في تظاهرات.
وكان الردّ الإسرائيلي، بطبيعة الحال، دموياً كعادته، إذ اجتاحت قوّاته مدعومة بالدبّابات القرى الفلسطينيّة والبلدات العربية وأخذت تطلق النّار بشكل عشوائيّ. حينها سقط الشّهيد الأوّل خير ياسين، من قرية عرابة، ما جعله شرارة فجّرت الجماهير وأطلقتها إلى الاحتجاجات صبيحة اليوم التالي من استشهاده، 30 مارس، ليسقط يومها كلّ من: خضر خلايلة، وخديجة شواهنة، ورجا أبو ربا، من سخنين، ومحسن طه، من كفر كنا، ورأفت الزهيري، من قرية عين شمس، بالإضافة إلى عشرات الجرحى. وقد جرت إضرابات تضامنيّة أيضاً في وقت واحد في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة، وفي معظم مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
ومنذ عام 1976 وحتّى يومنا هذا، لا يزال الفلسطينيّون يحيون ذكرى يوم الأرض عبر البقاء في أرضهم والخروج في تظاهرات ضدّ قوّات الاحتلال. ولكن، وللأسف الشّديد، بات من الملاحظ أنّ أحداثاً كثيرة من تلك التي مرّت وتمرّ على فلسطين بشكل عام قد انتزعت قدسية هذا الحدث وما فعل الاحتلال يومها. فبينما ينشغل قطاع غزّة بأزماته الداخليّة ومحاولة النّهوض بعد ما حلّ به من ضربات رمت به إلى القاع، إلى جانب الضفّة الغربيّة وما تُعانيه من سياسات الاحتلال والسلطة الفلسطينيّة، يتساءل فلسطينيّو الدّاخل المحتلّ خلال هذا العام تحديداً، بعد أن نجحوا في بناء وحدتهم الانتخابية أمام الأحزاب الصهيونية، عن حال بقية أبناء شعبهم في ظل الانقسام بين حركتي فتح وحماس.
وهنا، لا يمكن إغفال ما يعانيه الفلسطيني في الدّاخل المحتلّ عام 1948 من تمييز وقهر وإخضاع، هذا كلّه لا يجعل قوّة الاحتلال تُمارس القهر والإخضاع عليهم بموجب السيادة على الأرض فقط، بل على الحياة أيضاً، إذ تُعرّي حيواتهم، وتحاول جعلهم ذاتاً خاضعةً للقهر بكل ما أتيح من طرق.
(فلسطين)