17 نوفمبر 2024
عن نساء ليبيات
انتصار الحصائري، عضو في حركة تنوير الثقافية والاجتماعية، وشاركت في مظاهرات ضد المليشيات (وجدت مقتولة رمياً بالرصاص في صندوق سيارتها). نصيب ميلود كرفانة، صحافية تم ذبحها في مدينة سبها. الناشطة الحقوقية، سلوى بوقعيقيص، تم اغتيالها في منزلها في بنغازي. فريحة البركاوي، عضو مستقيل من برلمان "المؤتمر الوطني" اغتيلت في سيارتها. سارة الديب ناشطة حقوقية، أردتها خمس رصاصات.
هذه أسماء لنساء ليبيات، قررت أطراف مجهولة، أو معلومة، أن تسكتهن إلى الأبد، بحجة أنهن تجاوزن حدودهن، وأردن أن يكنّ لهن رأي في مصير البلد الذي دخل في محنة أشد قسوة وعنفاً من التي عانى منها أربعين عاماً في عهد معمر القذافي.
هناك قوى صاعدة ليبية تملك السلاح، وتعتقد أنها تمتلك الحقيقة المطلقة، أعطت لنفسها الحق لفرض وصايتها على المجتمع، وتريد أن تحول قراءاتها النصوص الدينية، وفهمها فقه المصالح والأولويات إلى سياسات تعمل على فرضها بكل الوسائل، ومنها القوة القامعة. لا تقر هذه الأطراف بحق الاختلاف، وتؤمن بأن الحسم مع مخالفيها لا يكون بالحوار، وإنما عبر الدموع، حتى مع الذين ينتمون إلى الأسرة الأيديولوجية نفسها، عندما تكون لبعضهم وجهة نظر بشأن مسائل قد تكون فرعية.
هناك معاينة أثبتتها الممارسة التاريخية، وتتمثل في أن الفكر المحافظ يتخذ، في الغالب، من النساء هدفاً مركزياً، ويسعى أصحابه إلى تقييد حركتهن وتحميلهن واجبات تتعارض، في أغلب الأحيان، مع حقوقهن الأساسية، وتحد كثيراً من حريتهن. فهم يعتقدون بأن المرأة تشكل خطراً عظيماً على القيم والإسلام والوطن والمجتمع والأفراد، وهو ما يستوجب الحد من مساحة حركتها، والتدخل الحاسم، في مظهرها ولسانها وجسدها، منعاً للفتنة، وإبعادها عن مواقع القيادة، حتى لا يعم الفساد والفوضى. وكلما جنح الفكر المحافظ نحو مزيد من التشدد، إلا وكانت الكلفة التي ستدفعها النساء أكثر.
اللاتي تعرضن للاغتيال في ليبيا لم يرتكبن جرائم تبرر الحكم عليهن بالتصفية، ولا أن تفسر للرأي العام الخطورة التي يمكن أن يشكلنها حتى على التنظيمات التي أعدمتهن. كثيرات منهن ناشطات في جمعيات تختلف في وزنها، أو أنهن قررن، لحظة، أن يساهمن في مبادرات ذات طابع سياسي، لمناهضة هذه الغابة من التنظيمات المسلحة التي اكتسحت الوطن الليبي. فلماذا تم قتلهن بهذا الدم البارد، وبهذا الأسلوب الذي لم تعرفه التجربة النبوية في جميع مراحلها؟
توجد إرادة حقيقية وبغيضة لرفض مشاركة الليبيات في حماية بلادهن من جحيم الحرب الأهلية، أو في السعي إلى بناء نظام سياسي ديمقراطي، تحترم فيه الحريات، ويشارك فيه جميع من يؤمن بحق الليبيين في تقرير مصيرهم بشكل سلمي وتوافقي. إذ ما هو الخطر الذي يمكن أن تمثله أصوات نسائية، قليلة العدد، تطالب بالحرية، وتشريك النساء واحترام حقوقهن السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
ارتباط الديمقراطية بالنضال من أجل النهوض بالمرأة، وانخراطها في حركات التحرر السياسي والاجتماعي مسألة حتمية، لا يمكن أن يوقفها أي طرف، لأنها من سنن الله في خلقه. هذا ما يقوله التاريخ، وتؤكده تجارب الشعوب. وعلى من ليس له بصر وبصيرة أن يعود إلى السيرة المحمدية والرسالة القرآنية. ألم تستعد النساء دورهن الفاعل والقيادي مع الحركة التحررية التي أطلقها الإسلام، حين وضع المؤمنين والمؤمنات على أرضية النضال، وحملهم جميعاً مسؤولية بناء أمة جديدة، وذات رسالة كونية، ولم يميز بينهم على أساس الجنس أو اللون أو الانتماء الاجتماعي.
قد يعطل العنف الموجه ضد الليبيات من هذا المسار التاريخي، وبالتأكيد، سيفقد المجتمع الليبي كوكبة من أفضل نسائه، لكنهن محسوبات عند الله شهيدات، وكلما قتلت واحدة ولدت عشرات سيواصلن الطريق نحو إنجاز الهدف المنشود. إنه مسار حتمي، لأنه جزء من إرادة الله، ولكن "اللهم اهدِ قومي، فإنهم لا يعلمون".
هذه أسماء لنساء ليبيات، قررت أطراف مجهولة، أو معلومة، أن تسكتهن إلى الأبد، بحجة أنهن تجاوزن حدودهن، وأردن أن يكنّ لهن رأي في مصير البلد الذي دخل في محنة أشد قسوة وعنفاً من التي عانى منها أربعين عاماً في عهد معمر القذافي.
هناك قوى صاعدة ليبية تملك السلاح، وتعتقد أنها تمتلك الحقيقة المطلقة، أعطت لنفسها الحق لفرض وصايتها على المجتمع، وتريد أن تحول قراءاتها النصوص الدينية، وفهمها فقه المصالح والأولويات إلى سياسات تعمل على فرضها بكل الوسائل، ومنها القوة القامعة. لا تقر هذه الأطراف بحق الاختلاف، وتؤمن بأن الحسم مع مخالفيها لا يكون بالحوار، وإنما عبر الدموع، حتى مع الذين ينتمون إلى الأسرة الأيديولوجية نفسها، عندما تكون لبعضهم وجهة نظر بشأن مسائل قد تكون فرعية.
هناك معاينة أثبتتها الممارسة التاريخية، وتتمثل في أن الفكر المحافظ يتخذ، في الغالب، من النساء هدفاً مركزياً، ويسعى أصحابه إلى تقييد حركتهن وتحميلهن واجبات تتعارض، في أغلب الأحيان، مع حقوقهن الأساسية، وتحد كثيراً من حريتهن. فهم يعتقدون بأن المرأة تشكل خطراً عظيماً على القيم والإسلام والوطن والمجتمع والأفراد، وهو ما يستوجب الحد من مساحة حركتها، والتدخل الحاسم، في مظهرها ولسانها وجسدها، منعاً للفتنة، وإبعادها عن مواقع القيادة، حتى لا يعم الفساد والفوضى. وكلما جنح الفكر المحافظ نحو مزيد من التشدد، إلا وكانت الكلفة التي ستدفعها النساء أكثر.
اللاتي تعرضن للاغتيال في ليبيا لم يرتكبن جرائم تبرر الحكم عليهن بالتصفية، ولا أن تفسر للرأي العام الخطورة التي يمكن أن يشكلنها حتى على التنظيمات التي أعدمتهن. كثيرات منهن ناشطات في جمعيات تختلف في وزنها، أو أنهن قررن، لحظة، أن يساهمن في مبادرات ذات طابع سياسي، لمناهضة هذه الغابة من التنظيمات المسلحة التي اكتسحت الوطن الليبي. فلماذا تم قتلهن بهذا الدم البارد، وبهذا الأسلوب الذي لم تعرفه التجربة النبوية في جميع مراحلها؟
توجد إرادة حقيقية وبغيضة لرفض مشاركة الليبيات في حماية بلادهن من جحيم الحرب الأهلية، أو في السعي إلى بناء نظام سياسي ديمقراطي، تحترم فيه الحريات، ويشارك فيه جميع من يؤمن بحق الليبيين في تقرير مصيرهم بشكل سلمي وتوافقي. إذ ما هو الخطر الذي يمكن أن تمثله أصوات نسائية، قليلة العدد، تطالب بالحرية، وتشريك النساء واحترام حقوقهن السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
ارتباط الديمقراطية بالنضال من أجل النهوض بالمرأة، وانخراطها في حركات التحرر السياسي والاجتماعي مسألة حتمية، لا يمكن أن يوقفها أي طرف، لأنها من سنن الله في خلقه. هذا ما يقوله التاريخ، وتؤكده تجارب الشعوب. وعلى من ليس له بصر وبصيرة أن يعود إلى السيرة المحمدية والرسالة القرآنية. ألم تستعد النساء دورهن الفاعل والقيادي مع الحركة التحررية التي أطلقها الإسلام، حين وضع المؤمنين والمؤمنات على أرضية النضال، وحملهم جميعاً مسؤولية بناء أمة جديدة، وذات رسالة كونية، ولم يميز بينهم على أساس الجنس أو اللون أو الانتماء الاجتماعي.
قد يعطل العنف الموجه ضد الليبيات من هذا المسار التاريخي، وبالتأكيد، سيفقد المجتمع الليبي كوكبة من أفضل نسائه، لكنهن محسوبات عند الله شهيدات، وكلما قتلت واحدة ولدت عشرات سيواصلن الطريق نحو إنجاز الهدف المنشود. إنه مسار حتمي، لأنه جزء من إرادة الله، ولكن "اللهم اهدِ قومي، فإنهم لا يعلمون".