دعا الرئيس اللبناني ميشال عون المجلس الأعلى للدفاع للانعقاد عند الساعة السابعة من مساء اليوم الخميس، في قصر بعبدا، للبحث في موضوع الحريق الذي اندلع في مرفأ بيروت داخل مستودع يحتوي على إطارات وزيوت ومواد مشتعلة قبل أن يمتدّ إلى مستودع آخر يحتوي على أدوات كهربائية، ويستمرّ منذ أكثر من ثلاثِ ساعاتٍ، في ظلّ مواجهة فرق الدفاع المدني وإطفاء بيروت وطوافات الجيش صعوبات في إخماده.
وطلبت وزيرة العدل اللبنانية في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم من النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، إجراء تحقيق فوري ومعمّق في حريق مرفأ بيروت الجديد، نظراً لدقة الموضوع وخطورته، والمتابعة المباشرة والانتقال إلى المرفأ لإجراء ما يلزم بهدف جلاء واقع الحال، تمهيداً لترتيب المسؤوليات وإجراء الملاحقات اللازمة. وفق بيان صادر عن مكتبها الإعلامي.
بدوره، قرر القاضي عويدات "تسطير استنابات إلى كافة الأجهزة الأمنية من مخابرات الجيش والأمن العام وأمن الدولة وشعبة المعلومات والجمارك والدفاع المدني وفوج إطفاء بيروت، لإجراء التحقيقات اللازمة والاستقصاءات والتحريات لمعرفة أسباب الحريق المفاجئ الحاصل في مرفأ بيروت بتاريخ اليوم، وإبلاغنا شخصياً بالسرعة القصوى عن النتائج، وذلك نظراً لخطورة الوضع على أمن المواطن والسلامة العامة، وكشفاً لجميع الملابسات وكل ما يتعلق بالأضرار أو عدمه بمسرح الجريمة، وبيان كل ما من شأنه إنارة التحقيق".
ويُدار مرفأ بيروت في الوقت الحالي من قبل باسم القيسي الذي كلّفه مجلس الوزراء اللبناني بتسيير أمور المرفأ لستة أشهر، كمدير عام ورئيس مجلس إدارة، بعد إصدار المحقق العدلي القاضي فادي صوان مذكرة توقيف بحق مدير عام مرفأ بيروت حسن قريطم الذي ما زال موقوفاً.
وقال المدير العام للدفاع المدني العميد ريمون خطار، لـ "الوكالة الوطنية للإعلام"، إنّ مواد مشتعلة كهذه تحتاج إلى وقتٍ من أجل إخمادها كلياً، مؤكداً أن لا تحقيق حالياً في نوعية المواد قبل الانتهاء من عمليات الإخماد بشكل كاملٍ.
وأشار مدير العمليات في الدفاع المدني جورج أبو موسى بحديث لـ "العربي الجديد"، إلى أن الحريق كبير جداً ونعمل على إخماده ولم تسجل إصابات حتى الساعة.
وطلب محافظ بيروت من المواطنين عدم التوجه إلى محيط المرفأ حفاظاً على سلامتهم وعدم إعاقة عمل رجال الإطفاء الذين يكافحون نيران الحريق المندلع في المرفأ.
وذكر محافظ بيروت لـ "العربي الجديد"، أنّه عقد اجتماعاً طارئاً بعد استنفار كافة الأجهزة المعنية لمحاصرة النيران والحؤول دون امتدادها.
وأشار إلى أن الحريق اندلع في مستودع داخل السوق الحرة، ويحتوي على الكثير من البضائع والمواد الملتهبة، والفرق تعمل بكل قدرتها على إخماده، ولا إصابات حتى الآن. لافتاً، الى أنّ الأسباب التي أدت إلى اندلاع الحريق ليست معروفة.
ويضيف، "نحاول إخلاء المنطقة في محيط مرفأ بيروت لتسهيل مرور سيارات الإطفاء، وحفاظاً على سلامة المواطنين ولا سيما أنّ السبب وراء اندلاع الحريق لا يزال مجهولاً، وكذلك تداعياته".
اندلع الحريق داخل مستودع يحتوي على إطارات وزيوت ومواد مشتعلة قبل أن يمتدّ إلى مستودع آخر يحتوي على أدوات كهربائية
وأثار الحريق الثاني الذي اندلع في مرفأ بيروت هذا الأسبوع، ردود فعلٍ شعبية غاضبة من طبقةٍ حاكمة أدى إهمالها وفسادها لإزهاق الأرواح بحسب مواطنين، وتثور تساؤلات حول المرفأ الذي تستمرّ أعمال المسح فيه منذ أكثر من شهرٍ ورغم ذلك تحترق مستودعات داخله كلّ فترة مرفقة بأسباب غير مقنعة، في ظلّ غياب الثقة بالسلطات المحلية وأجهزتها التي تتولى التحقيقات، ما يترك الباب مفتوحاً أمام احتمالاتٍ كثيرة بعد تسجيل حريق هو الثالث من نوعه منذ الرابع من أغسطس/آب الماضي، منها محاولات إزالة الأدلة في مسرح الجريمة، مقابل تأكيد المسؤولين أنّ الحوادث غير مفتعلة.
وكتب عدد كبير من المواطنين عبر حساباتهم على "تويتر"، كيف غادروا أماكن عملهم في محيط مرفأ بيروت وسارعوا إلى ترك العاصمة اللبنانية خوفاً من تكرار مشهد الرابع من أغسطس/آب الذي بدأ بحريق تهافت إلى تصويره اللبنانيون قبل أن يقع الانفجار الهائل الذي أودى بحياة ما لا يقل عن 191 شخصاً، وأصاب بجروح 6500 شخص آخر.
ويقول روني مقبل، لـ "العربي الجديد"، وهو موظف في شركة خاصة بالأشرفية، إن الإدارة طلبت منهم مغادرة العمل فوراً تحسباً لأي طارئ، وقد اتصل بعائلته التي تسكن أيضاً في الأشرفية ببيروت طالباً منهم التوجه إلى الشمال، حيث لدى زوجته منزل في القرية، على أن يلحقَ بهم على الفور، حفاظاً على سلامتهم خصوصاً أن سحب الدخان الأسود الكثيف الذي طاول محيط الحريق مضرّ جداً بصحّة ولديهما الصغيرين، في ظلّ طلب الجهات المعنية أيضاً فتح نوافذ المنازل.
ويشير مقبل، إلى أنّه في كلّ مرّة يتمسّك بالبقاء في لبنان، لكن عند وقوع الانفجار في الرابع من أغسطس/آب الماضي، فكّر جدياً بالسفر والهجرة ليس من أجله هو وزوجته "فالوقت مضى ولم نستمتع بالحياة في وطنٍ لم نذق طعم الاستقرار فيه منذ ولادتنا حتى اليوم، من هنا لا نريد لولدينا أن يخسرا أجمل أيام عمرهما وربما حياتهما في انفجار أو حادث أمني أو سرقة أو اشتباكات مسلحة أو رصاصة طائشة".
وامتلأت صفحات "تويتر" فور وقوع الانفجار بدعوات لمحاسبة المسؤولين عن الحريق الجديد خصوصاً من الذين عيّنوا مؤقتاً، بعد التوقيفات التي طاولت أمنيين وإداريين معنيين بمرفأ بيروت، في ظلّ خروج مطالبات باستقالة رئيس الجمهورية الذي كان يعلم بمواد النترات الموجودة في العنبر رقم 12 ولم يتحرّك بشكل حازم لإخراجها وإتلافها، ولم يتابع الملف بجدية باعتبار أنه تذرّع بقيامه بما يلزم من مراسلات وفق صلاحيته.
وفي السياق، وجّهت دعوات لتظاهرة حاشدة باتجاه القصر الجمهوري في بعبدا يوم السبت المقبل الواقع في 12 سبتمبر/أيلول الجاري، للدعوة إلى استقالة رئيس الجمهورية ميشال عون ومحاسبته.
٤٠ يوم عالجريمة ... طالعين لعند اللي كان بيعرف و ما تحرّك ! لعند اللي بعدو عم يتحكّم بالقضاء لليوم!
— لـــبـــنـــان يـــنـــتـــفـــض (@lebprotests) September 9, 2020
بعبدا ١٢ ايلول #كان_يعلم @Aamieh17oct @TheLebanonDream @thawranewslb @thawralebanon pic.twitter.com/LS20WuMUWt
ويأتي الحريق اليوم، بالتزامن مع استماع القاضي فادي صوان إلى إفادتي وزير الأشغال العامة والنقل ميشال نجار في حكومة تصريف الأعمال، والمدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا، في جلستين منفصلتين على أن يستكمل الاستماع إلى إفادات الوزراء الذين تعاقبوا على وزارات الأشغال والمالية والعدل منذ عام 2013.
وكان صوان قد استمع قبل أيام إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب في مكتبه داخل السرايا الحكومية، حول المراسلات التي تلقّاها من الأجهزة الأمنية والسبب وراء تأجيل زيارته المرفأ قبيل أيام على وقوع الانفجار.