تعجّ الشوارع الباكستانية بنشاط كبير، استعداداً لعيد الأضحى. فامتدّت مراكز التسوّق الخاصة بالعيد إلى الشوارع والأزقة، واستبدلت الكثير من المحال التجاريّة منتجاتها بمستلزمات العيد. فالواجهات تعرض الملابس المزخرفة والأحذية والمجوهرات. كذلك أقبل الناس على سوق الأضاحي، من أجل شراء أفضلها لذبيحة العيد.
كلّ الأذواق
يعتبر الباكستانيّون بعرقياتهم المختلفة العيد فرصة للتسوّق. وتقام أسواق خاصة في المدن الرئيسة والعاصمة إسلام آباد، تجمع بين جميع الثقافات والتقاليد المتبعة في البلاد. يقيم التاجر محمد نديم مركزاً طوال أيام العيد في إسلام آباد، ويقول لـ"العربي الجديد" إنّ التحضيرات تستغرق أكثر من شهر. أما المعروضات فيتمّ إحضارها من الأقاليم الباكستانيّة كافة، لتلبّي كلّ الأذواق العرقيّة. يضيف أنّها فرصة للربح "لكنّها أيضاً فرحة ننتظرها طيلة العام، ونتمنى أن ننسى معها الحالة الاقتصاديّة السيئة ولو لأيام محدودة".
من جهتهم، يقبل الأهالي على الأسواق لإدخال الفرحة إلى قلوب أطفالهم بالدرجة الأولى، بالملبوسات والأحذية الجديدة. لكن مع ارتفاع الأسعار، يُضطر الأهالي إلى تقليص لائحة مستلزمات العيد. وهو ما تؤكده بروين وهي أم لثلاثة أطفال، تشتري من سوق "كراتشي كومبني" ملابس العيد لأولادها. تقول لـ"العربي الجديد" إنّ "أسعار هذا العام مقلقة جداً، والتجار يستغلون تزايد إقبال المواطنين على الأسواق لرفع أسعار مستلزمات العيد. لذا أكتفي فقط بشراء الملابس لأولادي الثلاثة وأترك الملاهي والألعاب".
بالنسبة إلى الفتيات والنساء، لا تكتمل فرحة العيد إلاّ بأساور زجاجيّة يشترينها مع الملابس، في حين يتفنّن في وضع زخارف الحناء على أياديهن. أما الشبان والرجال فيكتفون بالملابس والأحذية، التي تختلف ما بين إقليم وآخر عادة. ففي إقليم البنجاب يفضّل الشبان البدلة. أما الكبار فيفضلون السروال والقميص البنجابيَّين. وفي إقليمَي خيبر بختونخوا وبلوشستان اللذَين تقطنهما القبائل البشتونيّة والبلوشيّة، فالشبان والكبار معاً، لا يرتدون في العيد سوى الملابس التقليديّة المؤلفة من سروال وقميص وصدريّة، فيما يلبس الشيوخ الرداء والعمامة. وفي إقليم السند، يرتدي الرجال السروال والقميص عموماً مع رداء صغير ملوّن يسمونه "أجرة"، بالإضافة إلى قلنسوة سنديّة خاصة.
سوق الأضاحي
تزدحم أسواق الأضاحي، قبل أيام من العيد. وتقام الأسواق خارج المدن عادة، ويقبِل جميع الطبقات على الشراء. لكنّ الخيار المفضل للأثرياء في إقليمَي البنجاب والسند، هو الماعز. أما في إقليمَي خيبر بختونخوا وبلوشستان فيفضل الأثرياء الغنم. لكن محدودي الدخل في كلّ الأقاليم يفضّلون البقر والعجول، بسبب خاصيّة التقاسم وتوزيع اللحوم. فيبادر سبعة أشخاص مثلاً إلى شراء عجل ليذبح ويوزّع بينهم بالتساوي. ولا يفضّل ذبح الجمال في أقاليم البنجاب والسند وخيبر بختونخوا وجلجت بلتستان، لكن في إقليم بلوشستان إلى الجنوب الغربي من باكستان، فإنّ ذبح الجمال أمر مألوف لخصوصيّة طبيعته الصحراويّة.
كذلك، تحكم العادات الباكستانيّة بيعَ الأضاحي أيضاً. فمن التقاليد الشعبيّة تزيين الأضاحي المعروضة للبيع. فيرسم التجار عليها نقوش الحناء المختلفة، لتمييزها عن تلك التي تباع خارج موسم العيد. ويُجبر الأطفال أهاليهم على شراء الأضاحي قبل العيد بأسبوع وأكثر، للاستمتاع بجولاتها معهم في الشوارع وإطعامها والعناية بها.
جدير بالذكر أن ارتفاع الأسعار سمة غالبة في أسواق الأضاحي هذا العام. ويعيد بعض التجار الأمر إلى غياب الرقابة الحكوميّة. لكنّ التاجر معلم خان، الذي ينقل الأضاحي سنوياً من البنجاب إلى بيشاور لبيعها، يتهم أطرافاً حكوميّة بالتورّط في تهريب الأضاحي من أفغانستان وتقاضي رشىً من التجار المتهرّبين من الضرائب.
رغماً عن أنف الألم
ومع حلول العيد في موسم كوارث الفيضانات والأزمات الأمنيّة، لم تمنع الظروف القاسية أهالي وزيرستان والبنجاب وكشمير من الاحتفال. فأقيمت أسواق خاصة تقدّم مستلزمات العيد وأسواق الأضاحي في أطراف مخيمات النازحين من وزيرستان في مدينتَي بنو وديره إسماعيل خان. كذلك تستعد بعض الجمعيات الخيريّة والأثرياء لإدخال فرحة العيد إلى قلوب النازحين والمنكوبين، وذلك عبر حملة تبرّعات مكثفة انطلقت أخيراً. وتهدف الحملة إلى تنفيذ مشاريع للأضحية بين النازحين، ومساعدتهم بتأمين الغذاء وتجهيزات العيد.