وأوضحت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، أن نائب قائد المنطقة الأمنية السابعة في المدينة، العقيد عبد الكريم عبده عبدالله، اغتيل برصاص مسلحين كانوا يستقلون سيارة وتوقفوا أمام "كافتيريا" كان يتواجد في داخلها بمنطقة الشيخ عثمان، الواقعة شمال المدينة، ما أدى إلى مقتله، قبل أن يلوذ المسلحون بالفرار.
ورفعت الحادثة من درجة المخاوف لدى السكان والمسؤولين الأمنيين، على حد سواء، إذ بدا أن شبح الاغتيالات الذي لطالما عانت منه عدن يعود اليوم مجدداً، في ظل الوضع المتوتر في الأصل، نتيجة الانتشار المسلح في المدينة للقوات شبه النظامية أو المليشيات متعددة الولاءات، حيث جاءت العملية بعد يوم واحد من حادثة أخرى، أقدم خلالها مسلحون على اغتيال جنديين في حي المنصورة، وبث تنظيم "داعش" صوراً لعناصره أثناء تنفيذ العملية، جرى التقاطها من زوايا متعددة.
وفيما لم تعلن أي جهة، حتى عصر الإثنين، المسؤولية عن العملية التي استهدفت مسؤولاً أمنياً، ظهر مدير أمن عدن المقرب من أبوظبي، اللواء شلال علي شائع، بتصريحات مصورة، تعهد خلالها بـ"ضبط الأمن"، والتصدي للجماعات التي اتهمها بـ"السعي إلى عودة الاغتيالات لمدينة عدن"، بعد أن أظهرت إدارته فشلاً، في الآونة الأخيرة، في الحد منها.
وكانت عودة "داعش" التطور الأكثر لفتاً للانتباه، إذ أظهرت الصور التي بثها التنظيم لمسلحيه وهم ينفذون عملية اغتيال الجنديين أنه يتحرك بحرية كبيرة، بعدما تمكن مسلحوه من التقاط الصور من زوايا متعددة.
ولا تختلف عملية أمس عن عملية تصفية المسؤول الأمني في الشيخ عثمان، بواسطة مسلحين يستقلون سيارة، لاذوا بالفرار، وسُجلت الجريمة ضد مجهول.
وسجل تنظيم "داعش" حضوراً متزايداً في عدن، في الآونة الأخيرة، إذ جاءت الاغتيالات بعد أقل من أسبوعين على هجوم مزدوج لمسلحي التنظيم، شارك فيه أربعة من الانتحاريين، نشر صورهم على الإنترنت، واستهدفوا مقر قوات مكافحة الإرهاب في منطقة جولد مور.
كما تكررت حوادث الاغتيال التي تطاول خطباء مساجد أو مواطنين، أو مظاهر أخرى للانفلات الأمني، على غرار العثور على جثث أشخاص جرت تصفيتهم في ظروف غامضة.
وكان تنظيم "داعش" ظهر للمرة الأولى في اليمن، في مارس/آذار 2015، بهجمات انتحارية دامية في صنعاء، وفي وقت لاحقٍ من العام نفسه، برز نشاطه في عدن والمحافظات الجنوبية، بشكل خاص، من خلال اغتيالات وتفجيرات انتحارية، إلا أنها وخلال عام 2017 تراجعت نسبياً، لتعود مجدداً، منذ شهور، حيث كان التنظيم نفّذ أشهر عملياته، باستهداف مقر البحث الجنائي في عدن، بهجوم مزدوج للعديد من المسلحين (الانغماسيين) والانتحاريين، إذ سيطر على المقر الأمني، قبل أن تستعيده قوات الأمن، عقب اشتباكات استمرت لساعات.
من زاوية أخرى، يأتي الانفلات الأمني في المحافظات الجنوبية لليمن، وفي عدن على نحو خاص، في ظل الأزمة التي تشهدها مع تعدد القوى والمجموعات المسلحة المنتشرة بين الموالين لأبوظبي، والموالين للحكومة الشرعية.
وكانت الأزمة وصلت أوجها بالاشتباكات المسلحة، في يناير/كانون الثاني الماضي، قبل أن تتدخل السعودية لفرض حالة من التهدئة، إلا أنها لا تمنع من عودة التوتر الأمني على شكل اغتيالات وتفجيرات انتحارية، خلقت حالة من القلق المتزايد لدى السكان والمسؤولين المحليين، على حد سواء، في المدينة التي قالت الحكومة اليمنية، في يناير الماضي، إن القرار الأول فيها للإمارات، بوصفها الدولة التي تتولى واجهة نفوذ التحالف.