تعمّقت هذه النظرة نتيجة ارتباط رسام الكاريكاتير عربياً بالصحافة كبيتٍ وحيد له، منذ ولادة صحف ساخرة في مصر وبلاد الشام، في القرن التاسع عشر تحديداً، ولم تتغيّر حتى يومنا هذا، حيث لا تعكس معظم الرسوم المنتشرة في الإعلام التقليدي والرقمي أيضاً سوى وظيفة واحدة؛ التعليق على المستجدّات الراهنة، وفي مقدّمتها الحدث السياسي.
يتذرّع المشتغلون في هذه المهنة، على الدوام، بالتضييق على الحريات، والتي تدفعهم للجوء إلى الرمزية أو تجاهل موضوعات قد تُغضب السلطة. إثر هذا التجاهل الفنّي، يأتي تجاهل الدارس الذي يغضّ الطرف عن عوامل أخرى تضعف موقع الكاريكاتير في بلادنا، خصوصاً فضح الفقر المعرفي الذي يجعل الشريحة الكبرى من الرسّامين غير قادرة على اتخاذ مواقف تجاه كثير من القضايا الاجتماعية والثقافية والاقتصادية.
في ثقافات أخرى، احتكّ فن الكاريكاتير بما هو أوسع من الحدث السياسي والاجتماعي، فأصبح وسيلة تعبير تساند الفكر والعلم والفنون، وحين أتت لاحقاً تطوّرات التقنية استفاد منها بندّية. نفس الموجة التقنية حين وصلت البلاد العربية كشفت استسهال الكاريكاتير هنا وعدم نضجه.