01 نوفمبر 2024
عن سعودي وسعودية
ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي، الأسبوع الماضي، بقضية الشابة السعودية، خلود اليافعي، والتي تجولت في مدينة أشيقر الأثرية السعودية، مرتدية زياً تراه السلطات في السعودية مخالفاً "العادات والتقاليد"، على الرغم من أنه بالمطلق لباس معتاد في دول عربية عديدة، وحتى الخليجية. ما ارتدته الفتاة التي ترى نفسها عارضة أزياء لم يكن أكثر من تنورة قصيرة بعض الشيء، وقميص غير فاضح، ربما في إطار الحرية الشخصية المفترض أن تكون مكفولة لجميع مواطني العالم. واللافت أن الفتاة لم تخرج في منطقةٍ مزدحمة بالبشر، ليكون الأمر بمثابة "خدش الحياء العام"، أو تحدّي العادات والتقاليد، بل عمدت إلى تصوير مقطع الفيديو في منطقة فارغة تماماً، وهو ما كان يمكن أن تفعله في أي دولة أوروبية، أو عربية، من دون إثارة كل هذه الضجة، فالمشكل بالنسبة للسلطات والناشطين في المملكة أنها صوّرت مقطعها في السعودية، وهو ما يستوجب المحاكمة. وبالفعل، لم تقصر السلطات السعودية أمام هذا "الخرق الأمني الخطير"، وتمكّنت من القبض على الفتاة وإحالتها إلى النيابة العامة، قبل أن تطلق سراحها لاحقاً، ويتم إغلاق القضية التي أثارت ردود الأفعال دولية عديدة من المنظمات الحقوقية، وفي مقدمتها هيومان رايتس ووتش.
لكن اللافت أن تعاطي السلطات الأمنية السعودية مع اليافعي لم يعجب ناشطين سعوديين كثيرين على مواقع التواصل الاجتماعي، أصرّوا على ضرورة معاقبة الفتاة لتكون "عبرة" لغيرها، وخصوصاً بعدما أثار اعتقالها حملة تضامن بين فتيات سعوديات عديدات، اعتبرن أنها مارست حقها في الحرية الشخصية. ولفتت الناشطات إلى أن الفتاة لو لم تكن سعودية لكانت أثارت موجة من حملات الإعجاب بين الناشطين السعوديين الذين كانوا سيتسابقون إلى كيل عبارات المديح لها، غير أن المشكلة الأساس أنها سعودية.
تفتح هذه اللفتة الباب أمام مفارقة حدثت قبل أسبوعين أيضاً، حين انتشرت صور الملياردير السعودي، حسن جميل، مع المغنية العالمية ريحانا. وإذا أردنا تطبيق معايير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر السعودية على الصور التي تم تداولها، فإن جميل فعل أكثر من تحدّي العادات والتقاليد السعودية، ويستحق أيضا الملاحقة الأمنية، عملا بمبادئ المساواة والمعاملة بالمثل مع خلود اليافعي، على الرغم من أن هناك فرقاً شاسعاً بين ما نشرته الأخيرة وصور حسن جميل وريحانا، غير أن الأمر لم يكن كذلك، بل على العكس تماماً، إذ عمد الناشطون السعوديون الذين انتفضوا دفاعاً عن العادات والتقاليد في مسألة اليافعي إلى ما يشبه الإشادة بـ "الإنجاز" الذي حققه جميل، خصوصاً أنه تمكّن من الإيقاع بنجمةٍ عالمية. حتى وسائل الإعلام السعودية التي تلقفت الخبر لم تلتفت إلى العادات والتقاليد، بل سارعت إلى فتح باب التكهنات حول العلاقة بين الشابين واستعراض تاريخ "الغزوات" العربية ضد النجمات العالميات.
بين فيديو خلود اليافعي وصور حسن جميل هناك فرق أساسي، لا يقتصر على السعودية، بل هو صفة عامة في معظم المجتمعات العربية، فما يحقّ للشاب لا يطبق على الفتاة، وما يعتبر إنجازاً بالنسبة إلى الرجل يمكن أن يكون انتهاكاً للكرامة بالنسبة إلى المرأة. وحالتا خلود اليافعي وحسن جميل ليستا إلا نموذجا لحالاتٍ كثيرةٍ مكبوتةٍ، تستعر في المجتمعات العربية، وتؤدي، في أحيانٍ كثيرة، إلى جرائم قتل تحت ستار "الشرف"، وهو ستار مطاط لا يطبق إلا على الفتيات، وفق معايير خاضعة لمزاجية "أولياء الأمر" وازدواجية معاييرهم.
تفتح هذه اللفتة الباب أمام مفارقة حدثت قبل أسبوعين أيضاً، حين انتشرت صور الملياردير السعودي، حسن جميل، مع المغنية العالمية ريحانا. وإذا أردنا تطبيق معايير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر السعودية على الصور التي تم تداولها، فإن جميل فعل أكثر من تحدّي العادات والتقاليد السعودية، ويستحق أيضا الملاحقة الأمنية، عملا بمبادئ المساواة والمعاملة بالمثل مع خلود اليافعي، على الرغم من أن هناك فرقاً شاسعاً بين ما نشرته الأخيرة وصور حسن جميل وريحانا، غير أن الأمر لم يكن كذلك، بل على العكس تماماً، إذ عمد الناشطون السعوديون الذين انتفضوا دفاعاً عن العادات والتقاليد في مسألة اليافعي إلى ما يشبه الإشادة بـ "الإنجاز" الذي حققه جميل، خصوصاً أنه تمكّن من الإيقاع بنجمةٍ عالمية. حتى وسائل الإعلام السعودية التي تلقفت الخبر لم تلتفت إلى العادات والتقاليد، بل سارعت إلى فتح باب التكهنات حول العلاقة بين الشابين واستعراض تاريخ "الغزوات" العربية ضد النجمات العالميات.
بين فيديو خلود اليافعي وصور حسن جميل هناك فرق أساسي، لا يقتصر على السعودية، بل هو صفة عامة في معظم المجتمعات العربية، فما يحقّ للشاب لا يطبق على الفتاة، وما يعتبر إنجازاً بالنسبة إلى الرجل يمكن أن يكون انتهاكاً للكرامة بالنسبة إلى المرأة. وحالتا خلود اليافعي وحسن جميل ليستا إلا نموذجا لحالاتٍ كثيرةٍ مكبوتةٍ، تستعر في المجتمعات العربية، وتؤدي، في أحيانٍ كثيرة، إلى جرائم قتل تحت ستار "الشرف"، وهو ستار مطاط لا يطبق إلا على الفتيات، وفق معايير خاضعة لمزاجية "أولياء الأمر" وازدواجية معاييرهم.