نقص خطير في الأطباء تعاني منه غزة، إذ إنّ لكلّ ألف مواطن طبيباً واحداً فقط، في ظلّ تدهور قطاع الطب اقتصادياً وهجرة الأطباء التي تمتد إلى الطلاب والخريجين
قد يحتاج مرضى غزة إلى أكثر من عام لإجراء بعض العمليات الجراحية في المستشفيات العامة نظراً لقلة الأطباء العاملين في المستشفيات الحكومية، إلى جانب عدم توفر جميع الاختصاصات، بالإضافة إلى انتظار المريض طويلاً موعد زيارة العيادات الخارجية للفحص، وقد ينتظر الفحص فقط أكثر من 4 شهور.
في ظل قلة الأسرّة التي تبلغ 2200 سرير، وهو عدد قليل جداً قياساً بعدد السكان في قطاع غزة الذي تجاوز مليونين و86 ألف مواطن بحسب وزارة الداخلية في غزة لشهر سبتمبر/ أيلول الماضي، تزيد المعاناة التي تدخل مرحلة الخطر في الجانب الطبي لغزة. وهو ما يدفع بعض العائلات التي تستطيع دفع مبالغ العمليات إلى إجرائها في مستشفيات خاصة، لكنّ معظم العائلات ليس في إمكانها دفع تكلفة العمليات، فتنتظر مع المنتظرين.
المشكلة الكبرى تكمن في قلة توظيف الأطباء عبر اللجنة الإدارية في غزة وحكومة رام الله التي أوقفت التوظيف منذ 11 عاماً، وهو ما يجعل خريجي الطب لا يرغبون في التوظف في وزارة الصحة في غزة، لأنها لا تمنحهم راتباً كاملاً. بذلك، لم تتمكن الوزارة من تعيين كوادر جديدة منذ أكثر من عامين.
"م.ع." طبيب مسالك بولية، يرفض الإفصاح عن اسمه الكامل لأسباب شخصية، يوضح لـ"العربي الجديد" أنّ كثيراً من الأطباء ممن عادوا للعمل في غزة خلال فترة الانقسام الفلسطيني ما بعد عام 2007 عانوا من ظروف اقتصادية صعبة، بالرغم من أنّهم قدموا واجبهم المهني على أكمل وجه، وعملوا على تغطية الحالات المرضية في كلّ عدوان من الثلاثة التي مرّت بها غزة في السنوات الأخيرة، والأزمات المرضية الكثيرة. لكن، نتيجة ذلك لم يلقوا أي اهتمام من الحكومة في غزة أو حكومة رام الله التي وعدتهم في التثبيت كموظفين رسميين.
يقول: "الطبيب في غزة يعمل من دون أي ضمان مستقبلي، ولا يعرف مصيره، نعمل ساعات متواصلة، وفي وقت الأزمات نعمل أكثر من 12 ساعة متواصلة، لكن مقابل هذا لا يوجد أي مقابل مادي أو محفزات، بل فقط شهادات شكر، لذلك، فالكثير من الأطباء هاجروا". هو بالذات ينتظر فتح معبر رفح للتوجه والعمل في الجزائر التي وفرت له فرصة عمل في مستشفى عسكري كبير في العاصمة.
أما حسن الرملاوي وهو طبيب نساء وولادة، فقد غادر غزة بعد تدمير منزله في العدوان الأخير عام 2014، وتمكن من اجتياز معاناة الانتظار على معبر رفح منتصف عام 2015، وعاد مع زوجته الأوكرانية وأبنائه للعمل في مستشفى بمدينة خاركيف الأوكرانية، إذ لم يجد أي أمان سكني أو وظيفي في غزة التي عاد إليها عام 2011 للاستقرار.
اقــرأ أيضاً
يقول الرملاوي لـ"العربي الجديد": "عينت في وزارة الصحة بعد عودتي إلى غزة. في البداية كان الراتب أقل من راتب أطباء حكومة رام الله، وكان لا يغطي مصاريف أبنائي ولا إيجار المنزل، لكن صبرت وعشت أزمة عدوان 2012 ثم ساءت الأمور وصولاً إلى تدمير شقتي التي بنيتها في منزل عائلتي، وذلك في عدوان 2014". اليوم، لا ينوي الرملاوي العودة إلى غزة.
لا يقتصر الأمر على الأطباء، فمعظم طلاب الطب يفضلون الهجرة للدراسة والعمل خارج قطاع غزة، مع توفر المنح الدراسية، ولا يرغبون في العودة والعمل في القطاع مع غياب الامتيازات وعدم انتظام رواتب وزارة الصحة. سافر عبد المعطي الجمال في منتصف عام 2015 إلى روسيا ضمن منحة من السلطة الفلسطينية لدراسة الطب فيها. هو يرفض فكرة العودة للعمل بمهنته في غزة. يرافقه زميله محمد الطيان وهو الآخر لا يفكر في العودة. يتطلعان إلى تعلم الطب والتخصص بعد ذلك ثم العيش في أي بلد أوروبي او أميركي.
كذلك، لا ينوي أحمد أبو عمرة، الذي درس الطب في تونس، العودة إلى غزة بالرغم تخرجه من كلية طب الأسنان في نهاية شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، فهو يحاول السفر إلى فرنسا للعمل فيها.
مدير عام المستشفيات في وزارة الصحة في غزة الدكتور عبد اللطيف الحاج يؤكد على الصعوبات اليومية التي تواجهها الوزارة ومستشفياتها في ظل ندرة اختصاصات مهمة مثل النساء والولادة والعظام والباطنة والجراحة العامة والتخدير والأطفال. وتحتاج مستشفيات القطاع أيضاً إلى اختصاصات فرعية، مثل الأمراض المناعية والجهاز الهضمي والصدرية والأورام والأوعية الدموية وغيرها.
يضيف الحاج أنّ القطاع يضم 2000 طبيب عاملين في 12 مستشفى حكومي، منهم 800 اختصاصي فقط، ما يعني أنّ هناك طبيباً واحداً لكلّ ألف مواطن، وهي نسبة خطيرة جداً في منطقة ضيقة محاصرة. وتتعاقد الوزارة مع أطباء مؤقتين لسد العجز براتب 1800 شيكل (500 دولار أميركي) شهرياً، لا يتقاضون منها حالياً أكثر من 280 دولاراً.
اقــرأ أيضاً
قد يحتاج مرضى غزة إلى أكثر من عام لإجراء بعض العمليات الجراحية في المستشفيات العامة نظراً لقلة الأطباء العاملين في المستشفيات الحكومية، إلى جانب عدم توفر جميع الاختصاصات، بالإضافة إلى انتظار المريض طويلاً موعد زيارة العيادات الخارجية للفحص، وقد ينتظر الفحص فقط أكثر من 4 شهور.
في ظل قلة الأسرّة التي تبلغ 2200 سرير، وهو عدد قليل جداً قياساً بعدد السكان في قطاع غزة الذي تجاوز مليونين و86 ألف مواطن بحسب وزارة الداخلية في غزة لشهر سبتمبر/ أيلول الماضي، تزيد المعاناة التي تدخل مرحلة الخطر في الجانب الطبي لغزة. وهو ما يدفع بعض العائلات التي تستطيع دفع مبالغ العمليات إلى إجرائها في مستشفيات خاصة، لكنّ معظم العائلات ليس في إمكانها دفع تكلفة العمليات، فتنتظر مع المنتظرين.
المشكلة الكبرى تكمن في قلة توظيف الأطباء عبر اللجنة الإدارية في غزة وحكومة رام الله التي أوقفت التوظيف منذ 11 عاماً، وهو ما يجعل خريجي الطب لا يرغبون في التوظف في وزارة الصحة في غزة، لأنها لا تمنحهم راتباً كاملاً. بذلك، لم تتمكن الوزارة من تعيين كوادر جديدة منذ أكثر من عامين.
"م.ع." طبيب مسالك بولية، يرفض الإفصاح عن اسمه الكامل لأسباب شخصية، يوضح لـ"العربي الجديد" أنّ كثيراً من الأطباء ممن عادوا للعمل في غزة خلال فترة الانقسام الفلسطيني ما بعد عام 2007 عانوا من ظروف اقتصادية صعبة، بالرغم من أنّهم قدموا واجبهم المهني على أكمل وجه، وعملوا على تغطية الحالات المرضية في كلّ عدوان من الثلاثة التي مرّت بها غزة في السنوات الأخيرة، والأزمات المرضية الكثيرة. لكن، نتيجة ذلك لم يلقوا أي اهتمام من الحكومة في غزة أو حكومة رام الله التي وعدتهم في التثبيت كموظفين رسميين.
يقول: "الطبيب في غزة يعمل من دون أي ضمان مستقبلي، ولا يعرف مصيره، نعمل ساعات متواصلة، وفي وقت الأزمات نعمل أكثر من 12 ساعة متواصلة، لكن مقابل هذا لا يوجد أي مقابل مادي أو محفزات، بل فقط شهادات شكر، لذلك، فالكثير من الأطباء هاجروا". هو بالذات ينتظر فتح معبر رفح للتوجه والعمل في الجزائر التي وفرت له فرصة عمل في مستشفى عسكري كبير في العاصمة.
أما حسن الرملاوي وهو طبيب نساء وولادة، فقد غادر غزة بعد تدمير منزله في العدوان الأخير عام 2014، وتمكن من اجتياز معاناة الانتظار على معبر رفح منتصف عام 2015، وعاد مع زوجته الأوكرانية وأبنائه للعمل في مستشفى بمدينة خاركيف الأوكرانية، إذ لم يجد أي أمان سكني أو وظيفي في غزة التي عاد إليها عام 2011 للاستقرار.
لا يقتصر الأمر على الأطباء، فمعظم طلاب الطب يفضلون الهجرة للدراسة والعمل خارج قطاع غزة، مع توفر المنح الدراسية، ولا يرغبون في العودة والعمل في القطاع مع غياب الامتيازات وعدم انتظام رواتب وزارة الصحة. سافر عبد المعطي الجمال في منتصف عام 2015 إلى روسيا ضمن منحة من السلطة الفلسطينية لدراسة الطب فيها. هو يرفض فكرة العودة للعمل بمهنته في غزة. يرافقه زميله محمد الطيان وهو الآخر لا يفكر في العودة. يتطلعان إلى تعلم الطب والتخصص بعد ذلك ثم العيش في أي بلد أوروبي او أميركي.
كذلك، لا ينوي أحمد أبو عمرة، الذي درس الطب في تونس، العودة إلى غزة بالرغم تخرجه من كلية طب الأسنان في نهاية شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، فهو يحاول السفر إلى فرنسا للعمل فيها.
مدير عام المستشفيات في وزارة الصحة في غزة الدكتور عبد اللطيف الحاج يؤكد على الصعوبات اليومية التي تواجهها الوزارة ومستشفياتها في ظل ندرة اختصاصات مهمة مثل النساء والولادة والعظام والباطنة والجراحة العامة والتخدير والأطفال. وتحتاج مستشفيات القطاع أيضاً إلى اختصاصات فرعية، مثل الأمراض المناعية والجهاز الهضمي والصدرية والأورام والأوعية الدموية وغيرها.
يضيف الحاج أنّ القطاع يضم 2000 طبيب عاملين في 12 مستشفى حكومي، منهم 800 اختصاصي فقط، ما يعني أنّ هناك طبيباً واحداً لكلّ ألف مواطن، وهي نسبة خطيرة جداً في منطقة ضيقة محاصرة. وتتعاقد الوزارة مع أطباء مؤقتين لسد العجز براتب 1800 شيكل (500 دولار أميركي) شهرياً، لا يتقاضون منها حالياً أكثر من 280 دولاراً.