23 نوفمبر 2017
غرباء في وطنهم
الشباب المهجّر قسراً، والمعطّل غصباً، والذي توقفت عقارب حياته فترة في المغرب، يمثلون مئات الآلاف، ولا يكاد يخلو بيت من نظرة حسرة عليهم أو استهجان في حقهم، وحتى تعاطف معهم.
يمثلون نماذج عديدة، ممن حملوا حقائبهم مكرهين، ودّعوا الوطن على مضض، ولو في أحلامهم، بعد أنّ دب اليأس بينهم ورحلوا من وإلى هوامش المدن وحواضرها، في حين أنّ قلّة من المحظوظين بينهم اختاروا الهجرة بعيداً، لمعانقة بلاد العم سام، فوجدوا فيها عزاءهم، وحلّت الأبواب التي ظلّت موصدة في وجوههم، واقتنصوا الفرص التي ضاعت سنوات، وتبخرت من أمام أعينهم، بعد أن دفعوا سنوات من أعمارهم ضريبة لسياسات عمومية فاشلة، طالما غيّبت البشر والحجر عقوداً، واستبعدت أيّة تنمية لتلك المجتمعات القروية والحضرية التي أنجبتهم، وساهمت في تشويه معالم خريطةٍ لم يتوازن فيها الجغرافي بالبشري، والاجتماعي بالاقتصادي، حيث تركت ساكنة لحالها يتقاذفها رؤساء جماعات، وحتى مجالس حضرية وقروية، تضرب الأمية والجهل أطنابها بينهم، وتغيب عن رؤاهم أيّة استراتيجية تنموية.
غرباء في وطنهم، هم هؤلاء وأولئك الذين تربّوا في ذلك الوطن، ودرسوا به، وقضوا به طفولتهم وفترة من شبابهم وحلموا يوماً أن ينالوا حظهم في عمل قار بجانب أهليهم وذويهم، وشغل قد يضمن لهم أدنى حدّ من شروط العيش الكريم، واستقلالية الجيب، ويقيهم شر السؤال، ويوّفر لهم دخلاً قاراً يمكنهم، يوماً ما في تجميع مهر عروس، وتكوين أسرة وتحقيق هدف أزلي في عمارة الأرض وخلافتها، لكن كان لهم نصيب من الانتظار القاتل، وتكرار رتيب أياماً وأسابيع وسنين.
شباب منهم من حصلوا شهادات جامعية، مهنية وتقنية، وصرفت مليارات على تكوينهم وتأهيلهم، لكنهم لم يحصدوا سوى الريح داخل وطنهم، لأن متلازمة "باك صاحبي" ظلت تطارد سيرهم الدراسية والمهنية، أو لأنّ أباءهم لم يحظوا بمنصب اعتباري مثل ذاك لرئيس حكومتهم، والذي وجد منفذاً لفلذة كبده في أمانته العامة، عملاً بالمثل الشعبي، "من لحيتو نلقم ليه"، حيث كانت الغنيمة في الشوط الأخير من الوقت المستقطع، حتى لو تمّ نكث العهود التي قطعت، والخطب التي أذيعت والبهرجة التي أقيمت والعفة التي ادّعيت، وكانت المحصلة أنّ حديث الليل تمحوه أوّل إطلالة أشعة شمس النهار، عملاً بالقول الشائع وغير المعتد به لدى ثمالى الثلث الأخير من الليل.
غرباء الوطن ليسوا سوى شباب تربّوا بباديته أو حاضرته، تقطّعت بهن وبهم السبل في أواسط أعمارهم، وأضحت شوارع العاصمة الإدارية محجاً ومزاراً لهم، وبوقاً لإسماع أصواتهم واحتجاجاتهم، أو مسرحاً لكرّهم وفرّهم، سعياً إلى تطبيق حرفي لما لقنته المدرسة العمومية من علم أصيل لهم.
يمثلون نماذج عديدة، ممن حملوا حقائبهم مكرهين، ودّعوا الوطن على مضض، ولو في أحلامهم، بعد أنّ دب اليأس بينهم ورحلوا من وإلى هوامش المدن وحواضرها، في حين أنّ قلّة من المحظوظين بينهم اختاروا الهجرة بعيداً، لمعانقة بلاد العم سام، فوجدوا فيها عزاءهم، وحلّت الأبواب التي ظلّت موصدة في وجوههم، واقتنصوا الفرص التي ضاعت سنوات، وتبخرت من أمام أعينهم، بعد أن دفعوا سنوات من أعمارهم ضريبة لسياسات عمومية فاشلة، طالما غيّبت البشر والحجر عقوداً، واستبعدت أيّة تنمية لتلك المجتمعات القروية والحضرية التي أنجبتهم، وساهمت في تشويه معالم خريطةٍ لم يتوازن فيها الجغرافي بالبشري، والاجتماعي بالاقتصادي، حيث تركت ساكنة لحالها يتقاذفها رؤساء جماعات، وحتى مجالس حضرية وقروية، تضرب الأمية والجهل أطنابها بينهم، وتغيب عن رؤاهم أيّة استراتيجية تنموية.
غرباء في وطنهم، هم هؤلاء وأولئك الذين تربّوا في ذلك الوطن، ودرسوا به، وقضوا به طفولتهم وفترة من شبابهم وحلموا يوماً أن ينالوا حظهم في عمل قار بجانب أهليهم وذويهم، وشغل قد يضمن لهم أدنى حدّ من شروط العيش الكريم، واستقلالية الجيب، ويقيهم شر السؤال، ويوّفر لهم دخلاً قاراً يمكنهم، يوماً ما في تجميع مهر عروس، وتكوين أسرة وتحقيق هدف أزلي في عمارة الأرض وخلافتها، لكن كان لهم نصيب من الانتظار القاتل، وتكرار رتيب أياماً وأسابيع وسنين.
شباب منهم من حصلوا شهادات جامعية، مهنية وتقنية، وصرفت مليارات على تكوينهم وتأهيلهم، لكنهم لم يحصدوا سوى الريح داخل وطنهم، لأن متلازمة "باك صاحبي" ظلت تطارد سيرهم الدراسية والمهنية، أو لأنّ أباءهم لم يحظوا بمنصب اعتباري مثل ذاك لرئيس حكومتهم، والذي وجد منفذاً لفلذة كبده في أمانته العامة، عملاً بالمثل الشعبي، "من لحيتو نلقم ليه"، حيث كانت الغنيمة في الشوط الأخير من الوقت المستقطع، حتى لو تمّ نكث العهود التي قطعت، والخطب التي أذيعت والبهرجة التي أقيمت والعفة التي ادّعيت، وكانت المحصلة أنّ حديث الليل تمحوه أوّل إطلالة أشعة شمس النهار، عملاً بالقول الشائع وغير المعتد به لدى ثمالى الثلث الأخير من الليل.
غرباء الوطن ليسوا سوى شباب تربّوا بباديته أو حاضرته، تقطّعت بهن وبهم السبل في أواسط أعمارهم، وأضحت شوارع العاصمة الإدارية محجاً ومزاراً لهم، وبوقاً لإسماع أصواتهم واحتجاجاتهم، أو مسرحاً لكرّهم وفرّهم، سعياً إلى تطبيق حرفي لما لقنته المدرسة العمومية من علم أصيل لهم.