"إنه محارب من العصور القديمة، لاعب آخر لا يستحق أبداً أن يكون ضمن الفريق الخاسر، لأنه يغطي العشب بطريقة مرعبة، وتجده في كل شبر داخل المستطيل الأخضر، مع تحكم مذهل في منطقة الوسط. لعب تمريرة رائعة لخوانفران في لقطة هدف التعادل، وسجل ركلة جزاء بطريقة مثالية، شيء غريب أنه لم يسدد ضربة غريزمان خلال المباراة!".
الأفضل
هكذا كان تقييم شبكة "الإسبن" لأداء غابي فيرنانديز، كابتن أتليتكو مدريد، بعد نهاية مباراة ميلانو بين الريال والأتليتي، ليؤكد لاعب الوسط أنه من طينة الكبار، ويُنهي موسمه بأداء أسطوري، لكن في النهاية خسر فريقه اللقب، وخرج الفريق الآخر في العاصمة من الباب الضيق، دون بطولة تُذكر في عام 2016، على الرغم من أنه كان أحد الفرق المميزة، إذا لم يكن المتميز دون منافس.
لعب غاريث بيل مباراة كبيرة من طرف ريال مدريد، وكان العنصر الأبرز في تشكيلة زيدان، من خلال إنتاج هجومي غزير، ليكون هو مصدر الخطورة الرئيسي، بينما قلب البديل كاراسكو المباراة رأساً على عقب، ونجح في معادلة النتيجة مع فاصل من المهارات طوال اللقاء. ونال الثنائي "بيل وكاراسكو" الإشادة من الجميع بعد المواجهة، نظراً لصناعة الفارق على مدار الشوطين وخلال الأوقات الإضافية.
لكن غابي هو الاستثناء الحقيقي، خلال النهائي، لأنه لعب بشخصية مدربه طوال المباراة، وتحول إلى نسخة مقاربة من دييغو سيميوني، مع نضج أكبر وهدوء مطلوب في اللحظات الحاسمة. وخلال الشوط الأول من المباراة، لعب كابتن الأتليتي، كارتكاز، مسانداً إلى جوار أوغوستو، الأرجنتيني الذي ظهر بصورة سيئة للغاية، وكان باستطاعة الريال إنهاء كل شيء مبكراً، لكن تواجد غابي أعاد المباراة إلى نقطة الصفر.
المنسي
دفاعياً، عاد الكابتن خطوات إلى الخلف، وشكل ثنائية محورية مع زميله أمام هجمات الريال، ليقلل كثيراً من المساحات في وبين الخطوط حتى فترة الاستراحة، بينما كان دوره أشمل وأعمق في الشوط الثاني، من خلال لعبه في الارتكاز الصريح خلف كوكي، بعد خروج أوغوستو السيء، وهنا تغيرت القمة تماماً، وبات أتليتكو أقرب من أي وقت مضى للتهديف.
سجل كاراسكو هدفاً من تمريرة عرضية ساحرة، لعبها خوانفران بقلبه قبل قدمه، لكن غابي هو كلمة السر في هذه اللقطة، لأنه صاحب التمريرة الأهم التي ضربت دفاع ريال مدريد، وهذا ما أضافه اللاعب إلى قدراته هذا الموسم. فكابتن أتليتكو يمتاز تاريخياً بقوته الدفاعية، ومجهوده الوافر في نصف ملعبه، لكنه فاجأ الجميع بإضافة حقيقية على الصعيد الهجومي أخيراً.
وبلغة الأرقام، لعب غابي 13 مباراة في الشامبيونزليغ، هذا الموسم، صنع 3 أهداف مع 24 فرصة للتسجيل، ليعطي فريقه حلولاً هجومية أكبر، خصوصاً في حالة الرقابة على ساؤول وكوكي، لذلك تحول القائد إلى صانع لعب إضافي عند الحاجة، يلعب التمريرات القطرية تجاه الأظهرة، ويمرر في اتجاه عمودي إلى المهاجمين على مشارف منطقة الجزاء.
2001
يفتقد الأتليتي إلى اللعب العرضي في بعض الأوقات، خصوصاً مع ميل كوكي المستمر إلى الداخل، وانشغال ساؤول بالمساندة الدفاعية، لذلك يأتي الحل دائماً عن طريق غابي، اللاعب المقاتل الذي يتحرك باستمرار بين العمق والأطراف، وتزيد أهميته في كونه لاعباً مباشراً يميل إلى التمركز في القنوات الشاغرة بنصف ملعب المنافس.
هناك ثمة تشابه بين أتليتكو مدريد 2016 وفالنسيا 2001، فالفريقان خسرا اللقب الأوروبي مرتين، الخفافيش في موسمين متتاليين، بينما الروخيبلانكوس في عامين من ثلاثة أعوام، والمفارقة أن الخسارة في البطولة الثانية جاءت بركلات الجزاء، الأولى أمام بايرن، بينما الأخرى من نصيب ريال مدريد في السان سيرو.
هيكتور كوبر أرجنتيني من بلاد سيميوني، واحد من أكبر المظلومين في تاريخ البطولة الأوروبية، ومدرب تألق بشدة مع طريقة لعب 4-4-2 في أوائل الألفية الجديدة مع فالنسيا، بتواجد أيمار كصانع لعب خلف الثنائي كارو وسانشيز في الأمام، مع خط وسط متحرك بقيادة كيلي جونزاليس ومينديتا، رفقة الارتكاز المثالي وقتها روبين باراخا.
الوجه الآخر
باراخا وجابي وجهان لعملة واحدة، الارتكاز المميز دفاعياً واللاعب المظلوم إعلامياً، مع تواجد الثنائي في فرق مكافحة، تلعب بأسلوب تكتيكي محكم مع أداء هجومي متوازن، والمثير للغرابة أن الخسارة كانت هي النهاية غير المنطقية في نسختي 2001 و2016، لينسى معظم المتابعين اسم روبين باراخا بعد سنوات طويلة، لأنه تواجد في خانة المهزوم لا الفائز!
يتذكر الجمهور الفريق الفائز ولاعبيه، وينسى الفريق الآخر بعد مرور عدة سنوات على الواقعة، لكن هناك أسماء يجب أن تظل محفورة في الذاكرة، وغابي واحد من هؤلاء الذين يجب أن يرتبط بهم نهائي ميلانو 2016، بعد تحوله من دور الجندي المجهول إلى لاعب لا غنى عنهم في تشكيلة أي فريق، بالنسبة لآراء متابعي وخبراء اللعبة.
"يجب أن نفتخر بأنفسنا، وما قدمه وحققه هذا الفريق، سنعود أقوى في الغد، وهذا الفريق سيفوز حتماً بالشامبيونز"، بهذه الكلمات القوية اختتم غابي حديثه بعد الخسارة أمام ريال مدريد، وبعيداً عمّا سيسفر عنه المستقبل القريب، سيظل هذا القائد أحد أفضل الأسماء في النسخة المنتهية من البطولة، حتى وإن ظلمه التاريخ في ما بعد!