ما زالت ذاكرة الجزائريين تحتفظ بصورة القادة المغاربيين التي التقطت في نهاية أعمال القمة، التي جمعتهم في مدينة زرالدة الجزائرية عام 1988، الشاذلي بن جديد ومعمر القذافي وزين العابدين بن علي والحسن الثاني ومعاوية ولد سيدي أحمد الطايع. بقيت الصورة ورحل الجميع من دون استثناء، وكان إطلاق القطار المغاربي من أهم قرارات القمة.
انطلق القطار المغاربي يومها، فانطلقت معه حياة جديدة بين المغاربيين، مع انتعاش حركة سياحية وتجارية بين البلدان بكل ما ترتب عن ذلك من تبادلات إنسانية وثقافية. عن ذلك، يقول الروائي التونسي، كمال الرياحي، إنّه كان يستخدم القطار لجلب الألبسة من المغرب وإعادة بيعها في تونس، وكانت الرحلة تشكل له وجبة إنسانية دسمة، غذته بحكايات وتجارب ومواقف وطرائف شعبية، كانت إحدى الخلفيات التي درّبته على الرواية.
بإغلاق الحدود البرية المشتركة بين الجزائر والمغرب، منتصف تسعينيات القرن العشرين، تعرّض مشروع القطار المغاربي إلى انتكاسة خلفت تذمراً شعبياً كبيراً. وكان العزاء في أنّ شطره الشرقي بقي شغالاً، غير أن هذا العزاء تبخر هو الآخر عام 2006 بتوقيف الخط الرابط بين الجزائر وتونس لأسباب بقيت مجهولة.
خروج القطار من شبكة النقل، التي توصل التونسي إلى الجزائر والجزائري إلى تونس، أثمر ازدحاماً مزعجاً عند المعابر الحدودية بين البلدين، بات معه المسافر يهدر وقتاً على المعابر يفوق أحياناً وقت السفر، خصوصاً إذا كانت مركبته تحمل أغراضاً وحقائب وسلعاً كثيرة. فهذا الوضع يخضعها جميعها إلى التفتيش الدقيق من جمارك البلدين، في ظل التوجّس الأمني المشترك الذي فرضته ظروف العنف والإرهاب في الجزائر سابقاً، ثم في تونس بعد اندلاع الثورة عام 2011.
اقــرأ أيضاً
انطلق القطار المغاربي يومها، فانطلقت معه حياة جديدة بين المغاربيين، مع انتعاش حركة سياحية وتجارية بين البلدان بكل ما ترتب عن ذلك من تبادلات إنسانية وثقافية. عن ذلك، يقول الروائي التونسي، كمال الرياحي، إنّه كان يستخدم القطار لجلب الألبسة من المغرب وإعادة بيعها في تونس، وكانت الرحلة تشكل له وجبة إنسانية دسمة، غذته بحكايات وتجارب ومواقف وطرائف شعبية، كانت إحدى الخلفيات التي درّبته على الرواية.
بإغلاق الحدود البرية المشتركة بين الجزائر والمغرب، منتصف تسعينيات القرن العشرين، تعرّض مشروع القطار المغاربي إلى انتكاسة خلفت تذمراً شعبياً كبيراً. وكان العزاء في أنّ شطره الشرقي بقي شغالاً، غير أن هذا العزاء تبخر هو الآخر عام 2006 بتوقيف الخط الرابط بين الجزائر وتونس لأسباب بقيت مجهولة.
خروج القطار من شبكة النقل، التي توصل التونسي إلى الجزائر والجزائري إلى تونس، أثمر ازدحاماً مزعجاً عند المعابر الحدودية بين البلدين، بات معه المسافر يهدر وقتاً على المعابر يفوق أحياناً وقت السفر، خصوصاً إذا كانت مركبته تحمل أغراضاً وحقائب وسلعاً كثيرة. فهذا الوضع يخضعها جميعها إلى التفتيش الدقيق من جمارك البلدين، في ظل التوجّس الأمني المشترك الذي فرضته ظروف العنف والإرهاب في الجزائر سابقاً، ثم في تونس بعد اندلاع الثورة عام 2011.
في ظل هذه المعاناة، التي لم تثنِ الجزائريين عن الوجهة التونسية، أعلنت "الشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية" مطلع شهر أغسطس/ آب الجاري عن عودة القطار الرابط بين تونس العاصمة ومدينة عنابة الجزائرية، بمعدل رحلة واحدة في اليوم ذهاباً وإياباً كمرحلة أولى.
تقول الإعلامية والناشطة الجزائرية، سلوى لميس مسعي، لـ"العربي الجديد"، إنّها سعيدة بهذه العودة لقطار لم يخفف معاناة السفر فقط، بل ساهم في إنعاش أواصر المحبة والجوار بين شعبين تعدّ الحدود السياسية بينهما وهماً: "الجزائريون يحبون السفر إلى تونس، والتونسيون يحبون المجيء إلى الجزائر، وهذا يحقق مداخيل كبيرة لخزينة البلدين، فما المانع من أن يتوفر القطار الرابط بينهما كلّ ساعتين لا مرة واحدة في اليوم فقط؟". تشير مسعي إلى انتظارها تحقيق مشروع القطار السريع الذي سيربط بين تونس والجزائر والمغرب، والذي تقول مصادر من وزارة النقل الجزائرية إنّ "الدراسة المتعلقة به باتت جاهزة".
عبد القادر، (34 عاماً)، من مدينة سوق أهراس الجزائرية المتاخمة للحدود التونسية، فنان متخصص في التحف الخزفية، ويسافر إلى تونس مرتين في الشهر، لتسويق إنتاجه هناك، يرى في عودة القطار الرابط بين عنابة وتونس العاصمة مروراً بمدينته مكسباً حقيقياً له. يعلق: "القطار آمن ومزود بمطعم وطاقة استيعابه للسلع كبيرة جداً، بما يجعل السفر فيه متعة في حد ذاتها". يتابع أنّ مدناً صغيرة على الحدود، ستنتعش سياحياً واقتصادياً بعودة القطار، لأنّ الحركة ستقوى وهو ما يؤدي إلى تسريع وتيرة التبادل". ويعطي مثالاً: "مدينة مهملة مثل غار الدماء في الجهة التونسية سرعان ما انتعشت لأنّها باتت تستقبل آلاف الجزائريين، الذين ينزلون فيها لتسويق سلعهم، خصوصاً العجلات المطاطية". ويتساءل: "نحن إخوة وجيران ومصالحنا مشتركة، فبأي حق يصبح وجود قطار يربط بيننا حلماً شعبياً، في الوقت الذي كان يفترض فيه أن نملك سوقاً مشتركة؟".
أسعار في متناول الجميع
القطار الذي أعلن عن أولى رحلاته مطلع أغسطس/آب الجاري، بين تونس والجزائر، أسعاره في متناول مواطني البلدين معاً، إذ يصل سعر التذكرة إلى 2000 دينار جزائري (18.40 دولاراً)، أو 40 ديناراً تونسياً (18.25 دولاراً). وهو سعر يعادل نصف ما كان يتقاضاه سائقو السيارات غير المعتمدين رسمياً بين البلدين. وهؤلاء يتضح الآن أنّهم سيكونون الطرف المتضرر الوحيد من عودة القطار إلى سكّته.
اقــرأ أيضاً
تقول الإعلامية والناشطة الجزائرية، سلوى لميس مسعي، لـ"العربي الجديد"، إنّها سعيدة بهذه العودة لقطار لم يخفف معاناة السفر فقط، بل ساهم في إنعاش أواصر المحبة والجوار بين شعبين تعدّ الحدود السياسية بينهما وهماً: "الجزائريون يحبون السفر إلى تونس، والتونسيون يحبون المجيء إلى الجزائر، وهذا يحقق مداخيل كبيرة لخزينة البلدين، فما المانع من أن يتوفر القطار الرابط بينهما كلّ ساعتين لا مرة واحدة في اليوم فقط؟". تشير مسعي إلى انتظارها تحقيق مشروع القطار السريع الذي سيربط بين تونس والجزائر والمغرب، والذي تقول مصادر من وزارة النقل الجزائرية إنّ "الدراسة المتعلقة به باتت جاهزة".
عبد القادر، (34 عاماً)، من مدينة سوق أهراس الجزائرية المتاخمة للحدود التونسية، فنان متخصص في التحف الخزفية، ويسافر إلى تونس مرتين في الشهر، لتسويق إنتاجه هناك، يرى في عودة القطار الرابط بين عنابة وتونس العاصمة مروراً بمدينته مكسباً حقيقياً له. يعلق: "القطار آمن ومزود بمطعم وطاقة استيعابه للسلع كبيرة جداً، بما يجعل السفر فيه متعة في حد ذاتها". يتابع أنّ مدناً صغيرة على الحدود، ستنتعش سياحياً واقتصادياً بعودة القطار، لأنّ الحركة ستقوى وهو ما يؤدي إلى تسريع وتيرة التبادل". ويعطي مثالاً: "مدينة مهملة مثل غار الدماء في الجهة التونسية سرعان ما انتعشت لأنّها باتت تستقبل آلاف الجزائريين، الذين ينزلون فيها لتسويق سلعهم، خصوصاً العجلات المطاطية". ويتساءل: "نحن إخوة وجيران ومصالحنا مشتركة، فبأي حق يصبح وجود قطار يربط بيننا حلماً شعبياً، في الوقت الذي كان يفترض فيه أن نملك سوقاً مشتركة؟".
أسعار في متناول الجميع
القطار الذي أعلن عن أولى رحلاته مطلع أغسطس/آب الجاري، بين تونس والجزائر، أسعاره في متناول مواطني البلدين معاً، إذ يصل سعر التذكرة إلى 2000 دينار جزائري (18.40 دولاراً)، أو 40 ديناراً تونسياً (18.25 دولاراً). وهو سعر يعادل نصف ما كان يتقاضاه سائقو السيارات غير المعتمدين رسمياً بين البلدين. وهؤلاء يتضح الآن أنّهم سيكونون الطرف المتضرر الوحيد من عودة القطار إلى سكّته.